الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 16th May,2005 العدد : 106

الأثنين 8 ,ربيع الثاني 1426

وميض
التحولات الجديدة في بينالي الشارقة
عبد الرحمن السليمان
منذ انطلاق بينالي الشارقة الدولي للفنون وأنا أحرص على متابعته وحضوره، بل كنت أحد المشاركين في عدد من عروض دوراته السابقة وندوته المصاحبة. بدأ البينالي عام 1993م متجهاً نحو الفن التشكيلي العربي ومعه كان السعي إلى تحقيق العديد من الأهداف السامية التي كان الإبداع العربي ركيزتها، لم يخلُ الدليل المرافق للبينالي في الدورة الأولى من ذلك فقد كان الهم والتوجه عربياً صرفاً مع محدودية للدول الأجنبية التي لم تتجاوز حينها وحسب الدليل السبع دول، كانت إيطاليا وفرنسا وقبرص والصين وباكستان ورومانيا، وبولندا التي لم يُعيَّن اسم الفنان المشارك منها، وجاء ضمن النظام العام للبينالي أن (تساهم البلاد العربية في البينالي على أساس الوحدة الثقافية العضوية التي تجمع هذه الدول وتتم دعوة بعض دول العالم للاشتراك في كل دورة وفق معايير تحددها اللجنة الاستشارية)، كما جاء في النظام أن من أهدافه (نقل الحركة التشكيلية العربية من إطارها الجغرافيا لتتسع وتنتشر على المستوى العالمي وتعميق حوارها الفعال والمثمر مع الأعمال الإبداعية العالمية في المجال التشكيلي).
كانت النظم والضوابط التي انطلق بها البينالي وكأن استشراف المستقبل القريب أبعد مما جاءت عليه هذه النظم، فسرعان ما أحدث البينالي تطوراً انعكس على مستوى الأعمال والمشاركات والدعوات الموجهة للوصول به في آخر محطتين (السادسة والسابعة) إلى التغاضي عن بعض أهدافه الأولى منفتحاً بشكل كبير على أحدث نتاجات الفنون التي خرجت به إلى عالم أقرب إلى السينمائية منها إلى التنوع المطلوب في مثل هذا المحفل الذي بدا أكثر عولمة من العولمة ذاتها بأن همش الكثير من الإنجازات التشكيلية العربية المشهود لها على المستوى الدولي.
أرى أن مثل هذا التحول السريع في توجه البينالي حسنة في سياق التحديث الثقافي العام في الوطن العربي وهو تحديث مطلوب إذا ما روعيت فيه العديد من الجوانب الإنسانية والثقافية التي تلامس القضايا العربية الراهنة.
شهد البينالي خلال مسيرته تحولاً من الإطار الرسمي، إلى الرسمي الشخصي، إلى الشخصي جداً، كانت الدورات الأولى عن طريق المؤسسات الحكومية أقل بكثير كما ظهر عن طموح البينالي بأن يكون له المستوى الذي يواكب على الأقل نظيره في القاهرة التي أوجدت لهذا الإشكال مخرجاً منذ دورات البينالي الأولى، كانت الدعوات الشخصية في الشارقة بمثابة التطعيم ضد المستويات الهزيلة للبعض، كانت معظم الجوائز تذهب إلى هذا النوع من المشاركات، وكان البينالي بورشه وعروضه الشخصية والتواجد العربي أكثر حيوية بالنسبة لنا نحن العرب وأكثر حميمية أيضاً. في الدورة الأولى للبينالي حصل الفنان الإماراتي حسن شريف بأحد أعماله الجديدة (المفاهيمية) على جائزة مجاملة تسمى في الغالب جائزة لجنة التحكيم وكأني بالفنان شريف لم يكن يتصور حينها أن البينالي سيتحول إلى بينالي للأعمال المفاهيمية حتى على مستوى المعرض الجماعي لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية التي نسق لمشاركتها الفنان محمد كاظم وهو أحد الفنانين الإماراتيين الشباب المتأثرين بهذه النزعة.
إن التطور والمواكبة في كافة المجالات وخصوصاً الثقافية مطلوب، وهذا التسارع في أخذ بينالي الشارقة هذا التوجه نحو ما هو أحدث على المستوى العالمي قربنا من كثير من الإنجازات التشكيلية العالمية وقد لا نختلف في أهمية مثل هذا التوجه لكننا بالمقابل نستشعر مقدار الحيرة والاستفهام والكدر على وجوه بعض الفنانين العرب الذين عرفوا بهذا التوجه الذي حرمهم من مناسبة مهمة على مستوى التشكيل العربي، كانت زيارتي للبينالي في دورته الأخيرة بصحبة بعض الفنانين التشكيليين السعوديين ومع قابليتهم للانفتاح على ما هو أحدث إلا أنهم وجدوا أن هذا الركض خلف توجهات بعينها يعني أننا أمام خيارين لا ثالث لهما: إما مواكبة وتقليد ما يحدث أو الانكفاء، مكتفين بالفرجة والدعاء للبينالي بالاستمرار والنجاح.


solimanart@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved