الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 17th November,2003 العدد : 37

الأثنين 22 ,رمضان 1424

هذا الغول المفترس.. ألا من يوقفه عند حده؟!
محمد بن عبدالرزاق القشعمي

فجعت بفجيعة الأستاذ الصديق أحمد الدويحي وهو ينتظر هلال شهر رمضان المبارك، وما عرف بأن ظهور الهلال سيغرب فلذة كبده وبشكل فجائي، يذكر بألم أن ابنه «عبدالله» وفي سنته النهائية بالكلية التقنية يتفجر حيوية ونشاطاً وحماساً، وكان ابنه يداعب الكرة بين عشاءي السبت 29/8/1424هـ مما أزعج تفرد والده بالقراءة فاضطر للخروج ليتسلى مع جيرانه وما علم أن القدر لابنه بالمرصاد، فبمجرد خروج الوالد خرج الابن مع أحد أبناء الجيران ليزاولا ما هو معتاد في شوارعنا في الآونة الأخيرة؛ وهو تفجير طاقات الشباب المهملة والمعطلة وتنفيسها عن طريق «التفحيط» بالسيارات في الشوارع وداخل الحارات التي كثيراً ما تسبب المآسي وبشكل يومي في غالبية مدننا وقرانا وللأسف الشديد دون رادع من مسؤول أو ضابط من سلوك.
لقد جاء أحد إخوة «عبدالله» يستنجد بوالده لدى الجيران بأن سيارتهم قد ارتطمت بعمود كهرباء في الشارع وأنه قد نقل للمستشفى، فهرع مع المجموعة إلى حيث نقل واستقبلهم بمدخل المستشفى المعزون.. وهكذا انتهت حياة ابنه.. أما صاحبه ففي الإنعاش، وبهذا نودع شبابنا ونفجع بأغلى من نحب وتبقى الأم الثكلى تندب حظها ويبقى الأب الحالم بمستقبل زاهر لابنه الذي سيخلفه تحمل المسؤولية بعد تقاعده ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
لم أعرف بما حل بالصديق إلا في اليوم التالي مثله مثل صديقي أحمد المغلوث بالأحساء.. فقبل شهر ونيف وأنا أهاتفه بالصدفة وإذا هو يبكي ما بك يا أبا عبدالله؟
فيجيب ابني حبيبي محمد وقع له حادث مع أبناء عمه بالأمس وقد تقرر بتر يده التي كان ينافسني بها بالرسم.. وهو الآن بالعناية الفائقة.. ولم أملك إلا الدعاء وطلب الصبر لوالده.. وما هي إلا أيام معدودة وينتقل إلى الدنيا الآخرة في زهرة شبابه.
وهكذا تتكرر المآسي ويزداد عدد من نفقدهم من أبناء الوطن الغالي ومن لم نفقده يصبح عالة على المجتمع ويضاف إلى الأصفار من الشمال حيث المعاقون الذي تغص بهم المستشفيات أو تواريهم المنازل داخل أبوابها.
إلا من حل لهذه المشكلة؟ من يتطوع للقضاء على هذا الغول المكشر عن أنيابه؟ من يوقفه عند حده؟ من نناشد؟ إلى من نستجير؟ أصبح الشباب ضائعاً أو شبه ضائع فلا البيت يملك القدرة على التعامل والتكيف مع رغباته وطموحاته ولا المدرسة قادرة على كبح جماحه وتوجيهه الوجهة الصادقة الصحيحة، بل أصبح الشارع هو الملاذ وهو القادر على استيعابهم واحتفائه بجلساء الشر ورفقاء السوء فضاع الكثير من شبابنا وللأسف، فكثرت عصابات المتاجرة بالمخدرات وإيقاع شبابنا ببراثنها أو الخطف والسرقات أو بالتفحيط والتظاهر أمام الأطفال بالمجيء بالمعجزات وما يدري أن عمله هذا سينهي حياته وحياة من يتعرض له منهم.
فالكثير انتهت حياته على هذا الشكل، والإحصاءات كثيرة فكل يوم يذهب العشرات بلا تعويض.
ما مصير هؤلاء الشباب صغار السن الذين يتسربون من المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية وحتى الجامعة، أليست الجهات المعنية من وزارة التربية والتعليم والداخلية والدفاع وغيرها أليست قادرة على دراسة وتحليل الأسباب وإيجاد الحلول المناسبة.. لقد أصبحت المدارس مجرد أداة تلقين والنتيجة تحصيل حاصل لقد سبق أن ناديت ونادى الكثير منذ أكثر من خمسين عاما بأن تطبيق ما يطبقه غيرنا من الدول الأخرى وهو «التجنيد الإجباري» للشباب خير وسيلة لتدريبهم وتأديبهم وترويضهم وتأهيلهم وتعليمهم صنعة مفيدة فبمجرد انتهاء فترة التدريب يهيأ لهم عمل أو يعودون للدراسة ويتابعون بشكل دائم حتى يعوا واجبهم ودورهم الطبيعي قبل أن يتحولوا أعداء لأنفسهم ومجتمعهم.
أرى أنني قد خرجت عن الموضوع فواجبي أن أقدم العزاء وطلب المغفرة للمتوفين، والسلوان والصبر لوالديهم وللصديقين العزيزين أحمد المغلوث وأحمد الدويحي.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
قضايا
حوار
تشكيل
مسرح
وراقيات
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved