(الفقي) الفقيد سعد البواردي *
|
ترجَّل الفارس عن جواده ورحل.. رحل جسداً وبقي روحاً ملهمةً وشاعرةً تتبوأ عرش الشعر في عالمنا العربي المعاصر.
قرأناه في فلسفة (عمر الخيام).. وفي جزالة (أحمد شوقي)، وفي أصالة أبي الطيب المتنبي.
قرأناه مدرسةً تفيض بالحكمة والفصاحة.. والنَّفَس الطويل، شاعراً لا يُجارى وفارساً لا يُبارى.. في مجموعته الشعرية الكاملة تشعر باللهاث وأنت تنتقل من بحر إلى بحر دون أن تغرق في تهومات الشعر، وإنما تُبحر عبر تجلياته الإنسانية الإبداعية التي تمنحك فرصة الاستجلاء للحياة بكل صورها المعبرة والمؤثرة دون تداخل.. ودون تخاذل.
إيقاعه الشعري بمضمونه الشعوري يشعرك بأنك أمام مفكِّر عملاق تملَّك ناصية القلم، ملأ صفحات أوراقه البيضاء بالمداد الحي المعبر؛ كي تزداد بياضاً ونبضاً وحركةً.
أشعر أنني بفقده كاليتيم في أسرة الشعر التي غاب عنها عمدتها.. وعميدها.. ومدرِّسها.. ولكن.. إذا كان الرحيل قَدَراً حتمياً لا استثناء فيه لأحد.. وهو ما نجزم به.. ونؤمن به.. فإن مُصابنا بفقده.. وبكل مَن وهب حياته لخدمة أناسه وإنسانيته يُخفِّف منه وقع إيماننا بأنه أثرى.. وأعطى.. ولم يَسْتَبْقِ شيئاً حتى يوم رحيله الحزين.
الفقي بمدرسته الشعرية.. وبتلاميذه الكثر، وأنا أحدهم، أتلمس واجباً لم يُعطَ لهذا الشخص في حياته رغم جدارته به.. ورغم أنه أعطاه لغيره من خلال الجائزة التي تُعرف باسمه.
هذا الواجب يتعلق بنا نحن الأحياء لراحل حيٍّ لا يُغيِّبه غياب جسد..
من حقِّه على وطنه وفاءً لمعطياته.. وتكريماً لحياته النابضة بذكرياته تكريمُه الذي تأخَّر من خلال محفل خاص ترعاه الدولة في أية مناسبة شاءت تقرنه بإطلاق اسمه على قاعة كلية الآداب جامعة الملك عبد العزيز بجدة، وأن يعطى اسمه للشارع الذي كان يقيم فيه.
لقد عرفنا من قيادتنا الوفاء للنابغين والمخلصين من أبنائها.. والفقي الفقيد واحد من أحقِّهم بهذا التكريم.
رحم الله الفقيد.. والعزاء لأسرته.. ولمدرسة الشعر الأصيل وطلابها..
و{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}.
* الرياض ص ب: 231185 الرمز: 11321
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|