الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 18th July,2005 العدد : 115

الأثنين 12 ,جمادى الثانية 1426

الصحافة النسائية.. الواقع والمأمول
منيرة المبدَّل
في غضون السنوات العشرالماضية انطلقت مسيرة الصحافة النسائية تمخر عباب الوسط الصحفي والمشهد الثقافي، وظهرت على الساحة عدة (مجلات نسائية) بشكل متتابع زمنيا، ومازالت الساحة تنجب المزيد منها.
ويبرز في خطابها الخصوصية الأنثوية البحتة، إذ هي صحافة موجهّة للنساء دون الرجال في الجل الغالب ومن هنا جاءت الخصوصية التي جعلت مستوى الطرح، ونوعية الموضوعات المطروحة، والطابع العام لهذه المطبوعات يكاد يكون حكرا في توجه أوحد.
فهي تعالج القضايا ذات الطابع الاجتماعي، وتخاطب العاطفة أكثر مما تخاطب العقل والبعض الآخر حَصَر طرحه في المضمار الدعوي، وتوظيف ما يمكن توظيفه في هذا الصدد، فتكونت لدينا عدة مجلات مستنسخة، لااختلاف بينها إلا في مسمياتها وهيئات تحريرها، واكتفت بالعرض والطرح التقليدي من دون تجديد أو تطوير، وإن ثمة تجديد فهو في ناحية الإخراج الفني، وزيادة عدد الأبواب التي عادة ما يكون عبئا على المجلة، أكثر منه خدمة وتطويرا!؟
والتكرار الممل في التناول والطرح، يجعلنا ننصرف عن متابعة مثل هذه المجلات وللأسف نعم أقولها متأسفة، لأننا مازلنا متعطشات لصحافة خاصة بنا، فتخيل معي أيها القارئ العزيز أن موضوعا كموضوع (الخيانة الزوجية) يتكرر طرحه في أكثر من مطبوعة نسائية، ومع ذلك تتعالى الأصوات بالزعم أن كل واحدة من هذه المجلات هي صاحبة السبق في الطرح؟! وكذا موضوعات الزواج، والطلاق، وتربية الأبناء التي عادة ماتطالعنا في قضية العدد أو التحقيقات أو حتى المقالات..
وفي ظل الزخم الهائل من المجلات النسائية، والخطاب العاطفي المباشر بعيدا عن الخطاب الفكري المؤثر والمتزن، والطرح التقليدي؛ فافتقدت بذلك ساحتنا الصحفية الثقافية إلى مجلات تخاطب عقل المرأة، وتواكب تطورها الفكري والتعليمي، وتعكس الصورة الحقيقية للحراك الثقافي النسائي في المملكة التي بدأت خيوط فجره بالانبثاق، وإن كانت مجرد إرهاصات في نظر البعض لكنها تبشر بغد مشرق بإذن الله.. لقد بدت المجلات النسائية بما عليها من مستوى في وقتنا الراهن، متأخرة عن ركب المشهد الثقافي، ولم تقم بدورها المنوط بها في هذا الجانب، ولو وزنا بين هذا المستوى المتواضع الذي عليه بعض هذه المجلات، ومستوى المرأة اليوم بوعيها وثقافتها لواقعنا في موازنة غير متكافئة؛ لقد غاب الخطاب الفكري الثقافي الذي يتناسب ومستوى تطلعات المثقفات وصاحبات الفكر وربيبات القلم؛ مما حدا ببعضهن إلى البحث عن محاضن أخرى، فأصبحت شريكة الرجل المثقف في مطبوعاته وأنا هنا لست ضد المشاركة، لكني مؤيدة لمجلة نسائية راقية في خطابها وطرحها. ويمكن تفسير الواقع الصحفي النسائي، بأنه في معزل عن مستجدات العصر، وما جدّ على الساحة من قضايا وأمور، ولا نعلم لهذه العزلة سببا؟! أهو تجاهل أم تقصير؟! وإن لم تتضح الرؤية بعد، لكن كلا الاحتمالين (أمرّ) من العلقم كما يقال وهي دلالة قاطعة أن ثمة خللا ما، يتطلب الوقوف المتأمل، والانطلاقة الجادة صوب تحديد المشكلة أولا، ثم الولوج في معالجتها..
إن من الأهمية بمكان أن ندرك ضرورة أن تكون لنا صحافتنا النسائية الراقية فكرا وطرحا وخطابا، تسلط الضوء على إنجازات المرأة السعودية في الأدب والفن والعلوم، وتسجل حضورها على كافة المستويات، وأن تكون حضنا دافئا لإبداعها أنَّا كان، وأن تنقل حجم مشاركاتها الواعية في المشهد الثقافي السعودي بكل مصداقية وشفافية..
ووجود مثل هذه المجلات ستكون أقوى دافع، للتواصل الإيجابي بين المثقفة السعودية والمجتمع المحلي والعالمي، بالإضافة إلى الفوائد التي ستعود على مستوى الوعي والتطور، وتحديد الهوية ناهيك على أن تكون ملتقى نسائيا فريدا من نوعه، لايمكن أن تقوم له قائمة إلا بهذا التجمع الصحفي الفكري الثقافي.
وإدراكاً منا أن غياب المراكز الثقافية النسائية، والجهات المعنية بهذا الشأن قد يعزز غياب هذه المطبوعات الحلم، لذلك فإن من البدهي معالجة المشكلة الأصل قبل معالجة المشكلة الفرع.
وتبقى ولادة المجلة الثقافية النسائية، أمنية تراود أطياف مستقبلنا، ننتظرها علىأحر من الجمر.. فالوقت قد حان أن تطل علينا بإشراقتها؛ لتسد ثغرة في ساحتنا الثقافية نفد صبرها...


باحثة وكاتبة
m8n8m@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
المنتدى
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved