الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 19th May,2003 العدد : 12

الأثنين 18 ,ربيع الاول 1424

« التشكيلية » طالبت بتكريمه قبل ثلاثة أعوام
جماعة ألوان ترشح اليحيا فنان هذا العام وتكرِّمه في معرضها الثاني
اليحيا فنان مخضرم مبدع في الأدب والثقافة والفن التشكيلي

*الثقافية محمد المنيف:
تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض، أقامت جماعة ألوان للفنون التشكيلية بالتعاون مع مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض، معرضها الثاني في البهو الرئيسي بمكتبة الملك فهد الوطنية طريق الملك فهد بمدينة الرياض كما تم افتتاح فترات الزيارات النسائية مساء يوم الثلاثاء على شرف صاحبة السمو الأميرة الجوهرة بنت فيصل بن تركي.
وضم هذا المعرض أعمال أعضاء المجموعة من الفنانين التشكيليين ممن لهم مساهماتهم الواضحة في مسيرة الفنون التشكيلية السعودية ومن بينهم الفنان عبدالجبار اليحيا أحد أعمدة التشكيلي السعودي ورواده البارزين ومن المساهمين ايضا في العطاء الأدبي بالمقالة المتخصصة في الفن التشكيلي أو في مجال الترجمة والقصة القصيرة اضافة إلى مشاركة بقية الاعضاء من الفنانين سعد العبيد، يوسف العمود، عوض اليامي، خالد حجاج، إبراهيم الفصام، محمد العمير، عبدالرحمن العجلان، صالح الرميح، غادة بنت مساعد، شريفة السديري، حلوة العطوي، سارة كلكتاوي وأسماء الدخيل.
كما تم خلال الافتتاح تكريم الفنان عبدالجبار اليحيا تقديراً من أعضاء المجموعة لدوره الريادي وحضوره المحلي والدولي كما صاحب التكريم توزيع كتاب حول مسيرته وانجازاته على مدى يزيد عن نصف قرن وتوزيع كتاب من تأليفه بعنوان «اللون وتقنياته للفنان التشكيلي» «مترجم» بالإضافة إلى قيام المجموعة بتخصيص جناح ضمن المعرض لأعمال الفنان اليحيا كما شملت فعاليات المعرض أمسيتين فنيتين، تطرق في إحداها الفنانون المشاركون الى مسيرة الفنان عبدالجبار اليحيا.
ويعيدنا وفاء الزملاء في المجموعة إلى مقال نشر في «الجزيرة» التشكيلية في 18 ابريل من عام 1999م نرى انه يستحق الاعادة بمناسبة تكريمه الحالي والذي حمل العناوين التالية: فنان يستحق التكريم عبدالجبار اليحيا رائد من رواد الفن التشكيلي السعودي يعمل بصمت بعيداً عن الأضواء، إقامة معرض استعادي لأعماله مطلب للتعريف به للأجيال الجديدة وذلك بمناسبة اقامة جمعية الثقافة والفنون معرضا استعاديا لمسيرته جاء في المقال: عند استعراضنا لمسيرة الفن التشكيلي المحلي، تبرز أمامنا العديد من الأسماء التي كان لها دور هام وفاعل في بدايات انطلاقتها أو ما يمكن أن نسميها المحاولات الأولى خصوصاً في مجال اقامة المعارض الشخصية ويأتي اسم الفنان عبدالجبار اليحيا ضمن تلك الاسماء بل مع من هم في المقدمة في وقت لم يكن هناك إلا عدد قليل جداً يحسب على الاصابع ولهذا فالفنان اليحيا يعد من رواد هذا الابداع وأحد مؤسسيه والمؤثرين في مسيرته ورغم هذا فهو بعيد عن الاضواء ولم يكن له ما كان لغيره من الفنانين الرواد من فرص اعلامية كشفت البعض وتجاهلت البعض الآخر رغم أن هذا الفنان لا يقل بأي حال عن زملائه الرواد أمثال الفنان عبدالحليم رضوي والفنان محمد السليم رحمه الله والفنان عبدالله الشيخ والفنان أحمد فلمبان والفنان ضياء عزيز ولعلنا عبر هذه الصفحة نقدم هذا الفنان للقراء الاعزاء وللوسط التشكيلي انطلاقاً من أهميته وريادته واستحقاقه أيضاً للتكريم.
الفنان عبدالجبار اليحيا من مواليد الزبير عام 1351هـ تلقى تعليمه في العراق وفي المملكة العربية السعودية اقام معرضه الشخصي الأول عام 1393هـ ومعرضه الثاني عام 1404هـ شارك في معظم معارض الرئاسة العامة لرعاية الشباب ومعارض جمعية الثقافة والفنون وفي معرض الفن السعودي بالهند، ومهرجان الجنادرية الأول ومهرجان الفنون التشكيلية لدول الخليج بدولة الامارات العربية المتحدة عام 1405هـ ساهم في المشاركة في معرض المملكة بين الأمس واليوم في ألمانيا الغربية ولندن وباريس والقاهرة حتى عام 1407هـ ومثَّل المملكة في معرض فانكوفر للنقل بكندا اكسبوا 86 ومعرض روشان الاول للفن السعودي المعاصر بجدة 1406هـ حصل على العديد من الجوائز وله مقتنيات في الرئاسة العامة وفي جمعية الثقافة والفنون وفي كلية الأركان بالرباط وبعض الافراد من رجال الأعمال.
رسام وأديب
عرف الفنان عبدالجبار اليحيا عن غالبية التشكيليين ومحبي الفن التشكيلي كفنان يتعامل مع اللوحة كما هو ايضا في الاوساط الثقافية والادبية معروف بالابداعين التشكيلي والادبي فهو صاحب قلم متميز في المقالة والقصة ويساهم كثيراً في الابداع الادبي والثقافي عبر الملاحق الادبية بالمحاورة والمداخلة في العديد من القضايا الثقافية ويشارك في العديد من الندوات الثقافية والتشكيلية وتأتي تلك المساهمات نتيجة للحصيلة الثقافية التي يتمتع بها هذا الفنان فجمع بين القلم والفرشاة ومازج بين الابداعية لتحقيق الفكرة وقدمها في طبقين لكل منهما مذاقه ومتذوقوه.
اليحيا والفن التشكيلي
والحقيقة ان الحديث عن هذا الفنان يحتاج لمساحات أكثر ليعطي كل ابداع من ابداعاته حقه الكامل وبما ان الصفحة تشكيلية فالامر اصبح اكثر التزاما بهذا الابداع والذي اخذ مساحة ليست قليلة من جهد وعمر وخبرات هذا الرجل وجعلته مرجعاً ابداعياً في الاداء وفي تاريخ الفن ومالكا للقدرة على تقييم وتقويم الاعمال الفنية والحكم عليها ارتكازا على خبرات تراكمية في كل المدارس الفنية والتقنيات الادائية في العمل الفني والفنان عبدالجبار اليحيا ولدت معه موهبة الرسم وتبلورت في فترة طفولته وصباه وكان للمحيط البيئي الذي عاش فيه هذا الفنان أهم مصادر الالهام ولهذا جاءت اعماله الأولى مرتبطة بالواقع ارتباطاً حسياً، واداءً فنياً، فرسم القرية والنخيل والسوق وكان اختياره للزوايا الجميلة في ذلك المحيط هو ما يلفت النظر عند المتلقي اضافة إلى الحبكة اللونية واستشفاف الوان الطيف عبر آفاق الصحراء وجمال القرية.
دراسة أكاديمية وخبرات الرسم
تلقى الفنان عبدالجبار اليحيا تعليمه أكاديميا في مجال الفنون واتبعه بدراسات شخصية عبر تجارب يمكن أن نسميها «مخبرية» في مرسمه للعديد من الاعمال الناضجة والمكتملة البناء مضمونا وشكلا ابداعيا كان كما قلنا في بداية مشواره استلهامه للواقع الا ان ما يقدمه من اعمال لم تكن لمجرد النقل أو المحاكاة بقدر ما تحمل في ثناياها ملامح خاصة واحساسا مفعما بالبعد الإنساني والجمالي معا أكثر منه تسجيلا لشكل يمثل معلما اثريا أو لموقع سياحي، وانما تعامل مع عناصر البيئة باحساس عاطفي جعل اللوحة كائناً يتحدث معه ويروي له حكايات الصبا ومراتعه المملوءة بالحب ونفحات العشق المؤطرة بالمودة والالفة فاصبح كل جزء من اللوحة يعني شيئاً ما ويعبر عن ابعاد وجدانية فأخرجها من دائرة المجاملة والتقليد وانغمس عبرها نحو الفكرة وكيفية ان يجعل منها هاجسا تشكيليا وقلقا ابداعيا تتفتح اساريره حينما يختتمه بامضائه.
مرحلة الرمزية
تلك المرحلة «الواقعية» غير المباشرة كما قلنا حتى ولو تقمصت أو لبست في مظهرها شكلاً مباشراً إلا انها عند الفنان تعني وضعا آخر لا يمكن فصله عن عقله الباطني مشحونا بكل تفاصيل وجزيئات نموه الجسدي والذهني والعاطفي، ولهذا جاءت مرحلة الرمزية مرحلة هامة عند الفنان وعند متابعيه.. تلك المرحلة كشفت ما كان مغلفا بالمباشرة في التكوين إلى شفافية المعنى وقوة الرمز وتنوعت عبرها الأعمال والعناصر ولعل ابرزها «المرأة» بما تعنيه من علاقة اسرية فهي الام والزوجة وهي الارض والعطاء والكفاح والصبر، وهي العاطفة بكل معانيها يجمعها الفنان اليحيا في المعنى والرمز وتتنوع في التعبير وفي الصورة النهائية في العمل الفني واللانهائية في التحليل والبحث والايحاء اذ خرج لنا الفنان عبدالجبار بالمرأة بغير ما خرج به الآخرون من بحث عن جمالها وفتنتها والتفنن في اظهار زوايا وجوانب الجاذبية فيها بل جاءت المرأة في أسمى صورها واعظم ادوارها ولهذا نجد ان اغلب اعمال الفنان اليحيا خالية من ملامح الجاذبية المغرية.
وفي مقدمتها ملامح الوجه باستثناء عدد قليل من اعماله تؤكد قدرته الفائقة على التعبير عن تلك السمات أو المقاييس الجمالية.
واستشهادا مع أعمال الفنان عبدالجبار اليحيا يمكن لنا التعرف على تلك الابعاد والتقنية من خلال بعض النماذج ولتكن لوحة وداع المحارب، احداها اذ ابرز الفنان المشاعر الإنسانية في اللوحة وفي مقدمتها احساس المرأة كونها الاطار الحقيقي للاسرة وما تمتلكه من حنان وعاطفة فجعلها في رأس الهرم، وشمل البقية باحياء الترابط كما هي ايضا في لوحة الاطلال او بقايا في الذاكرة جعل المرأة جزءاً من هذا الاحساس القوي والمؤثر في وجدانه والمتعلق بحبه لكل شيء فكيف اذا كان الوطن أو كان الماضي بما يحمله من عناصر ملموسة ومحسوسة فكانت المرأة أكبر واعذب تعبيراً.
وتتنامى ابداعات هذا الفنان ورمزيته المتألقة ويبحر بنا في عالمه التشكيلي عبر لوحاته دون غموض يقدم لنا ابداعا راقيا ومتمكنا.
محطات جمالية أخرى
وإذا كنا قد اعتبرنا استلهام الفنان عبدالجبار للمرأة في أعماله هو الأبرز فهناك أيضاً أعمال أخرى لا تقل بأي حال من هذه المرحلة أو هذا التخصيص عبر مسيرته الابداعية.. إذ قدَّم العديد من اللوحات والمرتبطة بالانسان بالأرض بأنماط مختلفة وعديدة كانت مثار جدل فني بين التشكيليين والمثقفين وجه فيها الكثير محاور للنقاش والبحث قلّ أن يحدث عند العديد من الأعمال التي تقدم في المعارض الجماعية أو الفردية لأسماء معروفة وهذا يعني وصول الرسالة الابداعية بشكل خاص نتيجة لوضوح العنوان.. ويمكن لنا أن نضيف جانباً هاماً عند هذا الفنان الرائد وهو أنه له في كل عمل ايحاء وقضية مما جعل أعماله غير مكررة وتحمل أبعاداً أدبية وثقافية أكثر منها لوحات جمالية «ديكورية» ورغم هذا التميز والخصوصية المعاصرة في أعماله والتي تحقق المنافسة العربية والعالمية إلا أن نصيبها مازال قليل الحضور في المعارض والبيانات أو الترنيليات العربية والعالمية وهو سؤال يوجه للجهات المسؤولة عن المشاركة فيها.
التجربة اللونية
المتابع للفنان عبدالجبار اليحيا يمكن له الوقوف على حقيقة تتمثل في أن هذا الفنان مأسور بألوان الصحراء ألوان رمال وهضاب وجدران الطين في نجد وعلى امتداد الجزيرة العربية قليلاً ما نرى الألوان الباردة أو مظاهر المياه والخضرة وهنا يبرز لنا دور البحث والدراسة في اللون واعتباره عنصراً هاماً للتعبير وان العمل الفني الأصل فيه الألوان لنجاح ابراز الفكرة وتجسيدها ولهذا كان للألوان الصحراوية الساخنة خصوصية في أعمال الفنان اليحيا وأضفى عليها من خبراته أن سخرها لخدمة الموضوع إذ لم يكن وجود اللون في أعماله لملء المساحة أو لتغطية الفراغ بل جاء حاملاً معنى وبعداً انسانياً وفلسفياً تفرضه الفكرة ويجيده الفنان بمراس وتحكم قلّ أن نراه في العديد من الأعمال التشكيلية الأخرى إذا استطاع أن يعزف سمفونية لونية متوازنة.
خلاصة
إن الأساس الابداعي في تقنية العمل الفني عند اليحيا يعتبر أساساً حاذقاً وذكياً لتجربته فكان لها أن شكلت القيمة الجمالية العامة لابداعه وخرج من تجربته الأدائية والزمنية من الواقعية كمحور للانطلاق مروراً بالرمزية ثم الرمزية التجريدية تجعلنا نقف أمام اشكالية جمالية أزلية مازال يحاكيها ويبحث عن زواياها الجديدة والمشرقة.
لقد جسَّد الفنان اليحيا المعاناة الانسانية وجسَّد العلاقة بالأرض والوطن والمرأة والواقع بكل عناصره مروراً بمراحل كثيرة شابها القلق الابداعي.. محافظاً في كل محطة على أسس العمل الفني المتكامل.
أخيراً
رسالة نوجهها للأحبة في الجهات المسؤولة عبر هذه الصفحة واستكمالاً لهذه الاطلالة على واقع فنان ساهم ومازال يساهم بابداعه في مسيرة التشكيل المحلي بأن يعطي حقه من التكريم والتقدير المعنوي قبل غيره وأن ترصد مسيرته الابداعية في معرض استعادي يقدَّم للأجيال الجديدة للتعرف على سابقيهم من أصحاب الخبرات ثقافة وأداء.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
الملف

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved