الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 17th November,2003 العدد : 37

الأثنين 22 ,رمضان 1424

مشهد من ثلاثية
المكتوب مرة أخرى .. الدنيا الجميلة
مرت ليال عجيبة في كل فصول العمر طرحت فيها روحي على قارعة الطريق، وعشت في هذا الفصل ليالي لا تشبه الليالي المتشابهة في هذا الفصل ذاته. فقد لايضيء سيل الكلمات المتدفقة هذه الليلة بما يرضي فضول توالي الأحداث المتلاحقة، وأول هذه المتغيرات ما حدث للمرآة العاكسة، لنقل ما يحدث على أرض الواقع بدون غرائبية ورمزية، فقد صار الحوار متشعباً، يمس الروح مساً دون أن تحجب غيمة ثقيلة ضوءاً، تسلل ليضيء هذا الفضاء ويوجد تفاصيل لم تكن مكتوبة من قبل، ولنهتدي بضوئه وذلك شيء طبيعي ما يجب ان يختم به سيرة هذا الضياع..
كنا جميعاً في الغرفة الأخيرة جاء كل سجين منا بطريقة خاصة ومتميزة إلى هذه الغرفة المدهشة ليجد فيها أصدقاء جدداً ووجوهاً لم نعرفها من قبل لنحبها فربما وحدت بيننا القسوة، عرفت في هذه الغرفة أني قد فقدت صديقي الشمالي (ندى) إلى الأبد ولست مجبراً على العودة لوصف لحظات عرفت فيها كيف فقدته ولا وصف نوبات صرع خفي..!
أما أصدقاء الغرفة الأخيرة الذين يعني (المكتوب) بهم فهم في هذا السياق أصدقاء حصوني السابقة الصدف وحدها جمعتنا في هذه الغرفة فشاعري وسيد حصني الأول ما زال بقاؤه ممتداً إلى أجل غير معلوم سجينا في هذه الغرفة ولذلك فمن الحصافة، تأجيل البوح عن سبب وجوده المتوقع لوقت أبعد في هذه الغرفة منتظراً نهاية مدة حكم عليه قد يمتد إلى أجل غير معلوم.
وأكتفي بسرد قصة صغيرة حكيتها له تلك الليلة مرة تندراً من الذين، كانوا سبب سجنه المتعسف وأخرى ترفيهاً له عن مصيبته فلو كان الأمر بيدي، لأخذت في يومياتي قسمتي من سجنه حصة فوق حصتي لأيام معدودات، كان كل المساجين كل له قضية أعجب من قضية الآخر وهم يسمعون، حينما قلت له:
الدراويش في هذا العالم مسالمون إلا الدراويش في بلادنا.. وبصورة أخرى جميعنا دراويش.. ونظرت في وجوه المساجين وهم يصغون ولئلا تفوتني الفرصة، وقد اطمأننت لهم لأنهم فعلاً كغيرهم من الدراويش الذين كانوا سبباً لوجود بعضهم هنا.
شاعري اكتفى بزفرة صغيرة ووصية إذا خرجت غداً قبله من السجن أن أهتم بطبيعة الحال ببعض أموره ومنها رعاية ومتابعة الخدم الهنود راوي وزوجته مصباح وقد قصفت عنق وردة، زرعت شجرتها في ذات زمن مضى كنت أسيراً في حصنه الأول أولى خطواتي لرحلة الضياع الممتدة، وقدمتها ببراءة لمصباح الهندية فرفضتها..!
بقيت كتلة من الغضب المشتعلة في صدره وشاعري بالمناسبة وصاحب حصني الأول، كان أول من نبهني إلى تعدد المسارات وتنوعها برفضه الدائم لأن يسمح لنفسه لحظة واحدة ان يعيش حالة استلاب واضحة ويضحك..
أما قصة صاحب حصني الثاني هنا فشيء أغرب من الخيال ذاته إذ ندب صاحبي الكناس، فتلبست زوجته حالة عزاء وامتدت اشهرا في ثياب الحزن الشديد بسبب موت فجائي، أصاب أسرتها في حالة نادرة عجيبة فاستغل حالة غيابها المستمر، وسافر إلى مملكة نيبال وعاد معه بهدايا هم عدد من رعاياها ليعملوا معه كناسين في الشركة، وليخالط أناس يعرفهم لبيع (تأشيرة) السفر وجاءوا من بلد عشق السفر إليه وليضرب عصفورين بحجر واحد، وليحضر معهم لزوجته المحزونة خادمة جديدة من مملكة نيبال...


صدرت الثلاثية قريباً من إحدى دور النشر البيروتية

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
قضايا
حوار
تشكيل
مسرح
وراقيات
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved