الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 20th March,2006 العدد : 145

الأثنين 20 ,صفر 1427

نقلاً عن صحيفة الرأي العام الكويتية
قرنفل العرفان

* إبراهيم صموئيل:
تحت عنوان، ذكي ومُعبّر بدقة: (زمن درويش)، خصصت صحيفة (الجزيرة) السعودية مجلتها الأسبوعية الثقافية للشاعر القامة العالية في ثقافتنا العربية الحديثة: محمود درويش, أفردت للاستشهاد به - وليس للشهادة له كما أرى - العدد كاملاً في سعي مشكور لتقديم بعض العرفان لمبدع عربي فلسطيني وضع على عاتقه، وكرّس شعره وروحه وطاقاته كلها لمنحنا - نحن الناس - ما نرفع رؤوسنا به ونفاخر بانبثاقه منا وتعبيره عنّا ونهوضه بذائقتنا في زمن سياسي عربي تخصّص في إذلالنا وقهرنا وتهميشنا وأكاد أقول: محونا الاّ من الذكرى كالهنود الحمر!
حقاً إنه زمن محمود درويش بامتياز، زمنه الذي صنعه بموهبة فذّة، واستثنائية، مُنحت له وعرف كيف يفيد منها الى الحد الأقصى, وزمنه الدرويشي الذي حلَّ بقوة وببهاء في زمنٍ قيل فيه أن الشعر انتهى من حياتنا كعرب وتقوضّت أركان مملكته التي نهضت يوماً, وهو زمن درويش بقوة الابداع الشعري وتناميه وازدهاره على يدي موهبته من دون أن يكون حتى للقضية الفلسطينية دور الرافعة، إذ لو كانت كذلك لرفعت غيره الى مكانته ممن انتمى اليها وعاش محنتها وعبّر عنها من الشعراء وغير الشعراء, واذا كان محمود درويش شاعر قضية أو لشعره قضية - كما لكل مبدع قضية - فإنه ليس شاعر القضية، ولعل هذا ما أراده بقوله حين سُئل مرة: (هل أنت شاعر الأرض؟) فأجاب بدقة بليغة: (في شعري أرض).
ولقد التقى كتّاب العدد حول نقطة محورية في تجربة درويش الشعرية ومسيرته الابداعية وهي تمكّنه من انجاز وتحقيق المعادلة الصعبة التي طالما شغلت النقاد والمبدعين على حد سواء: التحليق بالشعر، على المستوى الفني، الى أعلى الفضاءات المشتهاة,,, والتوسّع بالشعر الى أبعد دوائر القراء المأمولة، ويمكن تبيّن ذلك بوضوح من حجم الحشود في أحدث أمسية أقامها في أي مدينة عربية، ورفعة المستوى الفني لأحدث ديوان أصدره، وذلك برغم المسافة الشاسعة التي قطعها درويش وباتت تفصل، على كل المستويات، بين مرحلة قصيدته (سجّل أنا عربي) وقصائده في (لا تعتذر عمّا فعلت) أو (كزهر اللوز أو أبعد).
ان تخصيص عدد كامل (32 صفحة و37 كاتباً) لتقديم زهرات قرنفل العرفان لجهد وموهبة وابداع هذا الرجل في حياتنا، لهو عمل مجيد خصوصاً، بل وبالتحديد والحصر، لوجود درويش بيننا، لتوفير الفرصة كي يلمس بقلبه ويرى بروحه ما يستحق أن يراه ويلمسه استحقاق كل المبدعين الكبار، الكبار جداً، في العالم بأسره ممن رأوا ولمسوا، وهم بين شعوبهم، ما يستحق ابداعهم العظيم. ولعل لهذه المبادرة الطيبة أن تنضمَّ الى استجابات دعوات كثيرة سبقت بضرورة أن يقطف الزارع ثمار جهده بيديه، وأن يُكافأ، هو بالذات، على صنيعه، وخصوصاً حين يرتقي هذا الصنيع الى مستوى توفير زمنٍ نتنفسه، فنحيا فيه، ونرقى به، ونمتلئ قناعة راسخة أن بالإمكان بعد.
سبل كثيرة ومتعددة جداً لتكريم مبدعينا وهم بيننا، سبل كثيرة وطرائق شتى وإمكانات متوافرة، ولكن (ليس سوى أن نريد)، ليس سوى أن نلتفت وننوي، ليس سوى أن ندرك الدور الفعّال، المهم والمجيد، لهؤلاء (السفراء) الممثلين لشعوبنا ولتاريخنا ولحضارتنا ولفكرنا ولإبداعنا في عالم لم يعد يهتم ولا هو يرحم القابعين في الأقبية والكهوف.
الآن، لو نحن أردنا, الآن، وإلا فلا معنى ولا جدوى فيما بعد الرحيل، لا معنى سوى من باب الندم السخيف والتكفير الهش عن اهمال ارتكبناه عن عمد، وعن عمد رحنا نسترجع ذكراه ونكيل المدائح لمن أنكرناه، في حياته، ثلاثاً قبل صياح الديك.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved