Culture Magazine Monday  16/07/2007 G Issue 207
فضاءات
الأثنين 2 ,رجب 1428   العدد  207
 

المطبوع العربي
قاسم حول

 

 

معروف أن سوق الكتب أصبح مزدحما بالمطبوعات بعد أن تطورت وسائل الطباعة والنشر ورخص ثمن المطبوع بوجود الحاسوب الذي وفر على الناشر التنضيد والتصحيح. وأيضا فإن الكتاب كثروا بسبب رخص الطباعة وبسبب ظهور عدد من الشعراء بعد فقدان الوزن في القصيدة وغياب التفعيلة وحضور نشاز الموسيقى بسبب ظهور عدد من الروائيين وكتاب القصة بعد أن كسدت تجارة الحدث الغريب والمثير للكتابة عندما غرقت الأمة العربية بالأحداث الدامية والحروب والهروب واتخاذ الغربة صيغا متعددة، واحدة ذاتية وثانية وطنية وثالثة عربية ورابعة أوربية وكثر كتاب النقد لسهولة الأداء وكثرة الصحف التي تريد أن تملأ صفحاتها يوميا ولا أدري من يقرأ لمن ومن يكتب لمن.. صاحب الجريدة على ما يبدو يحصل على إعلانات الشركات ويأتيه الدعم المنظور وغير المنظور وهو يريد أن يصدر الجريدة قرأت أم لم تقرأ.. المهم أن يمشي المواطن فيجد على الأرصفة تلك اللوحة التي باتت مألوفة لعشرات الصحف وعشرات العناوين ومثلها المجلات بالورق الصقيل والمسلفن ففي مطبوع المرأة تجد هي وزينة وسيدتي ولها وعنها ومنها والجنس الناعم وعن الرجل ما عليك سوى أن تقلب التعبير والمعنى، ومجلات الأطفال من رحلات السندباد وحتى طفلك وطفلي وطفلها وطفلهم وطفلهن. كل جريدة تريد لها مجلة وملاحق وكل مؤسسة تصدر مجلة وكل مدير يريد إنفاق بند الإعلان.

لا بأس.. دليل عافية.. دليل خير.

المنافسة تؤدي للأحسن والبقاء للجودة.

أنا أحيانا أستغرب من أين يأتي مصممو الأغلفة بكل تلك النساء من المغنيات وعارضات الأزياء لكي يزينوا بها أغلفة المجلات النسائية؟! ثم من يقرأ كل تلك المجلات سيما بعد هذا الكم الهائل من الفضائيات والتي بعض هذه الفضائيات ليست أكثر من شابة جميلة لا تملك سوى موهبة (خليكو معنا)

من المستحيل أن يتمكن أطفال العرب من تصفح كل تلك المجلات وأمامهم كل كرتون الأرض وبرامج الأطفال على كل تلك الفضائيات، ثم أن أغلب ما ينشر في المجلات والصحف يقرأ في فضائيات هذه الأمة فلماذا أشتري الصحيفة والمجلة.

أنا أريد تفسيرا واحدا وأنا أعيش في الغرب وأرى عدد المطبوعات في هولندا مثلا وأحصي عدد المجلات النسائية ومجلات الأطفال ومجلات الثقافة، حيث لا يمكن أن تغامر شركة بإصدار المطبوع سوى بعد دراسة للسوق ومعرفة عدد القراء والمتصفحين وسوى ذلك فهي تخسر ولا تجازف بإصدار المطبوع حيث الوارد المنظور وغير المنظور له شروطه وليس سهلا كما في بلداننا البترولية.

الصحف اليومية والمجلات تعرض وتبقى في مكانها. وهناك الكثير من الصحف والمجلات لا تبيع حتى نسخة واحدة ومثل هذه المجلات والصحف كثيرة. هذه الصحف التي تبقى في مكانها ولعدد هائل من العناوين هل ستعود إلى الناشر؟ الجواب كلا، لأن إعادة شحن المرجوع يكلف الكثير من المال والناشر قد دفع أجور الشحن ولا يستطيع دفع أجور المرتجع كما أن الموزع لا يملك من المقرات ما يكفي لخزن المطبوع اليومي الذي لا يباع فتأتي شركات حماية البيئة لتأخذ كل تلك الصحف والمجلات وتعيد تصنيعها، دفاتر للكتابة وورق للمطابخ.... وغير ذلك.

في مجال طبع الكتاب. إذا ما أستثنينا أسماء النجوم التي تبيع ولا يزال ثمة من يتطلع نحوها في عتمة هذا الزمن، فإن بقية الكتاب مهما بلغت موهبتهم وقد ينتجون أعمالا أدبية عظيمة، فإن طريقة طبع الكتاب وتوزيعه تتمثل بالتالي:

يبحث المؤلف عن ناشر يقبل روايته أو ديوان شعره، ويظل يدور بين دور النشر حاملا كتابه بيمينه حتى إذا ما عثر على الناشر أنتظر شهورا أو ربما أعواما حتى يقتنع الناشر أن طبع الكتاب لا يثير غضب الرقابة فهو لا يتفرغ لقراءته لمعرفة مدى أهمية المطبوع وقيمته الفنية بل يبحث عن قيمته الرقابية. يقوم صاحب دار النشر بتوقيع عقد مع المؤلف الناشيء أو الصاعد، ويكون شرط الطباعة أن يشتري المؤف ثلثمائة نسخة من كتابه بعد الطبع بسعر الغلاف، فإذا كان سعر الغلاف خمسة دولارات مثلا يكون المؤلف قد دفع 1500 دولار، فيقوم صاحب الدار بطباعة 350 نسخة فقط يبيع منها ثلثمائة نسخة للمؤلف ويحتفظ بخمسين نسخة يجمل بها ركن داره في معارض الكتب حيث يحمل من كل كتاب عشر نسخ، فيما المؤلف يظل يحلم بأن كتابه قد تم توزيعه في مكتبات الأمة وإن أبناء الأمة منشغلون تلك الأيام بقراءة روايته أو ديوان شعره. وعندما لا يرى كتابه في المكتبات يبدأ المؤلف المسكين بإرسال الإهداءات للكتاب والأصدقاء والصحف ويدفع أجور البريد، عسى أن يحظى بخبر عن كتابه أو يحظى بنقد عن عمله الأدبي هذا إذا كان الناقد رؤوفا ورحيما فيشكر المؤلف ويطري على عمله في صحيفة تزين أكشاك بيع الصحف في الوطن العربي وأوربا ولا يشتريها أحد فتتحول إلى دفاتر بيضاء لطلاب المدارس أو ورق تنظيف للمطابخ أو سوى ذلك بإعادة التصنيع من أجل الحفاظ على البيئة!

في الغرب عندما تصدر رواية جديدة في المكتبات ف إنك في اليوم التالي ترى المسافرين في القطارات وهم يذهبون إلى أعمالهم وفي يد كل مسافر نسخة من الرواية وهو غارق في أحداثها. لأن ثمة شروط وأمانة في العلاقة بين الكاتب والناشر وبين الناشر والقارئ!

- كندا


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة