الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 19th April,2004 العدد : 55

الأثنين 29 ,صفر 1425

هوامش من التاريخ والمقاومة
تأليف: عبد الرحمن منيف
بيروت: الدار العربية للعلوم، 2003م

إن العراق من البلاد النفطية القليلة التي خاضت معارك كبيرة ومهمة مع المستعمر، منذ بداية وصوله ومحاولته السيطرة.
فثورة العشرين مثلاً التي انفجرت مع بداية الحكم البريطاني للعراق أكدت، ومنذ البداية، أن هذا البلد لا يمكن أن يحكم حكماً استعمارياً مباشراً، الأمر الذي اضطر الإدارة الاستعمارية إلى البحث عن واجهة وطنية تحكم من ورائها أو من خلالها، ولأن هذه الصيغة المموهة لا بد أن تنكشف بمرور الوقت، فقد عانت الحكومات المتتالية التي جيء بها من التمردات والثورات التي لم تهدأ، الأمر الذي اقتضى تعديل صيغة التعاهد أو الارتباط بين الطرفين المرة بعد الأخرى، وأدى أيضاً إلى أن تصبح الحكومات (الوطنية) ضعيفة وتطلب باستمرار حماية الدولة المستعمرة.
لقد كان وضع العراق منذ اللحظة التي خضع فيها للاستعمار المباشر ثم الانتداب، حتى حكمت علاقاته مع بريطانيا المعاهدات والاتفاقات، كان وضعه طوال تلك الفترة قلقاً مضطرباً، إلى حين انتهاء العلاقة البريطانية العراقية بقيام ثورة تموز 1958م وسقوط حلف بغداد.
كما أن الاستعمار الذي اعتبر أن الحكم (الوطني) يحميه من المجابهة المباشرة مع الجماهير ما لبث أن اكتشف أن ذلك الحكم مليء بالعيوب والثغرات. حتى الحكام الذين جاء بهم الاستعمار لم يلبث قسم منهم أن انقلبوا عليه، أو لم يستطيعوا أن يسايروه إلى النهاية، وهذا يفسر قصر حياة الحكومات وتعديل المعاهدات، ويفسر أيضاً التمردات والثورات التي حصلت في أكثر من فترة. هذا من جانب، ومن جانب آخر، ومع صورة العراق اليوم يجد المراقب والسياسي والمؤرخ وكأن التاريخ يعيد نفسه، فها هو العراق يُستباح اليوم كما استبيح بالأمس، وذلك بشعارات الديموقراطية وحقوق الإنسان، فيما استخدم ويستخدم كل يوم أقسى أنواع العنف، والعين على نفطه وموقعه والقيمة الاستراتيجية لذلك، وها هو العراق تعين له، من قبل مدّعي الديموقراطية وبالتحديد من قبل الاستعمار المعاصر المتمثل بالجانب الأمريكي، تعيّن له حكومة، وبالمنظور القريب حكومات الأمر الواقع. فماذا بالإمكان العمل لتفادي ما حصل في الماضي، للوصول إلى حال أفضل مما كان، ومما هو عليه الآن! من أجل ذلك يقترح عبد الرحمن منيف التوقف ملياً عند الحوادث التي سجلها تاريخ العراق بصورة خاصة، والتاريخ بصورة عامة لأن معنى التاريخ بمفهومه هو حي ومؤثر وذلك لأنه يقدم كل يوم دروساً سخية؛ شريطة أن تستوعب هذه الدروس وتصبح جزءاً من ذاكرة الإنسان، على أنّ وجود التاريخ معنا أو إلى جانبنا يجب ألا يكون أداة لاستعبادنا أو أن يلقي بظلاله الثقيلة علينا، لأن أحداث اليوم وظروف الأجيال الجديدة تختلف عن تلك التي مرت وشكلت ذات يوم وقائع تاريخية، وبالتالي لا بد لنا من ابتداع وسائل مبتكرة لمواجهة التحديات والتعامل مع الوقائع الجديدة التي تواجهنا، مستفيدين من الذاكرة ومجتهدين من القياس على الأحداث المشابهة.
وانطلاقاً من هذه الرؤية، واستناداً لما توفر للكاتب من الهوامش أثناء تقليبه في صفحات تاريخ العراق وقراءاته فيه أثناء تحضيره لروايته (أرض السواد)، ولئلا تنزلق هذه الهوامش إلى الظلمة وتغيب، ولدت فكرة كتابه هذا (العراق هوامش من التاريخ والمقاومة) والذي استوعب تلك الهوامش التاريخية العراقية المهمة في محاولة للاستفادة منها وذلك بجعلها محرضاً للآخرين، على أن تكون هذه الهامش جزءاً من اهتماماتهم، لأنه بالإضافة إلى متعتها، فهي ذات أهمية كبيرة إذا استحضرت من جديد بقراءة نقدية، ووضعت في سياقٍ يناسبها ويناسب المرحلة التاريخية التي نعيشها.
فدرس العراق اليوم بمقدار ما يعني العراق بالدرجة الأولى والأساسية، فإنه يعني المنطقة كلها. يقع الكتاب في (207 ) صفحات من القطع المتوسط.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved