Culture Magazine Monday  19/02/2007 G Issue 187
فضاءات
الأثنين 1 ,صفر 1428   العدد  187
 
رفيف
إهداءات الكتب:
د.فاطمة الوهيبي

 

 

متى بدأ التقليد الجميل المتمثل في إهداء الكتب أو الأعمال الفنية! متى بدأ هذا التقليد الذي يسكب فيه المبدع ذاته في إهداء خاص يحتل الصفحة الأولى من الكتاب؟ ما أهمية هذا الإهداء وما أبعاده وأعماقه؟ ثم ما علاقته أيضاً بالإهداء الثاني الذي يهتم به المؤلف حينما يريد أن يهدي نسخة من كتابه أو عمله، وقد حرر عليه عبارة إهداء أو تحية مرفقة؟

هذا الاحتفاء بالإهداءات جعلني أعمل لها ملفًا استعداداً لدراسة خاصة عن هذه المسألة جمعت فيه ما استطعت جمعه من مقتطفات من الإهداءات التي تتصدر الكتب، تلك الإهداءات التي يقرؤها كل مقتنٍ للكتاب، الإهداءات العامة التي تعلن في عموميتها (أحياناً) ذلك الخاص جداً جداً لدى المؤلف.

وفي هذا السياق أود أن أذكر الآن نصاً جميلاً لبورخيس توقف فيه عند فلسفة الإهداء وأهميته وشاعريته. وبورخيس معروف بعشقه للكتب والمكتبات، وهو أشهر من أن يُعرّف على مستوى الإبداع والفن. أهدى بورخيس مجموعتيه الشعريتين (الرقم ) و(المتآمرون) إلى (ماريا كوداما) رفيقته التي كانت تقرأ له بعد أن كف والتي تزوجها فيما بعد. يقول في إهدائه لها:(كل عطية حقيقية هي عطية متبادلة، ماعدا قطعة النقود اللامبالية التي ترميها الصدقة في يد الفقير. الذي يعطي لا يحرم نفسه مما يعطي، ذلك أن العطاء والأخذ شيء واحد. إن إهداء كتاب ما، هو ككل أفعال الكون فعل سحري. ويمكن أن ننظر إليه بوصفه الطريقة الأجمل للتلفظ باسم. وها أنا الآن أتلفظ باسمك ماريا كوداما فكم من الصباحات، وكم من البحار، وكم من الحدائق شرقاً وغرباً، وكم من فيرجيل) ويضيف بورخيس: (هذا الكتاب ملك لك ماريا كوداما هل من حاجة إلى القول إن هذا الاسم يتضمن غروب الشمس، وأيائل (نارا) والليل الذي يبقى وحيداً، والصباحات المأهولة والجزر المتقاسمة، والبحار والصحارى والحدائق، وكل ما يبعثره النسيان وما يتحول مع الذاكرة وصوت المؤذن العالي، وموت (هاوكوود) والكتب والمحفورات؟ لا نستطيع أن نعطي إلاّ ما قد أصبح ملكًا للآخر. في الكتاب توجد الأشياء التي كانت دائماً لك. أي سرٍ هو الإهداء هبة الرموز (1) و بورخيس هنا، وهو يعمل تأمله العميق

والشاعري في فكرة إهداء الكتاب، يؤسس لفلسفة الأخذ والعطاء وفكرة الامتداد التي هيمنت على تفكيره بالكتب، حتى كان هوسه بالكتب وبالأرواح الممتدة فيها وغير المتناهية والتي جعلته مفتوناً ب(ألف ليلة وليلة) بوصفه نموذجاً للتضاعف والامتداد واللا تناهي. وربما كانت هذه الفكرة هي التي جعلته يؤلف كتاب (الرمل) وهو واقع تحت تأثيرها وهيمنتها.

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7641» ثم أرسلها إلى الكود 82244

Rafef_fa@maktoob. Com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة