الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 20th March,2006 العدد : 145

الأثنين 20 ,صفر 1427

بين مؤمل.. ومولول.. ومهول
الأندية الأدبية.. احلال وتعيين..!!
* الثقافية - سعيد الدحية الزهراني - علي محسن المجرشي:
يعيش مشهدنا الثقافي المحلي حراكاً مبهجاً في شتى الاتجاهات هو على أي حال ظاهرة عافية واتجاه نحو إيجابي مأمول..!
وشأن الأندية الأدبية يأتي كأحد أهم مفاصل أو أشكال ذلك الحراك، حيث اخذت صفة مختلفة ووضعاً مغايراً عقب إقرار الوكالة الثقافية ضمن وزارة الثقافة والإعلام..!
مؤخراً كما يعلم الجميع طرأت تغييرات مهمة وحاسمة فيما يتعلق بالأندية الأدبية، سواءً ما يتعلق بالاستقالات أو الاقالات أو ما يختص بالإحلال والتعيين لمجالس عدد من إدارات الأندية الأدبية.
حول هذا وذلك.. وقفت (الثقافة) على عدد من المحاور رصدت من خلالها عددا من الأراء والانطباعات.
***
أهمية وجود المرأة
كان أولها تصريح الدكتور سعد البازعي رئيس أدبي الرياض، حيث أجاب فيه عن سؤال (الثقافية) عن وجود المرأة ضمن التشكيل الجديد لأدبي الرياض قائلاً: فيما يتعلق بالمرأة ووجودها كعضو معين ضمن أعضاء إدارة النادي.. فالجميع يعلم أن التشكيل الجديد صدر عن وزارة الثقافة والإعلام بالتشاور مع الوسط الثقافي.. ولم يكن للنادي أدنى علاقة في اختيار الأشخاص أو الأعضاء.. وبطبيعة الحال الوزارة أعطت مؤشرات حول إمكانية تفعيل وجود المرأة في النادي واقصد هنا وجودها كعضو فاعل ومؤثر، ولا أقصد اقتصار ذلك الوجود على المشاركة في الفعاليات والأنشطة وهذا بلا شك هو طموح الوزارة والنادي أيضاً وهو ما سنسعى إليه.. لكن مثل هذه القرارات هي من اختصاص الوزارة.. فنحن أشخاص معينون وليس من المنطقي ان نعين، نحن بطبيعة الحال من خلال ما لمسناه من مؤشرات منحتها وزارة الثقافة والإعلام سنقوم بالاقتراح فيما يتعلق بما نتطلع إليه جميعاً، وعلى أي حال الوقت لم يعد يحتمل انتظار المرأة وقتاً أكثر.
نحن وصلنا لمرحلة تتطلب وجود المرأة بشكل فاعل وحقيقي، أما ما يتعلق بمسألة الانتخاب فيجب أن تقنن العملية الانتخابية لدينا أولاً.. هناك الكثير من الاخوة المتحمسين يندفعون دون أن يدركوا ضوابط وقوانين العملية الانتخابية.. من ينتخب من؟ الأمر في الشأن الثقافي والأدبي يختلف عن المجالات الأخرى الاقتصادي والبلدي وغيرها.. يجب أن ندرك أن العملية الانتخابية إن لم تنهض وفق أسس وقواعد سليمة فمن الممكن أن تتسبب في انعكاسات سلبية جداً!!
وحول عضوية إدارة النادي الأدبي بالرياض.. علق د. البازعي قائلاً: في الحقيقة أرى أن عضوية أدبي الرياض أو التشكيل الموقر مؤخراً (معقول)، وهذا تعبير دقيق أطلقه هنا لأنني اعنيه وهو معقول تماماً لاشتماله على فئات وتجارب ومهارات مختلفة ومتفاوتة ومتعددة.
أما أبرز ما نتطلع إليه في أدبي الرياض فيتمثل في عدد من الأمور، هي تفعيل ثقافة الانتخاب للمرحلة القادمة وتهيئة المناخ العام للتكيف معها.. حيث سنسعى إلى تطبيقها في المرحلة القادمة - بإذن الله -.. كما تأتي مهمة تطوير النادي من الداخل وتنظيمه؛ لان النادي يحتاج إلى إعادة ترتيب الكثير من محركاته الداخلية وهذه أمور قد تخفى على الكثيرين.. إلى جانب أننا سنعمل على وضع أو رسم استراتيجيات بعيدة المدى لعمل واداء النادي.
وفي ختام حديثه وجه د. البازعي رسالة الى الوسط الثقافي قائلاً: أرجو من الوسط الثقافي أن يدرك أن الأندية الأدبية لا تستطيع أن تنهض بدورها دون مشاركاتهم ودعمهم.
أملنا أن يتفاعلوا مع ما نطرحه ونقدمه من فعاليات وانشطة لانهم هم المعنيون في المقام الأول.. كما أؤكد أننا نرحب بالنقد البناء العقلاني شريطة ألا يتعجلوا الثمار أو النتائج، ما نريده بحق هو أن نعمل بشكل منظم وخلاق وللوسط الثقافي أن يحاكمنا وينتقدنا لكن بعد أن يعطونا فرصة العمل والطرح.
***
التغيرات تحسين للأفضل
بعد ذلك جاءت مداخلة الأستاذ محمد الحميد رئيس نادي أبها الأدبي الذي أكد أن من حق وزارة الثقافة والإعلام أن تتخذ ما تراه مناسباً.. قائلاً:
- من حق وزارة الثقافة والإعلام وقد ضمت إليها الأندية الأدبية ان تتخذ ما تراه مناسباً من الإجراءات لتطوير الأداء وتحسين الأوضاع للأفضل..
ولنا في حكمة الأستاذ اياد مدني والدكتور عبد العزيز السبيل وتجربتهما ما يكفي للوصول إلى الغاية المنشودة.
أما الصخب الإعلامي وردات الفعل من بعض الأندية بالتسابق في إعلان الاستقالات فلا أجد لها ما يبررها، لأن العمل بالأندية تطوعي للقادرين والمبدعين ولابد من تواصل الأجيال عبرها من الشيوخ والشباب، فهم أبناء وطن واحد تربطهم أكثر من آصرة، والتجديد وتدوير المواقع أمر طيب وينبغي أن يتم بهدوء وتشاور بين منسوبي الأندية والمهتمين بالثقافة، مع الاحتفاظ بكرامة وأسبقية من أسس وبنى واشاد وأنجز حتى لا نكون مجتمعاً دفّانا.
- وقد دخلت نادي أبها الأدبي عام 1399هـ عن طريق الانتخاب من جمعية عمومية بحضور لجنة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب.. وقمت بما أعانني الله تعالى عليه طوال ثمانية وعشرين عاماً بما يشهد به القريب والبعيد من أبناء المنطقة وعلى رأس الجميع سمو الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز الذي تابع النادي منذ تأسيسه حتى اللحظة، وما زالت لدي القدرة على العطاء والإضافة للنادي الذي بنيته طوبة طوبة وبجهود ذاتية وتعاون من زملائي الأفاضل السابقين واللاحقين.
ولدي الاستعداد الكامل لتسليم الأمانة كاملة موفورة للبديل وأنا في غاية السرور لأن البقاء لله وحده.. وإذا ترجلت عن مسؤوليتي فإنني أتركه وهو في الذروة - ولله الحمد - والمنة.
أما الاخوان رؤساء الأندية الأدبية فهم أحرار في اتخاذ قراراتهم وفق ظروفهم وتفاعلاتهم ولن يهمل التاريخ المنصف جهودهم حتى ولو حاول المتطاولون طمسها.
- الذي يملك تعيين رؤساء الأندية الأدبية هي الوزارة التي وكل إليها ولي الأمر الإشراف عليها.. وفيها الخير والبركة.
***
الانتخاب يمهده التعيين
أما الأستاذ عبد الله الشهيل رئيس أدبي الرياض المكلف (سابقاً) فقد أجابنا عن عدد من الأسئلة حاملاً هم الثقافة لا هم (الأنا) من خلال تعيينه وإقالته في فترة قصيرة حيث قال:
- أولاً التغيير مطلوب وهذه طبيعة الحياة.. لكن التغيير يجب أن يكون نحو الأفضل والإيجابي وهذا هو الأصل.. أما تكليفي برئاسة أدبي فكان بصورة مؤقتة إلى أن يتم تشكيل مجلس إدارة جديدة أما أنا فقد قضيت معهم سنين عمري في الشأن الثقافي بشكل عام..
في نظري أن الأهم في ذلك بغض النظر عن الجانب الشخصي فهو ما دام ان الثقافة قد جمعت في جهاز جامع فالمفروض أن يبحثوا في صيغة مختلفة عن صيغة الأندية الأدبية تتناسب مع المعطى الجديد والمنافسات الجديدة أيضاً.. وتستطيع مواجهة التحديات في عالمنا المعاصر.
ولأن الجانب الفكري جانب أساسي في المجتمعات وتأسيس الوعي فيها لكي تفعل الثقافة إلى سلوك وتعامل وتفكير لابد من ان يبحث في صيغة أخرى غير صيغة الأندية الأدبية المعمول بها الآن.. وهذه الصيغة لا أجدها ولا اعرفها بصراحة أو ازعم أنني املكها لكن هذا واجب الوكالة الثقافية من خلال تحليلها لتجارب الآخرين.
ان الصيغة التي تعمل بها الأندية الأدبية حالياً قد استنفدت أهدافها وغاياتها وها هي بدأت تغير بشكل غير مناسب بعد أن انتهت صلاحيتها.. من أبرز ما يمكن ان يقال عن الصيغة التي تعمل بها الأندية الأدبية أنها لا تمثل ثقافة وطن انها تمثل ثقافة مناطق وهذا ما لا يحقق لنا وجوداً عالمياً أو خارجياً.
أود ان أشير إلى نقطة مهمة لم يلتفت إليها الكثيرون وهي ان الأندية الأدبية تحتاج إلى فكر إداري وفكر مالي وفكر تخطيطي بشكل مستقل.. هذه نقطة مهمة جداً يجب أن تعيها وزارة الثقافة والإعلام وعدم تكريس الفعل أو التوجه على الكادر الثقافي البحث.. هناك فرق كبير ولكي يتحقق الهدف المنشود للشأن الثقافي لدينا لابد أن نعي ان المهمات تتحقق وفق التخصصات فليس كل مثقف إداريا وليس كل أديب مخططا وليس كل شاعر وقاص منظما.. هناك أمور إدارية تختلف عن العمل الثقافي واتمنى ان نعمل في اتجاه واحد لنصل في نهاية المطاف إلى منتج ثقافي أدبي رائع ومشرف.
أما فيما يتعلق بما قامت به وزارة الثقافة والإعلام من إحلال مجالس بعض الإدارات وتعيين مجالس إدارات جديدة، فالتغيير مطلب مهم وأنا مع هذا التوجه لا مع من يطالب بالانتخاب لأن الانتخاب في بداياته ربما يكون ذا انعكاسات سلبية لا ندركها الآن.. وهذه الخطوة على أي حال خطوة أولى ستمهد للانتخاب ولغيره من الإجراءات البناءة الفاعلة في شأننا الأدبي والثقافي.
***
لا تعليق
الأستاذ سعد المليص رئيس نادي الباحة الأدبي لم يعلق على سؤال (الثقافية) حول ما يدور حالياً عن مجالس إدارات الأندية الأدبية قائلاً: لا تعليق للمليص على ما يدور حالياً عن مجالس إدارات الأندية الأدبية أكثر مما اجبنا عنه في الصحف المحلية ومنها صحيفتكم الغراء ولكل ناد استقلالية في القرار به وفقاً لثقة الدولة ممثلة في مقام وزارة الثقافة والإعلام ورؤية خاصة بأعضائه، إذ إن الأندية الأدبية لها اعتبارية شخصية مستقلة نص عليها النظام الذي لا نزال نتفيأ ظلاله منذ تأسيس هذه الأندية.
وعن سؤالنا المليص عن موقفه وهو يرى زملاءه رؤساء الأندية الأدبية يتهاوون إما بالأعضاء وإما بالاستقالات الشخصية فأجاب (هذا السؤال يجب ان يطرح بصورة أدبية مما هو عليه من حيث أسلوب السؤال، لا كما جاء في سؤالكم (يتهاوون) (بالإعفاء أو بالاستقالات الشخصية) إذ إن الوزارة تحترم منسوبيها بمن فيهم رؤساء الأندية وأعضاؤها ولم يعرف عنها التعسف لرجال الفكر والأدب والوطنية، ومن قدم جهداً ثقافياً واثرى الساحة الأدبية بكل جديد ومأثور في مجال اختصاصات هذه الأندية خلال مسيرتها الثقافية، ولا يجب ان تصم الصحف من أدى واجبه الوطني بالتهاوي بعد الخدمة التي قدمها وكانت ولم تزل موضع تقدير.
وفي رده على سؤال (الثقافية) لو قدر للمليص ان يعين رؤساء الأندية الأدبية فعلى من سيقع الاختيار أجاب: يقع الاختيار على مثل ما اختارته الدولة في شخص الرئاسة العامة لرعاية الشباب سابقاً ومقام وزارة الثقافة والإعلام حالياً لرؤساء وأعضاء الأندية من ذوي الحجى والنهى والوطنية وهم كثر في بلادنا الغالية والحمد لله، ممن لهم إسهامات في خدمة هذا الوطن ومواطنيه في التنمية الشاملة التي نعيشها في هذا العهد السعودي الزاهر بما فيها مجالات الثقافة والأدب، ولسانه رطب بالذكر والحديث عن نهضتنا وأمننا واستقرارنا ورخائنا وإخائنا في إنكار للذات كما هو حال الأخوة أعضاء ورؤساء الأندية الأدبية بالمملكة العربية السعودية.
***
وزارة الثقافة وخيبة الأمل
الدكتور عبد الرحمن الفريح نائب رئيس نادي حائل الأدبي عبر عن رأيه فيما يتعلق بالتغيرات الجديدة في مجالس وإدارة الأندية الأدبية عن ذلك قائلاً:
لقد كان المأمول من وزارة الثقافة والإعلام أن تلبي رغبة المثقفين وهي انتخاب من يريدون.. لكننا فوجئنا بالتعيين.. من خلال نادي الرياض الأدبي.. المتمثل في إحلال مجلس إدارته السابق وتعيين مجلس إدارة آخر.. فهل هذا هو المأمول..؟ ما الجديد في هذا؟ وما الذي كنا نطالب به؟.. اصدقك الحديث يا أستاذ سعيد لقد أصيب الناس بالإحباط من خلال هذا الفعل..!!
أشير هنا إلى رابطة الأدباء التي يتم التباحث في شأنها الآن في مجلس الشورى.. وكيف قرر لها أن يكون منطلقها الانتخاب وان يكون لها شخصية اعتبارية حقيقية.. عبر دورية محددة وواضحة.. وهذا ما لم يتحقق فيما يتعلق بالأندية الأدبية، إلى جانب أنه لم يفعل من قبل وزارة الثقافة والإعلام بالشكل الذي كنا نريده أو نرغبه.
- أما ما يتعلق بأدبي حائل.. ففي أول لقاء مع معالي وزير الثقافة والإعلام قدم النادي عرضاً مميزاً يتمثل في إيجاد آلية جديدة تحدد عمل الأندية الأدبية سواء في إدارتها أو في عملها ونشاطها.. وكنا في أدبي حائل من أوائل المبادرين بأمور كثيرة ومهمة ليس أولها إشراك العنصر النسائي في مهمات النادي ونشاطاته وصلب عمله وليس آخرها تفعيل النادي وأنشطته من خلال إيجاد موقع خاص به عبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت).
ولا أخفيك لقد قمنا بترشيح عدد من الأسماء لمجلس الإدارة وهي موجودة لدى وكالة الوزارة للشؤون الثقافية في وزارة الثقافة والإعلام.. وليس من المناسب ذكرها في هذا السياق لأنها طلبت منا بشكل سري.
أما التغيير أو التبديل أو التعيين أو الإحلال من قبل وزارة الثقافة والإعلام فلم يحصل بشأنه فيما يتعلق بأدبي حائل أي شيء.. وما تراه الوزارة فسنتمثله بشكل كامل وبكل رحابة صدر.
ختاماً أود أن أؤكد الإحباط والصدمة اللتين فجع بهما الوسط الثقافي كاملاً جراء هذا الفعل الذي لم نكن نتوقعه من وزارة الثقافة ولم نكن نأمله منها.
***
المسؤولية جسيمة
الأستاذ حجاب الحازمي رئيس نادي جازان الأدبي (سابقاً) أكد أن مسؤولية وزارة الثقافة والإعلام جسيمة جداً خصوصاً ما يشهده مشهدنا الثقافي قائلاً: إن المسؤولية التي تتحملها وزارة الثقافة والإعلام جسيمة جداً خصوصاً ما يشهده مشهدنا الثقافي من تغييرات في مجالس إدارة الأندية الأدبية بالمملكة.
ولا شك ان مجالس إدارة الأندية الأدبية قدمت دورا قديرا وأسهمت في النهضة الأدبية التي استمدت أكثر من نصف قرن، قدمت عددا كبيرا من الوجوه المثقفة وقدمت للثقافة الكثير وأسهمت في تطور الثقافة السعودية.
ان التشكيل الجديد نسيان لهذه الحقبة الماضية لكن ظروف الحياة والتجدد تقتضي ان يكون هناك شيء من التجديد والرغبة في التطوير ورغبة في الاستمرار.
الأندية الأدبية قدمت دورا كبيرا سابقاً وبالتشكيل الجديد ستقدم - إن شاء الله - ما هو منتظر منها من تطور الأندية وتقديم خدمة الفكر والثقافة.
إن التشكيل الجديد يسير نحو الأفضل بدليل أنها لم تنس الماضي فقد أخذ هذا التشكيل من المجالس الإدارية لتلك الأندية السابقة بعضا من الوجوه القديمة وكذلك اخذت إعلاميين وأهل الخبرة وكذلك من ذوي الاختصاصات وتمنى لكل الوجوه الجديدة التوفيق.
***
تغيير مفصلي وحاسم
الدكتور علي بن محمد الرباعي أبدى سعادته بهذه التغيرات التي قامت بها وزارة الثقافة والإعلام، حيث قال: كنت وإلى زمن قريب أردد مع صلاح عبد الصبور متى ستشرق الشمس التي نختار؟ وأجدني اليوم ملزما بالاعتراف بأنها قد أشرقت بعد حلكة ليل جاثم، لم يكد ينجلي حتى تنفس مثقفو الوطن الصعداء، وكم تندمل الجراح بلمسة من يد حانية.
ولا ريب أن تاريخ الحركة الفكرية والثقافية في بلادنا سيسجل لوزارة الثقافة والإعلام الحالية، هذا القرار المفصلي المتضمن الكثير من التغيير والتطوير والإصلاح في الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية في صفحة مشرقة من طياته وبمداد يستعصي على المحو.
وربما كنا لطبيعة فينا على عجلة من أمرنا في حصول التغيير في زمن قياسي، إلا أن النظرة الثاقبة لمعالي الوزير ولمساعديه كانت ترمق التوقيت المناسب وتحدد الآلية الحضارية وتراعي الجوانب الإنسانية حيث أتاحت لمن استشعر الحراك الإيجابي للوزارة بما يتضمنه مشروع التغيير أخذ زمام المبادرة والتبكير بالاستقالة، فيما اضطرت لإقالة آخرين لأنهم تجاهلوا حقائق لا يمكن تجاهلها وتصوروا أن هناك حصانة للبعض ستحميهم من تبعات القرار الحاسم.
لقد سعدت بالخطوات الجريئة للمستقيلين، لأنهم أنقذوا أنفسهم من آثار الحرج الذي سيطاولهم من محبي التشفي، وتجارب البشرية لمن وعى تكاملية فالابن لا يلازمه الأب طيلة الحياة وفي مرحلة كهذه التي نعيشها وبكل ما تضج به من متغيرات كان للوزارة موقفها الشجاع من كل ما يحيط بنا فمصلحة الوطن فوق كل اعتبار، والعمل على مواكبة العصر ورسم الخطط المنسجمة مع الواقع من أولويات المسؤولين المؤهلين لمناصبهم.
وأحسب أننا نواجه خياراً أوحد يدخلنا في مرحلة تحد لكل المعوقات، ويدفعنا نحو المزيد من الجهود التكاملية بين القطاعين الأهلي والحكومي فلا احرى ولا اجدر من ان يكون للمثقف السعودي حضوره المبهج في المناسبات العربية والعالمية، بعد أن سئمنا لعقود من تكرار الملامح والمعطيات حد المملل والاجترار فجاء الفرج بعد طول مخاض، وتجلت الحكمة في موعدها لتبعث في نفوسنا املا لا حدود له، وأزعم أن عام 1427هـ هو عام التحرك نحو الأسمى والأرجى لأن الأمور بدأت توجه نحو مسارها الملائم، وبما أن التاريخ لا ينسى والأجيال لا ترحم فسنجد في قابل الأيام من يحمد للفاعلين ما وصلوا إليه، فيما ستظل أعناق المنتفعين بالمال العام لمصلحة أنفسهم مدينة للوطن وأهله بما أخذوه وهم لا يستحقونه.
وكما أن المرحلة الماضية أدخلت البعض في خانة الإحجام عن العمل الثقافي الرسمي فإن هذه المرحلة تحتم علينا جميعا وضع أكفنا المتعبة في كف المسؤولين النابضة بالحياة لتعيد لنا الثقة في أنفسنا وفي عطائنا من جديد.
***
التغييرات.. والتوقع
الأستاذ أحمد الدويحي أكد في مداخلته ان المتغيرات التي حدثت أخذت أشكالا لم تكن في الحسبان قائلاً: المتغيرات التي تحدث في الساحة الثقافية خلال الفترة الأخيرة اخذت أشكالا لم تكن في الحسبان.. ولعل ما حدث مؤخراً من خلال أنشطة معرض الكتاب يكشف الحقيقة بجلاء بأن هناك هوة كبيرة جداً بين شرائح المجتمع وهناك حالة من التزمت غير المبرر جداً ونحن في مرحلة يفترض ان نكون أكثر تماسكاً وثباتاً تجاه من يريد الإخلال بمكتسبات هذا الوطن، ولا شك أننا في حاجة إلى إشاعة روح الحوار والإيمان بحق الآخر أيا كان ليتسنى لهذه السفينة ان تمضي كما يراد لها إلى شواطئ السلام البناء.. وقبل ان نتحدث عن مسألة الانتخابات والتعيينات، فالأندية الأدبية وقد خلت عقود رهينة لواقع جامد ومكبل بكثير من العادات والشكليات التي لا تحرض على نتاج ابداعي ولا رؤى فكرية، وحينما تقدم وزارة الثقافة والإعلام على مثل هذه الخطوة فلم يعد سراً والمدينة الرياض من حساسية كبيرة قد لا نجدها في هذا المشهد المتنوع والثري بطاقاته الإبداعية والفكرية.. وحتى نصل إلى ثقافة الانتخاب وديمقراطية الاختيار والشأن الأدبي أولى شرائح المجتمع بهذه الخاصية فلابد لنا أن نهيئ بنية تقبل بالانتخاب والحوار والرأي الآخر بعيداً عن المصادرة والاقصاء.
***
حراك ثقافي جميل
الأستاذ محمد حبيبي شاركنا حيث قال:
(حراك جميل هذا الذي تشهده الساحة الثقافية الآن فمن مهرجان الجنادرية إلى معرض الكتاب وفعالياته إلى موجة التغيرات في الأندية الأدبية وكل هذه الأمور تشغلنا بمستقبل ثقافي واعي في ظل هذه المتغيرات، والمأمول أن يستوعب جميع المنتسبين للوسط الثقافي الغاية من هذه التغيرات وان تفعل المؤسسات الثقافية ولا سيما الأندية الأدبية الهم الثقافي العام وإشراك اكبر شرائح ممكنة من المجتمع ووضع المخططات والاستراتيجيات المختلفة غير النمطية للإفادة من كل الإمكانات الموجودة حالياً والمتاحة وعدم اعتذار المجالس الجديدة والإدارات الجديدة بضعف الإمكانات أو عدم وجود فقرات مناسبة للأنشطة.. فالوزارة قد قامت مشكورة بتحقيق هذا المطلب مطلب التغيير ووضعت الوزارة ووكالة الثقافة تحديدا رهانها على نتاج المستقبل، عقب هذه التغييرات نتمنى ان يكون كل من أوكل له هذه المهمة في هذه المتغيرات وكل من لم يوكل له مهمة لابد ان يتعاون الجميع في إنضاج مؤسسي ثقافي.
***
تجانس فريق العمل
الأستاذ عبد الله السمطي: شاركنا حول ما يدور حالياً في مجالس وإدارات الأندية الأدبية من استقالات وتغيرات قائلاً: التعيينات التي أجرتها وزارة الثقافة والإعلام مؤخرا في بعض الأندية الأدبية تنهض في جوهرها على مقولة: (التغيير) والتغيير بوصفه مفهوما لا يأتي في ثوب قديم أو مستعار أو مجلوب.. وأن يحدث تحولاً ما في النظرة المألوفة للأشياء والسؤال هنا هل أحدثت هذه التعيينات تغييرا بفي هذه الرؤية المشار إليها؟!
لقد جاء التغيير - إذا جاز لي أن أتحدث في ذلك - وفق آلية (التعيين) وما حدث هنا ربما يكون مجرد تغيير أسماء لا أكثر ولا أقل، وتغيير الأسماء دون تغيير الآلية، أو الرؤية، أو الدور الذي تؤسس عليه الأندية الأدبية قد لا يحدث أمراً جديدا، أو تغييرا جوهريا في بنى العمل الثقافي.
ربما - وبشهقات الحماس- قد يوالي البعض هذه التعيينات، وربما قد يخاصمها ويتناكر معها، لكن ومن خلال تعيينات ماضية وبشكل جزئي أثبتت التجارب قصور هذه الآلية.
ربما يشير البعض إلى جمعية عمومية، أو إلى انتخابات.. وربما هذا يحدث في مرحلة مقبلة ولنسم هذه المرحلة الراهنة بالانتقالية.. التي تتطلب أيضاً تغييرا في مفهوم النادي الأدبي، وتوصيل رسالته الثقافية للجمهور، ودعم الأندية ماديا وإعلامياً وإعلانياً أيضاً.
اسمح لي أن أتحدث معك بشكل مفتوح، ولنتخذ نادي الرياض الأدبي مثالا - بحكم أنني أحد رواده على مراحل زمنية مختلفة - وأتحدث بحب شديد يمليه الضمير الثقافي وتمليه التجربة: كل الأسماء الثقافية التي عينت مؤخراً هي أسماء لها حضورها وسطوعها في الساحة الثقافية، بدءا من الناقد الدكتور سعد البازعي الذي كان مشرفا من قبل على ورشة النادي الإبداعية، وقام بجهد رائع عبرها وقدمت الورشة عددا من الأصوات الإبداعية المهمة اليوم إلى الأساتذة: علي العميم، ويوسف المحيميد، وحسين علي حسين، وعبد الله الوشمي، وسعد الحميدين فضلاً عن الأكاديميين الآخرين.. ويبدو أن الصورة رغم السعي إلى تعدد الأصوات لن تكون متجانسة، فالعمل الثقافي العام يتطلب فريقاً متجانساً، متقارباً في توجهاته.. قد يصلح التمثيل النسبي في المجالس الرسمية الإدارية.. لكن العمل الثقافي شيء آخر.
تجانس فريق العمل مهم جداً لتقديم عمل ثقافي جيد.. أما تناكر التوجهات فهذا أمر يعطل آلية العمل الثقافي المبدع، فضلا عن أن المسألة عدم التفرغ، ستجعل من النشاط الثقافي أمرا ثانوي لدى البعض.. فكل يعمل على هدف آخر: الأكاديميون (الترقيات)، والمبدعون (المشروع الأدبي الخاص).. فيما يحتاج العمل الثقافي العام إلى قدر كبير من التفرغ، لإعداد الخطط والاستراتيجيات الثقافية على المدى القصير والطويل.
كل شيء في النادي يحتاج إلى تغيير وتطوير من آلية عقد الندوات الأسبوعية إلى اللقاءات اليومية، إلى المطبوعات والإصدارات، إلى الأسابيع الثقافية إلى ممارسة دور ثقافي واجتماعي متميز، وقد قدمت خطة عمل نصف سنوية للنادي خاصة كبرنامج عمل أدبي ثقافي، تضمنت أكثر من ثلاثين ندوة أسبوعية أدبية وثقافية، استطاع النادي أن ينفذ واحدة فقط منها خلال الموسم الماضي، والخطة منشورة في أحد أعداد الثقافية العام الماضي.. وفي النهاية.. أدعو الله تعالى أن يوفق جميع الزملاء إلى ما فيه مصلحة نادي العاصمة، ومصلحة العمل الثقافي العام.
***
عزاء ومواساة
الأستاذ محمد بودي أكد أن التشكيل الجديد الذي أعلنته وزارة الثقافة والإعلام جاء مخيباً للآمال قائلاً:
ان التشكيل الجديد الذي أعلنته وزارة الثقافة والإعلام لمجلس إدارة نادي الشرقية الأدبي هي تشكيلة جاءت مخيبة للآمال ولا تعكس بصدق الحراك الثقافي الآني للمثقفين والمشهد الثقافي للمنطقة الشرقية في محافظاتها الأبرز وهي الاحساء والقطيف والدمام، اعتقد أن هذه الخطوة التي قامت بها الوزارة هي خطوة جيدة ولا شك في تغيير المجلس السابق الذي سبق ان تقدمنا بعريضة وجهت إلى معالي الوزير آنذاك الفارسي وقع عليها 102 مثقف ومثقفة طالبوا فيها بتغيير الإدارة السابقة والاحتكام إلى مبدأ الانتخاب لكن القرار جاء صادماً لكونه يؤسس لمبدأ التعيين ولمدة طويلة وهي أربع سنوات، وفي هذا نكوص وتراجع إلى الوراء عن تفعيل مؤسسات المجتمع المدني ومواكبة التغيرات والإصلاحات التي تقودها الدولة - وفقها الله - بإرساء ثقافة الانتخاب بين المجتمع.
لماذا يحرم المثقف السعودي من أن يسهم في اتخاذ قراره بنفسه دون وصاية من أحد في انتخاب من يمثله في مجلس إدارة النادي الأدبي في مدينته.
كنت أظن ان هذه المجالس هي مجالس انتقالية لفترة قصيرة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد على سنة مهمتها الرئيسة اعداد الجمعية العمومية لأعضاء كل نادي، ومن ثم دعوة الجمعية العمومية للانعقاد في كل ناد، من أجل انتخاب أعضاء مجلس إدارة هذه الأندية الأدبية.
لكن ما حدث كان صادماً ومؤلماً لي كمثقف ومتابع للحراك الثقافي المحلي وعلى مستوى التشكيلة فأقول إنها لم تمثل كل التيارات الثقافية الفاعلة للمنطقة، بل غيبت أصواتاً مهمة وساعدت في خطأ كبير وهو تكريس الاتجاه الأحادي لممارسة الثقافة، إضافة الى ان هذا القرار يحمل بعضاً من الحرس القديم (خليل الفزيع، ونبيل المحيش) اللذين عرفا في الوسط الثقافي في المنطقة الشرقية بممارسة سلوكيات ثقافية خاطئة يتحفظ عليها العديد من المثقفين كالإقصاء والإلغاء وتطفيش المثقفين من النادي.
أقول إن هذا الإعلان عن هذا المجلس الإداري للمنطقة الشرقية بصورته الحالية لا يهم المثقفين بالأحساء لأن المثقفين في الأحساء ليس هذا غاية مطلبهم، الأحساء تحتاج إلى ناد أدبي مستقل أما إذا كان هذا المتاح حالياً وفق ما نشر، فأعتقد أن هذه التشكيلة هي صورة مشوهة عن المثقفين في المنطقة الشرقية ولا أعول عليها كثيراً وفي هذه المناسبة وبكل أسف أقدم عزائي وصادق مواساتي إلى إخواني وأخواتي المثقفين والمثقفات في الشرقية على هذه التشكيلة وعلى هذا القرار الصادم والمخيب للآمال وأن يخلف الله علينا وعلى الثقافة والمثقفين في الشرقية بناد جديد أو تشكيلة جديدة أو مؤسسة ثقافية بصورة حضارية تواكب تطلعات ولاة الأمر - حفظهم الله - التي تقدر دور المثقف وأهميته وتمكينه من اتخاذ قراره بنفسه لا بفعل وصاية كما يحدث الآن وإنا لمنتظرون.


aldihaya2004@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved