الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 17th October,2005 العدد : 127

الأثنين 14 ,رمضان 1426

فشلنا الثقافي
العقل والحكمة.. وفقدنا الحكمة (1) ؟؟
خالد أحمد اليوسف

بعد مرحلة من التلقي والتعلم والتعمق العلمي في مجال علوم المكتبات والمعلومات، ورافق تلك المرحلة المشاهدة والعمل والتعليم التطبيقي الاحترافي، فكانت نتيجة هذه المرحلة الكتابة في هذا المجال العلمي الجديد عليّ، وذلك مما رأيته على أرض الواقع، حيث نشرت لي مقالة تاريخية وصفية بعنوان: أوائل المكتبات العامة في الرياض - على صفحات المجلة العربية (شعبان 1403 هـ)، أي مضى على تلك المقالة ثلاثة وعشرون عاماً ؟؟؟؟، وهنا تأتي مجموعة من الأسئلة التي تطرح نفسها تلقائياً، بعد مرور ثلاثة عقود على دخولي أول مكتبة عامة في حياتي، المكتبة السعودية في حي دخنة ثم دار الكتب الوطنية في شارع الملك فيصل - الوزير -، وأدركت بعد كل هذه السنين أن المكتبة هي دار الحكمة ومفتاح العقل وبوابة الحياة، أما الأسئلة فهي:
هل استطاعت المكتبات العامة في بلادنا أن تساير المفهوم المتعارف عليه علمياً ودولياً لدورها الذي أسست من أجله ؟؟
هل استطاعت النهوض بالمجتمع المحيط بها.. بل هل استطاعت تغيير أو تعديل أو تحريك الفعل نفسه داخل أروقتها..؟؟
طبعاً لا.. خصوصاً بعد تحولها من مكتبات خاصة عامة.. اجتهادية.. وقفية.. خيرية، إلى مكتبات عامة تتبع إدارة مستقلة ومعنية بذلك وقد مضى على هذه الخطوة الإدارية قرابة الأربعين عاماً.
وهذا ناتجٌ عن عجزها الإداري والفني والتقني والتطويري لفترة طويلة جداً، ومازال مستمراً على الرغم من تغير واقعنا الثقافي والعلمي والتقني، وعلى الرغم من تخرج المئات من المتخصصين في مجالي المكتبات والمعلومات!!؟
لكن المتابع لوجودها عمراناً وكياناً يذهل لهذه المقدرة الرائعة في إنشاء مباني المكتبات العامة في كل - تقريباً - المدن السعودية، وأجزم أنها تفوقت على كثيرٍ من المنشآت في تصميمها وتوزيعها وتخصيص القاعات ومرافقها.. لكن لماذا حدثت هذه الفجوة بين الشكلِ والمضمون.. بين المبنى والمحتوى.. بين التكوين والاستفادة.. بين الأمل والحلم والواقع.. بين الإدارة والعاملين من جهة والمستفيدين من جهة ثانية ؟؟؟؟.
لماذا كل هذا الزمن والفترة الطويلة جداً - أربعون عاماً - ولم تكف أن تؤسس وكالة أو إدارة عامة عليا خاصة بهذه المكتبات، وقد تجاوزت حسب التقارير المكتوبة ثمانين مكتبة، يعمل فيها - توقعاً - ثلاثمائة موظف.. ؟؟
ولي ولكم تلمس واستنباط بعض الظواهر
والأسباب التي نتجت عن هذه الحالة:
1- استمرت المكتبات العامة على التعريف والمفهوم القديم الذي صاحب التأسيس في بلادنا، وقد بدأت كعمل خيري وقفي يقوم على جهدٍ واحدٍ، وعقلٍ منفذٍ إداري واحد، لا يرتقي بها.. لا يفكر بالقارئ العام.. لا يبحث عن سبل تطويرها !!
2- لعل إدراجها وتأسيسها ضمن أعمال وزارة المعارف - التربية والتعليم - من أهم الأسباب المؤثرة على مسارها، حيث كل إدارة لها تفسير وتعليل لهذه المكتبات فمنهم : من نظر إليها على أنها جزء من المكتبات المدرسية ؟؟، وهناك من رآها مستودعات للكتب الجديدة والقديمة أو التي لا داعي لها في مكتبات المدارس، وهناك من رأى أنها جزء من وكالة الوزارة للشؤون الثقافية كعمل وظيفي فقط، وكل النتائج واحدة في واقع المكتبات العامة!!
3- حولت هذه المكتبات إلى إدارات تدريب وتغيير وإصلاح من يُرجى صلاحه !!، وأقصدُ بذلك المعلمين الفاشلين في التربية والتعليم، والمعلمين العاطلين عن العمل، والمعلمين غير القابلين للتطور والتحسن.. أي موقع معالجة للموظفين غير المرغوب فيهم.
4- جل الموظفين العاملين فيها غير متخصصين وغير مؤهلين علمياً وإدارياً !!؟، ومن لديهم شهادات متخصصة تم القضاء على طموحهم وتطلعاتهم بسبب اللوائح والأنظمة والبيروقراطية الإدارية المقيتة !؟
5- خضعت عملية الشراء والتزويد والاختيار في هذه المكتبات إلى نظام غير عملي نهائياً!!؟، تارة حسب الميزانية، وتارة بحسب الباب الخاص بالتأمين والتزويد، وتارة ما تم شراؤه لمكتبة لا يصلح لأخرى.. لكن كل المكتبات العامة لا فرق بينها لدى إدارتها.
6- مازالت المكتبات العامة بعيدة كل البعد عن التقنية الحديثة، والآلية الفنية المواكبة للتغيرات السريعة في عالم المكتبات والمعلومات.
7- حتى الآن جميع المكتبات العامة للرجال
فقط !؟؟، البحث والاطلاع والقراءة للرجال
فقط ؟؟، الدخول أو التفكير بزيارة مكتبة عامة لدى النساء ممنوع جداً.. جداً.. وهذه إشكالية أخرى في مفهوم المكتبة العامة لدينا، بل من أهم نقاط الضعف في هذه المكتبات وهي العامة.. وكأن المقصود بالعمومية توحي بالرجال فقط ؟؟
8- حتى الآن لم يراع في توزيع هذه المكتبات المساحة والتوسع في المدن، أهي صغيرة أم كبيرة.. الرياض وجدة - مثلاً - وغيرهما من المدن الواسعة المترامية الأطراف، وما يقابلها المجمعة الزلفي عرعر- مثلاً - وغيرها من مدن محدودة المساحة، تتساوى في وجود المكتبة العامة !!؟؟، والمتعارف عليه أن لكل مساحة معينة مكتبة عامة، بل لكل كثافة سكانية مكتبة عامة، سيقال إن الرياض - مثلاً - فيها مكتبتان عامتان في حيي: النسيم والسويدي..؟؟، وهناك عددٌ كبيرٌ من المكتبات تساند هاتين المكتبتين، ونحن هنا نتحدث عن الواقع !!؟
9- المكتبة العامة تشكو من جفوة المجتمع.. ومن الخواء.. ومن اختفاء الرواد والقراء والمستفيدين ؟؟، وهذا ليس غريباً أن يكون هذا هو واقع المكتبة العامة لدينا !!؟، لأن كل الأسباب التي ذكرتها تقف أمام الرواد والمستفيدين من جانب، والجانب الآخر الأهم أنها لم تسع إلى القارئ والمستفيد، من خلال دعوته إليها بطريقة غير مباشرة وتفاصيل ذلك لا حصر لها في الكتب والخطط المتخصصة بالمكتبات العامة ودورها في المجتمع.
والآن بعد انتقال الإدارة المعنية بالمكتبات العامة إلى وزارة الثقافة والإعلام، هل يا تُرى سيتغير المفهوم والنتيجة والواقع ؟؟، هل نرى واقعاً مكتباتياً جديداً ؟؟، هل نواكب المتغير الحياتي السريع ؟؟، هل نعالج كل هذه السلبيات بعقول متعلمة متثقفة بعلوم المكتبات والمعلومات ؟؟.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved