الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 17th May,2004 العدد : 59

الأثنين 28 ,ربيع الاول 1425

قصة قصيرة
سارة الأزوري *
براءة
ما إن عاود الهاتف الرنين إلا وشعرت بقلبي يهوي بعنف في جوفي وأخذ العرق يتفصد من جسدي، ترددت برهة بين الإقدام والإحجام، إلا أنني استجمعت فلول شجاعتي.. وبأنامل مرتعشة تناولت السماعة ليتناهى إلى سمعي ذلك الصوت الملحاح يتوسل إلي أن أنصت له إلى أن يتم كلامه..
أنا أحمد محسن، لم يسبق لي أن حادثت امرأة غريبة قط، لكن حينما سمعت صوتك شعرت بميل جارف لك وثقي بأنني سأتقدم لخطبتك.. لكني أخشى أن تكوني بين مجموعة من الفتيات أريد فقط أن أعرف اسمك.
حانت مني التفاتة نحو الباب الذي انفرج عن اندفاع منى صارخة.. ألم تتمي كلامك يا حنان..
سقطت السماعة وخيل لي أن صوتا تناهى إلى سمعي يقول.. نعم.. نعم حنان. تقدم لخطبتي الكل امتدحه ،وسيم وناجح، يفتح له أي باب يطرقه.. الأصدقاء والجيران بالغوا في الثناء عليه.. وأقاربه أمطروه بوابل من الدعاء..
مرت الأيام وبنى بي وعشت فرحة أرفل في ديباج السعادة.. تتراقص الأشياء حولي جذلة مفعمة بالنشوة.
إنسان يحب التجديد والمغامرة.. وكل يوم يفاجئني بكل ما هو مثير.. لكن غموضا ما بين آونة وأخرى يطفو داخله سرعان ما يعود إلى أصله..
وتمر الأيام تترى يبارك صفاءها رضا الخالق، ويكسوها رونقا، نفسي المتسامية عن سواقط الأمور تتجذر الأسئلة في ذهني وتنهال علي دلائل الاستغراب حول خشونة بعض النفوس وصلدها..
عمدت إلى مصلاي وأتممت ركعتين استسلمت بعدهما لنوم هادئ ودعته بعد أن انسلخ برقع الليل عن وجه النهار، وولجت يوما جديدا، انطلقت إلى عملي الذي امتزجت به وامتزج بي.. لكن آلاما مفاجئة اعتصرتني تسببت في بتر ذلك اليوم واضطرتني للعودة إلى منزلي.. بعد أن تفضلت إحدى صديقاتي بإيصالي إلى منزلي.
ما إن استقرت قدماي داخل المنزل ودلفت إلى حجرتي إلا وأصطدم بواقع مرير.. غاص الكلام في جوفي واحتقن الدم في أنفي.. لكني استجمعت أنفاسي وسألت من هذه يا أحمد؟
طاشت سهامه انقلب في ومضة برق إلى شخص آخر لم أعهده.. تعالى صراخه.. وتوالت صفعاته على وجهي.. وكل جزء من أجزاء جسدي نال نصيبه من الركل والضرب مرددا يا (...) ما الذي أتى بك الآن؟ ومع من؟
لم أفق بعدها إلا وأنا في أعماق مأساة أخرى منزل والدي الذي بدوره عمق الألم في نفسي.. الكل يتحاشاني والدي والدتي وإخوتي كلما مر أحدهم بي لم يسلم وجهي من بصقاته.
صدقوه فهو فوق كل الشبهات..
يبدو أن ضربات الضمير توالت على زوجي.. فذات يوم امتثل أمام الوالد يطلب منه السماح له باستعادتي.. لكن والدي طلب منه البحث عن قرينة فضلى تناسب أخلاقه الرفيعة.
كرر طلبه وألح في ذلك بحجة من ستر مسلما.. الأصوات تصلني كأنها تأتي من بعد سحيق.. أحمد ..والدي.. ذهول واستغراب شابا عقلي وما إن هم بالانصراف حتىانطلقت خلفه.. انتظر يا أحمد سآتي معك.


* الطائف

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
المنتدى
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved