الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 18th April,2005 العدد : 102

الأثنين 9 ,ربيع الاول 1426

قصة قصيرة
دجاجة تني
صالح الصقعبي
(زحمة يا دنيا زحمة) هكذا كانت تردد بلغتها وعلى طريقتها تسألني عن لغتها وهل تختلف عن لغتنا أرد بسرعة فائقة لأقول نعم وبقوة كقوة الاختلاف فقد كانت النغمة الصوتية لما تطلقه حنجرتها.. قا.. قا.. قا.. لا تستغرب أنها دجاجة وفي حظيرة مزدحمة بأشقائها وشقيقاتها في مثل هذا المكان يتجاور الحفيد مع الجد والوليد مع التليد كله معد للذبح لم تكن هذه المجموعة من الدجاج تعي مصيرها المحتوم.. وحدها هذه الدجاجة نمت لديها قنوات استشعارية.. ذات يوم فرت من بين يدي سجانها واعتلت المبنى لا تعرف مكوناته ولا أدواره ولا مكاتبه كل ما تعرفه الحظيرة التي تقيم فيها مع باقي أفراد عائلتها من الدجاج.
استوقفها نحيب مفجع.. لم يكن الصوت غريبا عنها.. سمعته أكثر من مرة ولكن لم يكن بهذه النعومة كان حادا أمرا متجبرا وفي هذه المرة متوسلا نعم إنه هو مدير المزرعة.. (أعطني فرخ نسر.. وخذ كل دجاج الأرض) أخذ يرددها عدة مرات وبصور من المرارة الملونة.. هنا وهنا فقط اكتشفت رخصها وهوانها على الناس.. فرخ نسر.. نظير كل دجاج الأرض.
ما أتفهنا نحن عالم الدجاج تصرخ في أحيان كثيرة وسط الحظيرة كلما استشعرت تفاهتها لدى مالكها لم يطل بها المقام في هذه الحظيرة ذبحت كغيرها وبيعت ضمن أخوات لها قد تمددنا في ذاك المزاد ولكن حصل لها ما لم يحصل في عالم الدجاج.. كلهن تموت ذاكرتهن بعد قطع الرأس إلا هي.. فلم يكن مركز المعلومات لديها في الرأس بل كان مختفيا في جسدها ويتنقل ويختفي كما هي حكاية سلاح الدمار الشامل ولم تطل الرحلة كثيرا لتصل إلى ثلاجة مختلفة ومصدر ذلك الاختلاف خلو الثلاجة من أي أخ أو صديق أو شقيق كانت لوحدها.. لم تكن معاني ومفردات السجن غائبة عنها فقد عاشتها في الحظيرة وبكت من ظلم السجان كثيرا ولكن هذه المرة هي بمفردها نعم إنه السجن الانفرادي هكذا صنفت الدجاجة وضعها في هذه الثلاجة..
وهنا أصبح من الواجب عليها أن تحاول التقاط بعض ما يدور خلف هذا العالم.. وفي كل لحظة عجز تندب حظها العاثر الذي جعل غيرها من أمة الدجاج لا تحس بما حولها وهي عائشة وجعل منها تدرك ما في رأسها حتى بعد قطعه أنصتت.. كمحاولة أخيرة للتعرف على ما يدور خارج هذا السجن الانفرادي.. ماذا..
تني.. ماذا تعني هذه الكلمة لقد سمعتها طويلا.. تم الإفراج عني عدة مرات ووضعي في ماء وسلخ جلدي وعندها كنت أحمد الله على أن معاناتي أوشكت على الانتهاء لأعود ثانية إلى الثلاجة ويتم تجميدي وخلف هذا كله كلمة من ثلاثة أحرف.. ت.. ن.. ي..
تني.. إذا هذا هو السيد الذي كلف بإنهائي عبر معدته وأمعائها وليس لدي أي اعتراض على هذه النهاية ولكن ما يؤلمني هو هذا التعذيب المتكرر تم إخراجي من الثلاجة لكون تني أمر بإعدادي غداء له وبعد سلخي بالماء الحار أعدت إلى الزنزانة مرة أخرى لكون السيد تني سيتناول غدائه في الخارج أخذت أشتاق للحظة الغروب عل تني يطلبني على العشاء وتكرر المشهد لعشاء مفاجئ آخر خارج زنزانتي..
وكان يوم مشهودا عندما قرر السيد أن يولم لأصدقائه حيث جلب العديد من حفيداتي اللاتي فوجئن لكوني لم تفرمني أمعاء إنسان بعد.. وجعلوني أول المهضومين في تلك الوليمة.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved