الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 17th April,2006 العدد : 149

الأثنين 19 ,ربيع الاول 1427

الحازمي.. تاريخ في رجل
بأريج من عطر الشموخ تتخضب كلماتي.. وبعبق من فواحة التاريخ تتزين مفرداتي.. وأجدني مع كل تنهدات أحرفي أسكب بعضا من رحيق العطاء والتضحية.. لذيذ هو التاريخ حين يحتضن سيرة العظماء.. وعظيم حين يلتحف عطاء الأوفياء.. ووفيّ حين يدندن بروائع النبلاء..
أعلم ان كل عباراتي لا تقوى التجديف في موجة من أدبه وتاريخه... ولن تقوى محبرتي الصمود طويلاً أمام كل العظمة التي اختارت ان تُسكب في ثناياها.. لأني بكل اختصار اجد ذاتي دوما في حضرة شيخي كمن يحاول عبثا تكحيل البدر بمرود من ضوء.. لكني احاول ان اتمرد بكلماتي بين الحين والآخر علّي أجد ما يمنحها التغني والبهجة..
ثلاثة عقود وهو يغزل بحنكته الإدارية خيوط الأدب والثقافة.. ثلاثة عقود وهو يمنح ناديه إشراقة حب.. همسة عشق.. صدحة صدق.. ومازال بذات التوهج يواصل مسيرة الاشعاع لكنه داخل الأقواس هذه المرة كما أحب وأعلن.
رجل تمازجت في شخصيته الحنكة بالرصافة.. وتعانق في أدبه الجنون بالحكمة.. وتصافح على ضفاف ثقافته غناء الماضي برقص المستقبل..
نثر بمؤلفاته حبات ضيائه كي تتكسر على استقامة قبساتها فلول الجهل والظلام.. وأهدانا بأدبه الممتع لحظات هناء نسترقها من صخب الحياة فقط حين ترتمي ذواتنا بين أسطره العذبة.. كتاباته الجميلة.. ومؤلفاته العظيمة يستطيع ان يختصر كل الهتاف في قصيدة.. كما يختزل كل الصخب في قصة.
ولست هنا لاستعرض بسيرته.. لست هنا لاذكر بمؤلفاته.. لست هنا لأعرّف المعرّف.. ولا أتحايل على تاريخ افتخر ويفتخر بكل خطواته حتى غدا الثرى في شوق لوقع خطاه.. لكني هنا لاثبت بمثال حي ان ريح الموت لا تقوى ان تعبث برغبة الابداع للحياة.. أنا هنا لأبرهن ان العظمة ليست مجرد اسطورة بل بوح ينداح دوما لروح العظماء.
فحق على كل تاريخ ان يتغنى بسيرته العطرة.. حق على كل لوحة ان تبتهج ألوانها بسحر طبيعته.. حق على كل ريحانة ان تشرق بعطره حين تختال بين الفل والكاذي.. حق على كل يراع ليس جازانيا فحسب بل عربي ان يهتف باسمه.. ان يكتب مجده.. ويخضع حين حضرته..
وأقسم اني حين أبصر بهجة البياض المتناثر في سمته اشعر ان الادب يزداد وسامة.. كيف لا.. وهو من أذاب كل الصراعات في وهج ابتساماته.. وقتل السواد المتلاطم بقنديل حكمته.. وصيّر من رجاحته ميزانا لم يعرف للتأرجح حينا..
كان ومازال وسيظل رمزا تسبح كينونته أرقى مشاعر الإبداع.. وانقى خواطر الامتاع..
كان ومازال وسيظل شهدا لا تطيب لنا الحياة بأدبها إلا بالرشف من حلاته..
ومخطئ من ظن أنه ترجّل.. فما صنع سوى امتطاء صهوة أجمل.. والشمس أيها السادة لا تغيب.. لكنها ترحل عن موطن للموطن الآخر.. فهنيئا للحياة الأدبية ان وجدت من ينفخ الروح فيها كلما نوت الذبول.. لذلك لن أبكي رحيله عن الإدارة.. ولن اعلن حزني.. وسأهنئ كما اسلفت الحياة..
سيدي الشيخ الأديب العالم - عذرا فلم اعهد في كل لغتي مفردة حب واحدة تضاهي حجم عشقي لك ولأدبك لكن يقال سيدي بأن أصدق وأرقى وأنقى الكلمات هي تلك التي لا تقال فشكر بحجم الحب لك.. وكل الأماني ان تبقى لنا نهر عطاء نرشف الإبداع من عذوبته.. وفجر حب نستظل دوما برحمته.


مفرح شقيقي

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved