Culture Magazine Monday  19/02/2007 G Issue 187
فضاءات
الأثنين 1 ,صفر 1428   العدد  187
 

و.. أخيراً عرفتك أيتها الأمسيات!
فيصل أكرم

 

 

قرأتُ في الأمسية أكثر من عشرين نصاً شعرياً، من القديم والجديد (متنقلاً بين دواويني الثمانية) وكان من أبرز الحضور: الأستاذ الشاعر عبدالله الزيد، والدكتور الشاعر ظافر القرني.. حيث كانت لهما تعليقات جميلة في نهاية الأمسية..

إذ تحدث الأستاذ عبدالله الزيد واصفاً تجربة فيصل أكرم مع الحياة والشعر بأنها (استثنائية) ووضع له عنواناً عريضاً بأنه (متحدثٌ مرموقٌ في مدرسة الألم) وأشار كذلك إلى أن هذه القصائد تحمل هم الإنسان عموماً..

أما الدكتور ظافر القرني، فتحدث عن البعد الفلسفي في القصائد، وتساءل عن خطورة القرار الذي اتخذته بالتفرّغ التام للكتابة؟! فكان جوابي ببساطة: هذا قدر!..

أما جوابي على تعليق الأستاذ الزيد فلم يكن موفقاً أبداً، ذلك لأن بعد كلام الزيد استلم المايكروفون شخصٌ يعرفونه في النادي جيداً اسمه (صالح المنصور) دائماً ما يصر على الإمساك بالمايكروفون والصراخ في أمور لا علاقة لأحد بها.. كأن يقول بأنه لا يمتلك سكناً!

وهذا ما جعلني أنسى ما قاله الأستاذ الزيد، ولم أنتبه أنني رددتُ بصورةٍ خاطئة إلاّ عندما استمعتُ إلى تسجيل الأمسية، ويجب عليّ الآن أن أقول للصديق الكبير عبدالله الزيد: لقد جبرتَ خاطري بكلامك، وأشعرتني أن تجربتي وصلت بالشكل الذي كنتُ أطمح إليه.

هذا وكان الشاعر إبراهيم الوافي مخلصاً وجميلاً في إدارته للأمسية بحبٍ وحميميةٍ لا يمتلكها إلاّ المبدعون الأصلاء..

استمتعتُ بهذه الأمسية، رغم (الغصة) التي سببها خطأ الخبر المنشور في الجريدة..

وبعد يومين بالضبط من هذه الأمسية، كان عليّ أن أشارك في أمسية شعرية أخرى، يوم الأربعاء 17 يناير 2007م في المكتب الثقافي المصري بالرياض.. وكان مدير الأمسية الصديق العزيز - السيد الجزايرلي.. ولأن السيد الجزايرلي شاعر فقد فاجأ الجميع بتقديمه للأمسية التي اشترك فيها الشعراء: إبراهيم منصور والدكتور عادل فهمي من مصر - وعبدالله الوشمي وفيصل أكرم من السعودية - وميسون أبوبكر من الأردن - وعارف الدوش من اليمن.

وتتخلل الأمسية فواصل غنائية من تراث الغناء العربي الأصيل قدمها الفنان حسن شهاب والفنان محمد زويل.

بصراحة أقول: مشاركتي في أمسيات المكتب المصري تأجلت لسنين طويلة، ذلك لأن الصديق الجزايرلي كثيراً ما رغب في مشاركتي، ولكني كنت في قالب الاعتذار المحسوم!

وعندما جاءت الظروف بهذه المشاركة، تعرض الصديق السيد لوعكة صحية كنتُ مصراً أنني سأعتذر عن المشاركة إذا اعتذر هو عن تقديم الأمسية، ولكنه شفي - والحمد لله- وجاء لتقديم الأمسية.. فماذا حدث؟!

كما قلتُ: فاجأ الجميع بتقديم الأمسية بمقاطع من شعره الجميل، ثم عندما جاء دوري.. وصفني بهذه العبارة: (شاعر نذر نفسه لكتابة الشعر حتى أنه لم يعد يجيد شيئاً سواه).

حقيقة لا أدري ماذا هو وقع هذه العبارة لو وصف بها أي شاعر آخر، ولكن بالنسبة لي كان وقعها محبطاً.. إذ شعرتُ بأنه تم تجريدي من كل طاقاتي كإنسان، وتم إلصاق تهمة أنني (نذرتُ نفسي للشعر) وأنا بريء من هذه التهمة؛ إذ إنني لم أفكّر يوماً في كتابة قصيدة عن عمد، ولكنّ تكويني كشاعر كان يُفرض علي ويسلبني حياتي كلها.. فأنا لم أنذر نفسي ولكن نفسي مسلوبة مني..

عندما وقفتُ على المنبر، فكرتُ أن أعلق على ما وصفني به صديقي السيد، ولكني خفتُ أن يأتي الارتجال بطريقة غير مناسبة، فآثرت الصمت.. ورحت ألقي قصيدتي بشكل سريع.. أقرأ سطراً وأتجاوز أربعة.. كأنني أريد أن أنهي تواجدي بأسرع وقت.. أو.. كأنني أود لو أن الأرض تبلعني!

وزاد من شعوري بالحرج أنني كنتُ أظمأ، ولم أجد أمامي إلا (قارورة) ماء من دون كأس، ومؤكد أن منظري وأنا أرفعها لأشرب لم يكن جيداً أبداً..

لهذه الأسباب، ما إن انتهت الأمسية حتى اتصلت بالأخت ميسون أبوبكر أطلب منها أن تحذف فقرتي من الفيلم المصور تلفزيونياً - حيث كانت كاميرا إحدى القنوات التلفزيونية تصوّر الأمسية- ولكنها قالت لي إنها ليست المسؤولة عن البرنامج.. ولكنها وعدتني بأن تحاول تلبية طلبي..

ختاماً أقول: أنا لستُ نادماً على اعتذاراتي السابقة، فلولا تلك الاعتذارات ما استطعتُ إنجاز ما أنجزته وأنا منكبٌّ على الكتابة.. والكتابة فقط.. وإن كان ثمة وقتٌ مناسبٌ لتتويج الأعمال المكتوبة بالإلقاء.. فأنا حسبته يبدأ من الآن.. ولكن: بعد هذه التجارب المتتالية، وما تخللها من أخطاء وصدمات، هل أعود إلى قالب الاعتذارات أفضل؟!

نعم: أخيراً عرفتك أيتها الأمسيات، ولكن.. هل أقول: ليتني لم أعرفك؟!

انتهت

www.ffnff.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة