الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 19th September,2005 العدد : 123

الأثنين 15 ,شعبان 1426

المثقف بين التغييب والتغريب
محمد المنصور الشقحاء *

جاء كتاب (النخب السعودية.. دراسة في التحولات والإخفاقات) للدكتور محمد بن صنيتان كجناية في حق المثقف في المملكة العربية السعودية من خلال اتهام هذه الشريحة بأنها غير مؤثرة في المجتمع لمعوقات يرى الباحث غياب المشروع المتكامل في خطابها مع افتقاد الصلة بهموم الناس (ص 192).. ولا أدري ما هي مخرجات هذا التصور.
وهذا التصور الهش مع تقديري للباحث لم يربطه بالحراك الفردي لهذا المثقف الذي لم يفقه معنى العمل الجماعي، بينما نجد في المدرسة نواة بناء هذا الفعل عبر الجمعيات المشكلة داخل كل مدرسة لتحفيز العمل الجماعي الموظف لتنمية القدرات.
ومن المؤكد أن الباحث الكريم وهو يصل إلى هذا التصور للمثقف تتطلع قطاعات كبرى من المثقفين السعوديين الذين لم يعودوا يؤمنون بأي رسالة، سوى رسالة تسلق السلم الطويل، والمهيمن أحياناً، للبيروقراطية التي عرقلت التنمية كان في غياب عن مثل هذه التشكيلات الصغيرة فَفَقَدَ ثقته بهم وهو ينتمي لهم.
فهو يعمم صورته التي نجدها واضحة في استمارة البحث، فقد قال في المقدمة (فموقعي الوظيفي على اعتبار انني قريب من النخب، مكنني لزمن طويل من معاشرة العديد من مفردات النخب المنتمية لمختلف الأوساط المهنية والمناطقية)، بما يشي انه تابع ولم يأتِ بمخرجات البحث من المجتمع كباحث محايد.
نعود للمثقف الذي تجنى عليه الباحث الكريم.. كلنا نعرف المعنى اللغوي لكلمة (ثقف) التي ينتمي لها المثقف.
وهنا أتحدث عن المثقف الأديب والمفكر ومهام كل واحد في البحث عن المعرفة، وكيف شققنا بما نكتب هدفنا، وما هي مخرجات كتاباتنا بأشكالها المختلفة لبناء المدينة الفاضلة.
المدرسة بمراحلها الثلاث دربتنا على الكتابة، والجامعة (التي غيب دورها الثقافي الموظف) في مرحلة متأخرة وطنت هذه الممارسة من خلال الاطلاع على منجزات العالم، وبالتالي اتباعياً أخذنا نحلم بتخلق جديد، جاء عبر الصحافة والمنتديات الخاصة في إطار الصداقة والمجايلة.
ثم جاء الفعل الداعم من قِبَل الحكومة وليس من قِبَل المنتمين للثقافة، قامت الإذاعة المسموعة والمرئية وأُعلن عن قيام مجلس رعاية العلوم والفنون عام 1394هـ في وزارة المعارف في عهد الوزير حسن بن عبدالله آل الشيخ، وصدر أمر ملكي بتشكيل مجلس إدارة المجلس من الأستاذ محمد حسن عواد والأستاذ عزيز ضياء والاستاذ عبدالله بن إدريس والدكتور صالح العذل مع عدد من وكلاء الوزارات ومديري الجامعات برئاسة وزير المعارف.
غير أن المجلس لم يقم بدوره كمؤسسة ثقافية علمية أثناء تولي الدكتور عبدالعزيز الخويطر العمل وزيراً للمعارف، إنما جاء المخرج من إدارة حكومية أخرى هي الرئاسة العامة لرعاية الشباب في عهد الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز فكانت جمعية الفنون في عام 1393هـ التي أصبح اسمها عام 1398هـ جمعية الثقافة والفنون، ومن خلال مشروع إحياء مهرجان سوق عكاظ انبثقت الأندية الأدبية عام 1395هـ وشُكّل للنادي الأدبي نظام تم العمل به حتى عام 1400هـ الذي يرى أهمية العضوية ودور الجمعية العمومية ومسؤولية مجلس الإدارة المنتخب ودور كل عضو في المجلس الذي يتخذ قراراته بالأغلبية، إذ يتكون المجلس من عدد فردي (خمسة أو سبعة أو تسعة).
وقدمت الجمعية والأندية الشيء الكثير حتى اليوم، وان انفصلت عن المجتمع الذي تشكلت داخله لتكون واجهة حكومية بفعل الموظف الذي عين كحلقة وصل بين هذه المؤسسات والدولة فَفَقَدَ المثقف الثقة بها، إذ هناك مثقف (لا يحمل رسالة تسلق السلم الطويل) حقيقي نجده في الصحف وفي المنابر وعبر ما يطبع من كتب يدون ما يراه ويكتب ما يريد وبالتالي ومع الحرية المشروطة أصدر كتبه خارج الحدود ونشر أبحاثه وإبداعه في فضاء أرحب.
وهذه الكوكبة معظمها من الطبقة العامة (صغار الموظفين وعيش كفاف ومعونة من الصحف التي يكتبون فيها) وخطابهم متداول ويصطدمون بمثقفي الدولة في كثير من الأفكار والرؤى وان كانوا غير مؤثرين؛ فالقرار في يد كتاب السلطة.
لقد جاء كتاب النخبة صورة باهتة لفكر طبقي اجتماعي شقاه الحضر والبدو يبث ثقافة البدوي واصماً الحضر بما يحمل من موروث لم يستطع وهو يندمج في الفعل من التخلص من صفة (التبعية) التي هي شرط في شخصية البدوي ضمن جماعته وعشيرته التي تتشكل من الشيخ والأتباع.
ولذلك نجده يدخل قسراً (القبائل) في الأشكال التي وشى بها الكتاب كرسوم بيانية وتضاربت المسميات من شكل إلى آخر (الرياض حائل القصيم الحجاز القبائل جيزان.. الخ)، بينما القبائل منتشرة في كل مكان، كما نجد في الوزراء أسماء غير مكتملة (هشام يوسف محمد إبراهيم بن عبد..) مما يعني اختلاط المفهوم للنخبة كحديث لازجاء الوقت وبحث تنويري يسعى لتوصيف حالة.
المهم تمنيت من الباحث الكريم أن لو راجع قناعته في سلب المثقف دوره التنويري وحقه في الحياة؛ فكل من اتصل بهم لصياغة بحثه لا يشكلون ظاهرة إنما هي فئة نجدها في كل مجتمع.. وبالله التوفيق.


m7med2000@yahoo.com*

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved