الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 18th April,2005 العدد : 102

الأثنين 9 ,ربيع الاول 1426

تكوين
محمد الدبيسي
محمد حبيبي
سبع سنوات.. مدى زمنياً
يفرق ما بين صدور مجموعته الأولى
(انكسرت وحيداً) والثانية (أطفئ
فانوس قلبي).. ذلك المدى.. يحقق
كما يبدو لي.. متنا شعرياً يرمز بتشكلاته إلى التجاوز..
ويفرز بجلاء الخط الشعري.. لتجربة تتمحور
على فضائها الداخلي.. المتوسد طاقة
الغنائية الحميمة.. التي تفيض بأول
اعتباراتها الدلالية.. في توطين (العنوان)
كحيز دلالي.. يؤكد خصوصية الفعل
الشعري ف(انكسرت، وأطفئ)
بتحقيق دلالتهما لنسبة ذلك الفعل الشعري..إلى الشاعر..
وتوثيق تلك النسبة لحالة (الوحدة)..
و (الانطفاء).. كجذرين دلالين.. تتمدد
سياقاتهما في مجموعة النصوص..
مشرعة آفاقاً عدة للتشاكل والتضاد..
عبر بني واعية بالتباس العلاقة بين
الشاعر.. والوجود .. والشاعر
والحميمية..
المجردة.. والمتعالقة بأجواء الذات..
حال تماديها في كسر طوق تلك العلاقة..
وشق مساقات التواشيج بين
الأدوات النصية، الرؤية.. والشكل والإيقاع اللغوي..!
المشهد الشعري لدى (حبيبي).. يتشكل
وفقاً لحالة وجدانية تمس عوالمها
القريبة المرئية.. تلقي عليها الظلال
الحواس.. تفضي مكامن روحانيتها وهواجسها:
(سنة كاملة ننتظر ننزع ورقات التقويم بدلنا قطعان أثاث ديكورات
لبسنا الأطفال جديد ثياب أترعنا علب الحلوى لم يتبق سوى البسمات
علقناها ومضينا مع فرحة أطفال العيد)
التفاصيل النمطية للمشهد.. تستيقظ
حال استدعاء الشعرية لها.. لتعيد نظم
متوالياتها.. وتأثيث نطاقها (الساكن)
بحركية جمالية.. تكسر حوافها وأطرها
الجامدة.. باستشعار يجعلها مناطاً للكشف والتحقق الجمالي..!
في المقطع السالف.. تتعدد الافعال.. بتعدد
الأشياء والموجودات.. وتنظم الصياغة
هذه المتواليات.. بحسب اقترانها باللحظة الشعرية..
.. تنزع على المشهد رؤياها الكشافة.. لتحليله إلى
محط للاستبصار والأسئلة..!
البيت المكان في (نصوص البيت)
ل(محمد حبيبي) .. تكشف عن علاقات جديدة
لأجزاء المكان.. وماهيات أخرى للأشياء..؟
وعوالم لا ترى .. للنظر العابر..؟
شرايين حياة جديدة.. تبدو وكأنها في لحظة اندهاش
فجائي اصطدام برتابة منظرها
(تلك الشقة ضيقة جداً لم نتخيل أن تستوعب كل السنوات العشر أن
نفرش كل زواياها ردهات فارهة ل.. الحب
سنوات وهي تراقب.. لم تتطفل حتى
استقبلنا أول عصورين انتبهت جنبات
الشقة صارت تتوسع أكثر.. أكثر..)
فسلبية المكان الشقة.. وضيقها وصلادة وصمت أجزائها الرتيبة..
تتحلل وتذوب.. لتتماهي في اللحظة الشعرية
وعبر فاعلها (الشاعر) .. الذي وطد منذ العنوان
تلك الفاعلية باعتداد.. يتجلى عبر تنامي
اضاءات المخيلة الشعرية للردهات..
التي تفضي بدوالها الجمالية بأناة تنوع
في همسها المنظور نصياً.. ما يمنحها الاعتبار
الفني.. وبأسلوبية ترسم فيض مخزونها
الوجداني من ذات المعجم (البيتي) كرموز
مكانية (الشقة الفرش الزوايا
الردهات جنبات تتوسع)..
فالصياغة لا تلوب بمفردات المخيلة
وتعبيراتها الشعرية.. بل تشع
من موجودات الأشياء.. ترتب
نسقها الشعري.. وتفارق اعتساف
اقحامها في وصف يتوخى الشعرية.. بقدر
ما تحقن المفردات بوعي يجسد
نطاق تشعرنها.. استناداً لفاعلية الشاعر
الذي يستقصى أبعاد (موجودات وأشياء وحالات)
قد لا تعيرها حواس الشعراء أهمية..
لاعتيادها النمطي المفرغ من إحالات
الجمال..وإمكانات الاستدعاء الفني..
.. أو ضروب القيم الجمالية العامة..؟
ولكنها لدى (حبيبي) عوالم مشعة بصمتها..
تتخلق شعرياتها وطاقاتها الجمالية.. من استيداعها
في الجانب المهمل والمهمش..
في التيمات العامة والمعتادة في التناول الشعري..؟
(الشقة، الفرش، الزوايا، الردهات،
الجنبات).. يمنحها الشاعر إمكانات
مخيلته الجمالية.. يوطن فاعليتها المنظورة
بمقاربة هامسة.. كأنما يشرعن أساها المحتجب
عن البوح والإفضاء..؟
أو يقرر الدلالة الفائضة عن (الانكسار والانطفاء..)
** الجملة الشعرية.. لا تستغرق في صياغة
وصفية جامدة.. بل تتجاوز نطاقها التعبيري
ومعيارية دلالاتها المعتادة.. بفعل شعري.. يستنطق
رؤاها.. في مفارقة انتقاء واع..
تلقي بزخمها الجمالي على ذلك المشهد..
كما أن الغنائية الفريدة في فضائها
(البيتي) .. لا تغالي في رفع وتيرة نبرها
الشعري.. بل تقارب تلك (الموجودات)
بالتقاطات متوالية.. تحاذي تفاصيل
(البيت) وتتبع مواقعها وأحيزتها..
وأسمائها..؟ لتتجاوز هذه المظهرية
فتبدأ من المكان.. وتنتهي به.. غير أن
نتائج تكونها الشعري في فضاء البيت.. تنجز
رؤيا مفارقة ومغايرة في آن..؟
تتوخى تمثلاتها النصية في بنى مجازية
تنظم صيرورتها وفقاً لبداهة علنية
مكشوفة في مفردات مألوفة ومكان مألوف..!
وهنا تكمن مفارقتها عندما تقيد نظم جزئياته المتفرقة..
في سياق شعري يؤثث المجردات والتفاصيل.. بتحويلها
إلى دفق وجداني خصب وملح على إجلاء
محتويات البيت وموجوداته..
إلى حركية تتعالق بالحالة الشعرية الزاخرة بالايحاءات..!
وفي (أطفئ فانوس قلبي) يعنون
محمد حبيبي (نصوص البيت)
ويوالي.. تجزيء النصوص في
مفارز (عنوانية) تتتابع مقاطها
نصياً (الشقة سور الغرفة
وسام جدران خطوات).. لتتألف فضاءاتها الدلالية
بحس دقيق يشدها إلى كينونتها الشعرية..
لا تبدي في انفصالها الرمزي أكثر من
رصيدها في ذائقة تلقي تتوجس
الدلالة المباشرة لهكذا ألفاظ..؟
إلا أن انتظامها السياقي في وحدة
دلالية.. تثريها.. (نصوص البيت)
حيث يتلبس سؤالها المتأمل حالات تجاوز الصياغة
الشعرية دلالتها الصورية.. إلى
مكمن تأملي متدفق.. تنزعه
الذائقة الشعرية من موقعه المفصلي.. إلى نسيج النص..
(ثم حنين يجدر أن نحمله ألا نبصر
عري الذكرى، وقعها من رحلوا
مكترثين لأشياء كثيرة نتعب
من لصق الأوراق الجدران
جلود ندبغها شهقات فتحات
مسامير محطات عارية
ننتظر .. ننتظر..)
فالمدى الدلالي.. لا يحاذي الدلالة الصورية..
إنما يجاوز ملمحها المستكين إلى كينونة
الرؤيا الشعرية المحققة وبإشارية ما.. بعدها كفعل
وجودي.. تمسه اللحظة الشعرية وتتشاكل
مع افضاءاته الدلالية.. وتوقع حضورها
المتجلي عبر المقطع السابق.. وبقناعة
تبدو ملزمة في فحواها العميقة..
(الجدران جلود ندبغها) حتى وإن
بدت كدلالة محايدة.. تفضي بنواتجها استباقياً..
ولكنها في بنية التشكيل الشعري
تغاير ذلك الحياد.. وتتسق
في استثمار ذكي مع المنظومة
النصية.. في تنامي جمالي.. يستنطق
مكامن الشعرية في (أجزاء البيت)
محولاً سياقها المعجمي المجرد
إلى (نصوص) .. تلين لشعرية هذا التحويل
الواعي.. الذي يأخذ بها إلى
فضاء الدلالة الجمالية في لحظة تتقاطع
فيها السكونية مع حركة الرؤيا
وتأملاتها الشعورية..؟
إن تجربة (محمد حبيبي) في هذا المنحى
الخاص.. توقظ الحس الكامن
في بداهة الأشياء.. وتكويناتها النمطية
لتستثمر تلك البداهة والنمطية السلبية..
لرسم أفقها الجمالي.. وكينونتها
المحكومة بالوعي الشعري وامكاناته
التعبيرية.. في صياغات تتقارب مقاطها
المحكومة بوحدات وزنية.. توفر قدراً من حساسية
الإيقاع الصوتي.. وثراء موسيقاه..
وإن كانت.. لا تحرص على تماسك..
ذلك الإيقاع في صرامة معيارية.. إلا
أن تحقيقها لذلك المدى من التراسل
بين أجزاء الجملة الشعرية كمياً.. يتسامى
بنوعية المقاربة الشعرية.. وأفق
تواليها الموضوعي.. بما يشبه تأويل
مكونات المشهد الشعري.. ومناجاته بقرارات الذائقة..
وجاهزيتها الفنية.. لتشكيل
جمالي.. يستقي امكاناته من نطاق
البيت ونصوصه!!


Md1413@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved