الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 19th April,2004 العدد : 55

الأثنين 29 ,صفر 1425

بعد تراجع (قماشة) عن القضية ضد (عبده)
هل انقلب السحر على الساحر؟!
أدباء وأديبات:
قماشة تبحث عن الإثارة الإعلامية المفتعلة
إعداد وتحقيق سعيد الدحية الزهراني صالح الخزمري
اختلفت وجهات النظر تجاه القرار الذي اتخذته الاستاذة قماشة العليان .. بالتراجع عن القضية التي رفعتها ضد الاستاذ عبده خال نتيجة للنقد الجارح من الاستاذ عبده لروايتها (عيون على السماء).
قالت الاستاذة قماشة: لقد ساءني ما حدث من الزميل الروائي (عبده خال) من قدح وشتم وتجريح وهجوم شخصي وتشكيك في الحصول على الجوائز وللاسف تم كل هذا تحت مسمى (نقد) والنقد منه براء بل هو في الحقيقة تصفية حسابات شخصية على اثر مقال قد كتبته قبل عام تقريبا.. ويتضح هذا من اختياره لاحدى رواياتي التي كنت قد كتبتها في مرحلة البدايات وتجاوزتها منذ زمن طويل، وسؤال يطرح نفسه: لماذا يكلف نفسه واعصابه ويعيش مرغماً (كما قال) مع احداث رواية لم تعنِ لي سوى نقطة البداية فقط وقد اعجبتني عبارة احدهم حينما قال (وكأن عبده خال بهذه القراءة الانطباعية للرواية ينصح طالب الثانوية بأن يهتم بدروس الصف الاول الابتدائي.. أي لا جدوى) وأنا والحمد لله معروفة بأنني متأنية في اتخاذ القرارات لكن ما حدث من استخفاف واستهزاء تجاوز النص الى كاتب النص ازعجني خاصة وانني سبق وحادثت عبده خال قبل شهور وابلغته بأنني لن استفيد من نقد هذه الرواية وطلبت منه اختيار غيرها.. لكنه اصر وتعمد لغرض في نفس يعقوب.. تلفت حولي ابحث عن حل لهذه المهزلة التي ومما يبعث على الاسى انها تمت باسم النقد فلم اجد هيئة او رابطة للادباء يمكنني الرجوع اليها فاتخذت قراري مضطرة باللجوء الى القضاء لانصافي مما اجزم بأنه تجاوز لحدود الادب وخرق لحقوق الانسان والغاء للاخر على جميع المستويات وقد وعدني المحامي بأن القضية مضمونة وانه سيخرج لي بحكم يرضيني والمحامي هو د. فهد الخليف من اشهر المحامين في المنطقة الشرقية. لكن هاتفي لم يهدأ واصدقاء الطرفين يتدخلون وادباء واعلاميون من الجنسين اكنُّ لهم جل التقدير والاحترام يطالبونني بالتنازل وان القضية ليست في مصلحة الطرفين ولا مصلحة الادب عامة..
اتذكر قسوة الزميل وتجنيه وتحامله فأحجم!! واتذكر قوله تعاليى{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (وما زاد الله عبداً بعفو الا عزاً، وما تواضع احد لله الا رفعه الله) ومع انني اجد نفسي اميل للعفو والتسامح مع من اضر بي وقصد ايذائي وتحطيمي.
لذلك ايدت الزملاء في التنازل عن القضية مع احتفاظي بكامل حقوقي الادبية والقانونية وكنت اتمنى حقاً وجود رابطة للادباء يمكن الاحتكام اليها بعيداً عن ساحات المحاكم الشرعية وكنت اتمنى اكثر لو ان الزميل خال احتكم للعقل وابعد المشاكل الشخصية وتصفية الحسابات عن النقد الادبي وكان اسماً على مسمى «اديب» بحق وبجدارة واستحقاق...
واحمد الله كثيراً فلست بحاجة الى أي صيت اعلامي ويعرف الصحفيون جيداً انني مبتعدة تماماً عن الصحافة ولا اطارد الشهرة كغيري واتمنى من أي منصف ان يزور المكتبات ودور النشر والموزعين ويسألهم عن الروايات والقصص الاكثر مبيعاً في المملكة وغيرها من دول الخليج وقتها سيعرفون انني لست بحاجة لضجة من أي نوع لتسويق كتبي لانها تسوق نفسها بنفسها كما اسلفت.. وبعيداً عن الناعقين في البرية والمرجفين والمطبلين، لازلت انتظر الاحتكام الى ناقد غير متحيز.. ناقد لا يخشى في الحق لومة لائم.. ناقد لديه الحس الفني والادراك والوعي بعيداً عن أي علاقات شخصية مع الطرفين ليقول لنا بصدق شديد:
هل ما حدث في نادي جدة الادبي تلك الليلة له أي علاقة بالنقد؟؟؟
أما آراء الوسط الادبي والثقافي فقد رصدناه من خلال الاتي:
د. ايمان تونسي
بخصوص ما جاء في ورقة عمل الاستاذ عبده خال متناولا بالدراسة (عيون على السماء) للروائية قماشة العليان، فان هذه الرأي يعكس تصورا خاصا عند من امتهن فن الرواية وابدع فيها (اقصد الروائي عبده خال) بمعنى ليس بالضروري انه يعكس رأياً نقدياً موحداً، وان كان الاستاذ خال قد استشهد بمقاطع من النص السردي وبارقام الصفحات وعبارات ترددت هنا وهناك فهو لم يطلق الرأي جزافا ولكن حتى تتسم رؤيته بشيء من الموضوعية، فليت الروائية قماشة العليان اجابت بنفس تلك الموضوعية وايدت رأيها بما تضمنته (عيون على السماء) من جوانب فنية تناقض ما جاء في رأي خال او حتى تجانبه الصواب دون الالتجاء الى القضاء والخروج عن اطار العمل الادبي هو مجال البحث، مما يثري الدراسات النقدية والتي ستضيف بدورها الى رصيد عمل ادبي بعينه دون آخر.
أما بالنسبة الى اهلية العمل للجائزة فلعل هذا يقودنا الى سؤال اهم وهو ما هي المعايير التي يستند اليها عادة في تصنيف الاعمال الادبية حتى ترفعها الى مصاف الجوائز في بلادنا؟
وهل تتوحد هذه المعايير على مستوى الاندية الادبية المختلفة في المملكة؟
وهل تتوافق مع ما هو شائع في المحافل الادبية او النقابة العامة للادباء او اتحاد الكتاب في العالم العربي؟.
وأخيراً فان ما يحمد لهذا الاحتدام في الرأي هو تنشيط الحركة الادبية والثقافية بين شرق البلاد وغربها وتسليط الضوء على النتاج الادبي للروائية قماشة العليان وللمؤلف المبدع عبده خال وتعزيز حركة البحث والاطلاع المستمر بما يفيد الحركة النقدية وهذا ما يسعى اليه نادي جدة الادبي من خلال جلسة حوار ومن خلال تبنيه لفكرة الرواية النسوية السعودية.
تأييد قماشة
سهام القحطاني شاركتنا قائلة:
لعل ما حدث يثير قضيتين مهمتين، المشهد الثقافي في غفلة عنها في زمن (الفنان الشامل) الذي يجيد كتابة القصة والمقال والرواية والرسم والنقد كذلك والغناء لا ضير!!
أولا: قضية غياب المعايير النقدية لقراءة النصوص وهذا الغياب بلا شك له دلالاته الخطيرة في تراجع المشهد النقدي لو استمر على يد قلة لا تفرق بين انفعالية الرأي وموضوعية المعيار النقدي بل لعلي ازعم ان من يحاكمون بعض النصوص لا ناقة لهم ولا جمل في النقد يتحدثون عنها وكأنهم يتحدثون عن برنامج ستار اكاديمي مجرد رأي لا يستند الى معايير نقدية واستمرار هذا الوضع كارثة لانه يفتح للجميع بوابة النقد المقدسة للبحث بأصولية النصوص، متناسين ان كل رأي صادر يحسب في تاريخ النص وهنا خطورة الرأي الهزيل، ان قراءة النصوص هي مسؤولية نقدية في المقام الاول، وليست حرية رأي، لان النص الادبي تكوين فني له مقاييسه الفنية وخصائصه الاسلوبية ومن حق النص على القارئ ان يحاكمه من خلال تلك المقاييس والخصائص سلباً أو ايجاباً مبرهنا عما فقده وعما اكتسبه من تلك الخصائص، هذا هو النقد وما عداه ضرب من الهذيان، ان التذوق الانطباعي وان كان لبنة من لبنات نظرية التلقي يظل ممارسة صبيانية يجب الا يسمح لها بتجاوز حواسها الخمس في قراءة النصوص الفنية، وبعيدا عن استقراء النصوص، فلتذهب اراء الجميع الى جهنم كيفما تشاء.
لاشك ان تعاملنا مع قضايا كهذه، تعاملا سلميا يزيد الحالة سوءا ويفتح المجال لكل مدعٍ للنقد او طالب اثارة اعلامية، وحدوث ذلك يشكل خطرا على المشهد النقدي، لانه يهمش اساسيات المعايير، ويحول الانطباع الى معيار، وهذا يشوه منهجية النقد ويهمش اهمية المعايير ويحول المنهج النقدي لدينا الى مرعى للخرفان لذا علينا الحزم في مواجهة مثل هذه الظواهر لتطوير ثقافة المجتمع، الذي يدعي كل من هب ودب انه ممثل لها وعنها وبها.
دهشت من عبارة السيد عبده خال الذي يكررها (ان القضية ليست قضيتي وحدي فهي قضية ثقافة بلد بأسره) وبالتأكيد هذا غير صحيح، لان الرأي الذي طرحه السيد عبده، ولا اقول (القراءة) ليس قضية نقدية ولا منهجاً ثقافياً ولا مبدأ تخيرياً، حتى تصبح قضية ثقافة بلد كما يدعي السيد خال، والا لتحولنا صورة مكررة من رأيه غير المعياري، وهذه كارثة، كما ان رأيه لا يمثل المثقفين الحقيقيين ولا الثقافة الناضجة ولا يفرضه حتى على مدعي الثقافة، والا أصبح الامر كارثة، ان يتحول كل رأي يشتم الاخرين او يقلل من ابداعاتهم دون معايير، قضية ثقافية لبلد، (اذن فمرحبا بعهد فوضى الجهل، ولا حول ولا قوة الا بالله).
ثانيا: انا شخصيا أؤيد موقف السيدة قماشة العليان واقول لها (برافو) فقد جاء الوقت لتفصيل عمليات تطهير النقد من المدعين واصحاب الرأي الانطباعي، كما ان موقفها كشف النقاب عن اشكالية غفلنا عنها طويلا، وهي ايجاد جهة رسمية مسؤولة عن رد الاعتبار الادبي لأي مبدع يتعرض لما تعرضت له السيدة قماشة العليان وإبراهيم الشجي وعبدالله الغذامي وتركي العمد، لا اعتقد ان المحكمة هيئة مؤهلة لهذا الهدف، لذا نحتاج الى هيئة قانونية مستقلة لحماية حقوق المبدع واعتباراته ذات طابع محلي ودولي.
حساسية الكاتبة
الاستاذة فايزة الحربي تحدثت قائلة:
الحقيقة اني لم احضر قراءة الاستاذ (عبده خال) لرواية (قماشة العليان)، عيون على السماء، وكلني تابعت ما قيل عنها وعن احداثها من خلال الصحف، والسؤال عنها لبعض الزميلات اللاتي حضرن، واني لارى بخصوص هذه القضية انه من حق المتلقي للعمل الادبي ان يصدر حكمه من المنظور النقدي والموضوعي والشخصي ايضا بعيداً عن التجرع والاستهانة بالاخرين فالابداع عندما يخرج للنور يصبح ملكاً مشاعاً للجميع، اذا انحقلت ملكيته حينئذ من المبدع الى المتلقين وعلى المبدع هنا ان يتقبل الرأي والرأي المضاد عما كتب عنه، بكل رحابة صدر، لان في هذا اثراء للعمل الادبي ذاته وللنقد ايضاً.
وقد قرأت ما ذكرته (أ قماشة العليان) في جريدة اليوم (السبت 6 صفر 1425) بأنها طلبت من الاستاذ عبده خال تجاوز هذه الرواية، وقراءة احدى رواياتها الحديثة، ان (عيون على السماء) تمثل بداياتها في عالم الكتابة الروائية، وقد مضى عليها زمن طويل في رأي القاضي، والحقيقة في تصوري انه لايحق لها ذلك الطلب بأي حال من الاحوال اذ لا زمنية محددة تحكم فقد العمل الادبي، او التنظير النقدي لأي عمل ابداعي واكبر شاهد على ذلك رواية (زينب) لمحمد حسين هيكل، اذ تعد روايته اول مساهمة فعالة منه على مستوى الوطن العربي في كتابة الرواية ورغم ذلك مازالت محط التنظير النقدي الى يومنا هذا، فنقادنا يتلقفونها ويديرون حولها دراساتهم بكل اهتمام من وجهة نظرهم الشخصية والنقدية وربما من اقربها ما قدمته الدكتورة (يُمنى العيد) في كتابها (الرواية العربية بين خصوصية الحكاية وتميز الخطاب) وكون الروائية قماشة العليان تطلب شخصياً من (عبده خال) تجاوز هذه الرواية، فهذه دلالة قوية على ان القاصة ذاتها تعاني من حساسية حول هذه الرواية لعلمها بنقاط الضعف التي تحويها، ولربما (عبده الخال) لم يقصد التشكيك باللجنة المانحة للجائزة التي نالتها، بقدر الدهشة والاستغراب وان هناك روايات اكثر فنية تستحق تلك الجائزة، ولربما هي نالتها لجانب من جوانبها الموضوعية المتعددة كون انها أرّخت لغزو العراق على الكويت.
وهنا لا يحق للمبدع مصادرة اراء المتلقين، واتخاذ المحاكم مسلكا له وكأن المنافذ قد سدت امامه، اذ ان قضاتنا لديهم ما يكفيهم من هموم الناس ومشاكلهم.
ان هذا الفعل ان وجد صداه فيما بعد عند غير (أ. قماشة) فسوف يكون حتماً ولا محالة معولاً هداماً للابداع الادبي والفكرالنقدي في وطننا وطريقاً لخنق الكلمة الحرة التي يمكن ان يتفوه بها المبدع في مجاله.
في تصوري ان المتلقي للنص مهما تكن قراءته سلباً او ايجاباً فهو لن يسيء للمبدع بقدر ما سيمنحه مكسباً حقيقياً من جميع النواحي، وهذا ينطبق على القاصة (قماشة العليان) اذاً فلابد من تصفية النوايا، والحسابات الشخصية امام الادب والكلمة الحرة لنصل بوطننا لأعلى مستويات الرقي الادبي والنقدي خاصة والثقافي عامة بين جميع الاوطان.
الهدف الإثارة
الاستاذة سارة الازوري صرحت قائلة:
الاستاذة قماشة تبحث عن الاثارة، وليس الهدف ان تأخذ حقها ثم ان اللجوء للمحاكم اسلوب ضعيف اضافة الى ان المثقفين بحاجة الى رابطة لحل الاشكالات التي قد تحدث وعن الرواية قالت: كل انسان في بداياته يمر بالضعف وقد تجاوزت قماشة هذه المرحلة.
اما المأخذ الذي يؤخذ على عبده خال فهو التشكيك في الجائزة وليس في القراءة. وقالت وكان يفترض ان تحضر قماشة الى الملتقى وقت القراءة لبيان وجهة نظرها.
واستغربت لجوء قماشة الى اكثر من جريدة مع ان المفروض اللجوء الى جريدة واحدة. وختمت بقولها:
ان القارئ هو اكبر منصف.
من تطاول على من؟
الاستاذة أمل القثامي
ابتدأت بالتساؤل قائلة:
مَنْ تطاولَ على مَنْ؟ ، بغض النظر عن مكانة عبده خال الذي يمثل بلدنا ونقدر لقماشة حضورها.
وقالت: وما اقصر طرق الشهرة، عبده لم يتكلم من فراغ ولو رجعت قماشة للرواية لوجدتها نقدت بهذا المحتوى.
اما عن محامي قماشة فقالت عندما يقول: ان نقد عبده تحول من النقد البناء الى الهدم فهل قرأ أو حضر؟
فلو حضر من اول الروايات لوجد ان القراءات متقاربة بهذا المستوى وعن قوله: ان عبده لديه نية مبيتة فكيف استدل على نية ولابد من بيان البينة.
وقالت: لقد ارقني سماع الوصول للمحاكم فهذه دخيلة على مجتمعنا واشبه هذه القضية بالقاص المبتدئ يلج عباب البحر وهو يحلم باللؤلؤ ليصل الى نقطة يتلاشى حمله.
وقالت ان المداخلات كلها قامت على التشكيك في الرواية وقالت لقد وضعت قماشة المواجهة بين اصحاب الجائزة وعبده واضافت ان الرواية متهالكة وقد اتت متأخرة فليس لها عذر في ظهورها بهذه المستوى.
وقالت لقد تعودنا على المديح فإذا نقد احد يغضب، وذكرت من الامثلة الحسنة سلوى دمنهوري التي قرئت روايتها وتقبلت النقد بصدر رحب.
الرواية سيئة
الدكتورة لمياء باعشن صرحت لنا قائلة:
اعتقد ان الرواية سيئة باعتراف قماشة نفسها حيث لم تكن ترغب في قراءتها، وكونها تقترح رواية اخرى لها لقراءتها فذلك يدل انه ليس لديها شك في امانة عبده ورغم حصول الرواية على جائزة ابها الا انها لم تكن بذلك المستوى وقالت وعلى الكاتب ان لا يتسرع في الكتابة حتى يكون في مستوى يؤهله وقالت لقد تعبنا اثناء قراءة الرواية وكنا نتمنى ان تظهر بالمستوى اللائق.
وامتدحت تقبل سلوى دمنهوري للنقد في قراءتها حيث جلست تسمع وتأخذ المداخلات وقالت سأستفيد منها، وكان صدرها رحباً للنقد وقالت وقبل ان تحتكم للقضاء تحتكم للعقل.
حوار للحوار
د. أميرة كشغري ذكرت:
إن الهدف من جماعة حوار ليس قراءة نصوص، ولكن تأسيس لمبدأ الحوار وتقبله من الجميع. ويجب ان لا تؤخذ الامور بشكل شخصي لتدعيم فكرة، ويجب ان يتقبل النقد بصدر رحب، وطرح الافكار يكون لرؤى وليس لقضايا شخصية.
قماشة تقول: انا مستهدفة والنوايا علمها عند الله، وطالما ان الكاتب لديه روايات فله الحق ان يقرأ أي منها، فالحكم على العمل وليس على الكاتبة.
انا اعتقد ان هناك سوء فهم الان فنحن نعمل على تقريب وجهات النظر وحل الاشكال وننظر من مبدأ اسلامي (حسن الظن بالاثنين) وقالت يجب ان ينظر للأمور بموضوعية.
المحاكم.. الصحافة
الدكتور عالي القرشي اشار حول هذه القضية قائلاً:
انا ضد مصادرة العمل، ويجب النظر للنص بغض النظر من هو كاتبه والاحتكام الى الصفحات الادبية، واستشهد بامثلة من التاريخ عند هجاء الحطية الزبزقان بن بدر فشكاه الى خليفة المسلمين فحكّم حسان بن ثابت لكونه شاعراً.
الأدب والمحاكم
الاستاذ صبري رسول شرح لنا ابعاد القضية من وجهة نظره قائلاً:
العلاقة بين المبدع والناقد علاقة ابداعية مبنية على الترابط بين الرؤية في انتاج الواقع فنياً من خلال الكتابة، وبين عملية تحليل تلك الرؤية، نقدياً، لتقييم العمل، وربما تصبح تقابلية، قائمة على مساحة مشتركة من الانتاج الثقافي.
فلولا النتاج الابداعي لما كان هناك حاجة الى العملية النقدية وبالتالي لما حصل التلاقي بين المبدع والناقد في ساحة الابداع.
كثيرا ما يحصل شيء من التوجس والتوتر بين المبدع والناقد اذا كانت العملية النقدية انحرفت من مسارها الطبيعي (كإعادة انتاج القراءة وصياغة النص ثانية) أو اذا كان ثمة ما يؤشر باتجاه النقد الى ذات المبدع الشخصية وليس الى النص، وهذا الخلل في النقد الادبي اذا حصل يولد علاقة تنافسية تمتد الى شخصية المبدع والناقد، مما يجعل الطرفان يلجآن الى اساليب اخرى خارج الساحة الابداعية لالحاق الاذى بالاخر، فيدخلان الى وجه من وجوه الثأر الفردي البدائي الذي يخمد في ذات الفرد اثناء ترويضه الاجتماعي لكن ما ان يمسه شيء حتى يتفجر ويتجمر لتبدأ الشرارة.
وفي حالة العلاقة القائمة بين الروائية قماشة العليان والروائي عبده خال، هناك عناصر مختلفة لما قيل اعلاه ويمكن التوقف عليها في النقاط التالية..
1 منذ سنتين والمشهد الادبي والنقدي في مدينة جدة نشط جداً، حيث تمت مناقشة اربع عشرة رواية في نادي القصة (الجمعية الثقافية) في اطار قراءة الرواية المحلية (السعودية) في فترة التسعينيات وما بعدها، وفي هذا العام يتناول مشروع (ملتقى جماعة حوار) خمس عشرة رواية نسوية في النادي الادبي بجدة، ورغم كل هذا الانجاز لم تشهد مساحة الحوار رغم سخونتها احياناً حالة مشابهة لما بين قماشة وعبده.
علماً ان قراءات عدة توازي القراءة الروائية وربما تتداخل معها، وفي قراءة رواية (عيون على السماء) لقماشة العليان كان عبده خال هو القارئ الرئيس، ومن حقه ان يقوم بتحليل الرواية من حيث الخطاب الروائي والفنيات، ووفق المنهج الذي يراه مناسباً، فقراءة أي رواية عملية نقدية تقوم بإنتاج النص ثانية، وهي حق طبيعي للقارئ والناقد طالما ليست موجهة الى مبدع العمل وهنا فاجأتنا الكاتبة قماشة العليان (بصفة المبدعة) برفع دعوى الى المحكمة ضد الروائي عبده خال (بصفته ناقداً).
2 لجوء قماشة الى المحكمة اغلق كل طرق الحوار والتفاهم بينها وبين عبده خال، وبالتالي اصبحت ساحة الحوار النقدي مهمشة ومفقودة، وقد تنتج مضاعفات مستقبلية في طبيعة العلاقة القائمة بين الناقد والمبدع، وتتقلص المساحة التي تجمعهم وقد تتلاشى، ولا اعتقد بأن ثمة ما يستدعي الى القيام بهذه الخطوة، اضافة الى ان من غير المستحب ان تُعتقل قراءة عبده خال للرواية وعن طريق المحكمة لأن في تاريخ العملية النقدية هناك اساليب اخرى واجدى، وهناك ساحات ادبية جديرة بأن تمارس فيها هذه الحقوق، كما يمكن القول: اذا كان ثمة حق لقماشة العليان فحقها في محاكمة قراءته وليس محاكمته كشخص، وفي هذه الحالة تكمن المحكمة في اراء الكتاب والنقاد وعلى صفحات الصحف (كوسائل اعلامية لتوصيل المعلومات).
3 لا اعقتد ان ثمة اوجه ثأر فردية بين العليان وخال، وبالتالي يكون الحكم (الفيصل) بينها وبين عبده خال هي الرواية وقراءته لها. أما حصول الرواية على احدى الجوائز الادبية من جهة ما قد يدل على انها كانت افضل الاعمال المقدمة للجائزة وبالتالي الجائزة لا تمنحها (فيزا السفر) الى مواقع امامية في الرواية المحلية والعالمية، والجائزة ليست دائماً دليلاً على قوة الرواية فنيا، وحتى اختيار جماعة حوار رواية قماشة العليان لا يمنحها قيمة ادبية، بقدر ما يسلط الضوء عليها من حيث الخطاب الروائي والفنيات، وليس بالضرورة ان تجعلها تنتقل من الظل والتهميش الى الضوء والاهتمام، لان جماعة حوار ليس مهمتها منح قيمة فنية للعمل الادبي، بل استقراء الخطاب الروائي فيها، وبالتالي قد تنال استحسان القراء او تسقط امام ماكينة النقد.
4 قد يكون اللجوء الى هذه المحاكمة محاولة لايجاد مساحة للمناورة والحوار كانت مفقودة بين المبدع والناقد، وهذا مؤشر كبير يدل الى عمق الازمة الثقافية والنقدية التي نعيشها، ومعروف ان انتاج النقد عملية لاحقة لانتاج الابداع، وراصدة لملامحه الفنية، ويفترض ان تكون العلاقة بين المبدع والناقد قائمة على التأثر والتأثير، وفي مساحة تسمح لابداء الرأي، بحرية، بخلاف ما نرى في الواقع، إذ سرعان ما تتحول الى خلاف شخصي، ولا اجد سبباً لعدم تحمل المبدع آراء القراء والنقاد، إلا اذا كان المبدع غير مستعد لتطوير ادواته الفنية، ويريد المراوحة في المكان نفسه الذي انطلق منه.
لكن أرى ما يجري في الساحة الادبية امراً غير صحي، ولا يشجع على انتاج الابداع المتميز.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved