الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 19th September,2005 العدد : 123

الأثنين 15 ,شعبان 1426

رؤية
مفكرون..؟؟
محمد الدبيسي

(المفكر).. لم يتحرر اللقب كصفة تمتلك مقوماتها المعرفية، وشروطها الثقافية لدينا.. من لصقه كإعجاب مجاني بالكتاب والنقاد.. الذين كانوا ضليعين حد الإجادة في مناوشة الحدود الدنيا من مفردات فلسفة المعرفة.. أو أنظمتها..؟
وقراءة الواقع العام بخطاباته المتعددة قراءة فاحصة.. تتوخى رسم علاماتها المفصلية، وتحديد مواقع تحولاتها أو نتائجها..؟
ونحن إزاء نموذجين.. انبثق أحدهما من عمق الوسط الثقافي (الأدبي).. فعندما أدهش الناقد الأدبي (سابقا).. المشهد بإنجازات وعيه الأميز، وجهده الدؤوب في استشعار حساسية البنية الثقافية العامة، حتى وإن كان الأدب إرهاصات مشواره وطلائع جهوده الجادة، واستواء حضوره في المشهد الثقافي كناقد أصيل ومثقف حقيقي.
أما النموذج الآخر.. فكان من خارج الوسط الأدبي (التقليدي)..
إذ تحول الأستاذ الجامعي المتخصص في العلوم السياسية، من محلل سياسي وكاتب صحفي معني بمنظومة الخطاب الثقافي العام.. إلى (روائي) يكشف وبجرأة صادمة للذوق المحافظ البليد .. أجزاء من (سيرة المكان والإنسان)، ومن ثم بويع (عرابا) رمزيا لخطاب سردي جديد.. يتبرأ من سلطة التأويل القبلية، ويهتك ستر (الذات) ليعيد كشفها فضحها.. بنماذج روائية قاربت درجة الجودة.. وإن تجلت نبرة تجاوز ثقافة (الحجاب) والإيغال في تدوين أسرار كان البوح بها قبله واكتناف السرد لها في خانة المحظور المحرم..؟؟ لتشتعل حماسة (المجربين) للفوز بجزء من كعكة الجرأة وتحرير السرد من طمأنينة الحكايا.. وحميمية طهرانيتها وبؤسها.. وتوترت أحاديثها المضامينية..! فاستحق أولية (النقر) على الجرس..؟؟
ليتقافز الكتاب رغبة في تعليقه..؟؟
ليجد الأستاذ الجامعي الأكاديمي (المتقاعد مبكرا) في مكوناته طاقة أخرى.. وظفها في قراءة الموروث الديني في مساقه الخاص بفقه النص وتأويله وتعالقه مع الرؤى المفسرة للقواعد الشرعية، واستقرائها وفقا للفهم الجمعي (المحلي)..؟
ففي (السياسة بين الحلال والحرام) سفره المثال في هذا المسار.. ما يمكن أن يكون بداية مشجعة لا يرفدها وعي بالأصول وقراءة الموروث الفلسفي الإسلامي، والإفادة من جهود المعاصرين في هذا المجال..؟
وكلا الرجلين، (الناقد والكاتب) صنفا في المتداول الصحفي (مفكرين) كحماس مناقبي من قبل فئة من المتلقين.. تتوق لصناعة رمزها النموذجي المتفرد بعلمه وموسوعيته وألمعيته..و..و..؟
عبر إلصاق وصف (المفكر) على الشخص لا الإنجاز..؟
وهو (وصف) هم أول الضائقين به، بل وتضيق به معارفهم التي تدرك المعنى الحقيقي (للمفكر)..؟
هذه الأحكام (العامة).. المطلقة في سدى الوهم.. لا يمكن أن تجود بأكثر من تجسيد معنى الالتئاذ بحمية بيئة تصطنع رموزها من (معطيات).. لم تتراكم أو تتأصل.. تستأنف سياقاتها من (المتاح) من القضايا والأفكار.. دون أن تتخذ صيغة مشاريعية متخصصة..؟
فلم ينجب واقعنا الثقافي بعد (مفكرا).. يمكن أن تقارب جهوده ولو بموازنة بسيطة.. جهود رموز أخرى في ثقافتنا العربية المعاصرة كعبدالرحمن بدوي.. حسن حنفي.. أو حتى محمد جابر الأنصاري..؟!
ففي مسيرة كل واحد من هؤلاء منظومة إنجاز متسق متراكم.. يغوص في أفق معرفي متراكم جاوز عقودا من العمل المضني.. حتى استحق وبجدارة موضوعية. صفة (مفكر)..؟
فيما كانت جهود نموذجينا القلقة.. تستأنف انطلاقاتها من صعد كتابية وبحثية متعددة.. مع تراثها النوعي.. فلم تبلغ منتصف الطريق..!
ولا يضيرها أن ندخر حماسنا في منح الألقاب.. إلى منجز لم يتحقق بعد..!
بدل أن تعمم المنح المدائحية الوصفية حالة من المجانية والتصورات المتسرعة لمنجز لم يحقق ما تزعمه له أحلامنا.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved