Culture Magazine Monday  19/02/2007 G Issue 187
نصوص
الأثنين 1 ,صفر 1428   العدد  187
 
حدث
أحلام خميس الزعيم

 

 

لا بد أن الموت في طريقه لأحدهما، يخيل لها أن آلام الطلق وحش يلف أصابعه حولها ليعتصرها بسعادة، تبدأ بالرفص توهما منها أنها توجه لكمات لشبح الموت، الدم الجاري يعلن أن نهاية أشهرها التسعة باتت وشيكة. تمسك كومة من القش الذي يملأ العشة المهجورة وتحشوها بفهمها وتبدأ بصراخ لا يوقظ أحدا في بهيم الليالي الآثمة. ذلك العالق في أحشائها يأبى الخروج، يتعلق بعروقها كأنه علم أن باطن رحمها خير من ظاهر أرضها. يزادا الألم، وتزيد الرفص. تبدأ كومة عضلية بالتدحرج قليلا قليلا.. حتى يشاركها صوت آخر المكان. بكاء ساخط من طفل لا يعلم أنه لقيط فقط!! اشتقت قطعة من ثوبها ولفت بها الصغير بإعياء شديد.. ألقمته ثديها وغطت في نوم عميق..

كانت أيامها في الحقل ممتعة رغم الشقاء الذي تلاقيه النسوة في وقت الحصاد، لا بد أن حياتها ستجري طبيعية لولا البزوغ الشهواني لابن الباشا صاحب (العزبة).. وجسدها الغض كان الفريسة، من هنا تدحرج بها وتعثرت به حتى نال ما أراد بعد أن أشبع فحولته الجائعة دوما لأرض لم تحرث بعد!!.

يد الشمس ترسل أشعة تثبت لها أن ما حصل ليس كابوسا مزعجا، فهي التي أجرمت وحملت ثم تشردت حتى وضعت. صدرها المتدلي لفم الصغير أثبت بشماتة أيضا أنها فتحت عينيها على حقيقة لا شك فيها. واجهت مشقة في النهوض بادئ الأمر، ثم تواترت خطواتها الهاربة مخلفة ذلك الصبي دون رحمة. ذهبت إلى الجحيم.. ربما!! فلم يعلم أحد بعد ذلك أين هي وما المصير الذي قاده القدر إليها. أما الصبي الذي حاولت أجفانه الصغيرة مقاومة جبروت أشعة الشمس المنفلتة من يد السماء لم يستطع الصمود طويلا، وبدأ يكرر سخطه ويرسله بكاء لا يزعج أحدا سوى القش الذي يتمدد عليه ولا يخترق سوى أمتار قليلة بعد العشة المتعفنة. ولا أعلم ألسوء أم حسن حظه أن تلك الأمتار التي استطاعت صوته تخطيها ساقت إليه أيدي اعتادت أن تحمل أطفالا من ذات المكان لتوصلهم لذات المكان، ثم تجيب الأسئلة ذاتها بالأجوبة ذاتها، ثم تسمع ختام كل مرة.. جملة يقفل بها المحضر.. (طفل لقيط يحال إلى الجهات الحكومية المختصة)..!!.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة