بِطيبتي.. بالذي تَدرينَ من شيمِي |
بالمِلح في خُبزتي.. بالبرِّ في قَسَمي |
أتيتُ مُستعتباً.. قلبي على كَتِفي |
ذنباً أنوءُ بِهِ للآنَ من إِرَمِ |
خَلِّي العتابَ دعيني ألتقِطْ نَفَسي |
فَقد أُصيبَ ورائي الموتُ باللَّممِ |
مُحدودَبَ الأمسِ شعثَ اليومِ مِن خَجَلي |
أكادُ أمشي على خَدَّيَّ لا قدمِي |
لأنَّني لم يورِّثني أبٌ أبداً |
غدراً بجارٍ ولا ختلاً بذي رَحِمِ |
يفدي مُحيَّاكِ منِّي وجهُ خامِشِهِ |
ودَمعَ عينيكِ دمُ الصَّائلِ الغَلِمِ |
يا قهوةَ العربِ السَّمراءَ نكهتُها |
كالشِّعر يعذُبُ حتى مُرُّهُ بفَمِي |
لولا مآتمُ أهلي طارَ بي غَزَلٌ |
إليكِ يفتنُ قلبَ المُتعب الهَرِمِ |
بَيني وبينكِ حتى لو تُمَزِّقُنا |
مُدَى السِّياسات ما يكفي من اللُّحَمِ |
يقودني من يَدي شَاطِيكِ يفتحُ لي |
خيامَ ذاكرةٍ في جوِّهَا الوَخِمِ |
أيَّامَ دسَّكِ في شدقيْهِ ذُو نَزَقٍ |
سعران لمْ يَدْرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسِمِ |
يا بعضَ أهلي وأهلي من خلائِقِهم |
لا يعبرُ الضَّغنُ منهم مضربَ الخِيَمِ |
أبكي يَتَاماكِ.. دُلِّيني على أحدٍ |
يَبكي صغاري وما يلقونَ من يُتمِ |
كويتُ ما عادَ لي ثوبٌ أُشَقِّقُهُ |
بغدادُ ما تركتْ ثوباً على أدمِ |
تركتُ عِزريلَ أهلي ملءُ قبضَتِهِ |
وَملءُ أحشائِهِ عامانِ من لُقمي |
وجئتُ أسحل عيني اليوم باسمة |
والله يعلمُ ما تخفيهِ من ألمِ |
صارت دروباً لمن فوقَ النُّجوم مَشوا |
ومَن قواعدُهم يبرقنَ في السُّدُمِ |
وَمَن متى ما أشاروا جاءَهم رَغَماً |
أستغفرُ اللهَ.. حتى الماءُ في الدِّيَمِ |
وما أزاغت عيونَ الشرقِ شُعلتُهم |
حتى استُريبَ بنورِ اللَّوحِ والقَلمِ |
حتى تفجَّرَ مُكتنُّ السَّرائِرِ عن |
عملاقةٍ رخصتْ في عصرنا القَزَمِ |
عرضي.. أبي.. حجري.. آيي.. سَواسيةٌ |
في عينٍ بارودها الخالي من القِيَمِ |
عُريٌ يُدَثِّرُهُ عُريٌ يُدَثِّرُهُ |
عُريٌ دَواليكِ حتى قمَّةِ الهَرَمِ |
للهِ حريَّةٌ دَهراً حلُمتُ بها |
تقطَّعت لَعَنات حبل النِّقَمِ |
يا ليتَ أنِّي لَم أحلُمْ وَلَيتَ يَدِي |
تَطُولُ تفقأ عينَيْ ذلكَ الحُلُمِ |
يا آلة الحربِ هل من بِدعةٍ بَقيتْ |
سوى دَمَقْرَطَتِي بالنار والحِمَمِ؟! |
مُكمَّماً كنتُ والآذانُ مصغيةٌ |
واليوم أهذُرُ والآذانُ في صَمَمِ |
أمسيتُ جمجمةً ضاعت كواكبها |
بين الترحُّل والمجهول والعدمِ |
واغُربتَا لعراقٍ لا عراقَ بهِ |
يكادُ يفقدُ حتى أنجُمَ العَلَمِ |
كلٌّ يغنِّي لِلَيلى وَهي ساهمةٌ |
تَحنُّ للوَتَرِ المفقودِ في النَّغَمِ |
ما بينَ مَن زَحفوا دوداً إلى جَسَدِي |
لم يُبقِ منِّي لِدودِ الأرضِ من سَهَمِ |
وبَينَ مَن وجَدُوا في النَّارِ جنَّتهُم |
فأطعمُوها بِلَحمي قَبلَ لَحْمِهِمِ |
تاللهِ لَو فَتحت ليزا حقائبَها |
راحتْ تُقبِّلُهم لثماً فماً لِفَمِ |
تعَكَّرتْ دجلةٌ فَلْيَهْنَ مُنتَهِزٌ |
بما أصابَت بها كفَّاهُ من قِسَمِ |
اليومَ يسكرُ بِي مَن كان يُشفقُ أن |
يَمُرُّ من جانبي ظمآن في الحُلُمِ |
دَمي كنفطي هدرٌ.. كلُّ مُغترفٍ |
ينالُ منِّي قدرَ الوُسعِ في النَّهَمِ |
مَن ذا سيمنعُني.. شيبانُ راقدةٌ |
بمقعدٍ مُنزوٍ في هيئةِ الأُمَمِ؟! |
الطائفيةُ ما ألقت عباءَتَها |
عَليَّ حتى أتَتْ نبَّاشةُ الرِّمَمِ |
واللهِ لو عُمَرٌ حاشاهُ يأمرُني |
قُمْ كي تُناصبَ آلَ البيتِ لم أقُمِ |
ولَو عَلِيٌّ وَلن واللهِ أُكملَها |
تكفي الإشارةُ لحظَ المُبْصِرِ الفَهِمِ |
يا مَن تَحُجُّونَ بيتَ اللهِ إنَّ دَمِي |
أغلى بحُرمَتِهِ مِن ذلكَ الحَرَمِ |
ماذا تبقَّى مِن التاريخِ بعدَ أبي |
وبعدَ نقشِ يَديهِ النُّورَ في رُقُمِي |
سبعون قرناً غدتْ كَعبي مُراهِقةٍ |
ليست تُفرِّق بينَ الدُّرِّ والفَحَمِ |
كيفَ احترامي ممَّن في خَلائِقِها |
حتى الإلهُ تعالى غيرُ مُحتَرمِ؟! |
للهِ درِّي فوقي كُلُّ فاجعةٍ |
وَلم تَزَلْ في غِنائي نَبرةُ الشَّمَمِ |
حقُّ الرَّدى أن يتيه اليومَ مُفتخِراً |
أنْ مسَّني بعدما قد كانَ من خدَمِي |
ساخت قوائِمُهُ في مُنتَهى أثري |
وَليسَ يَبلُغنَ منِّي مُنتهَى هِمَمِي |
غداً أُشيِّدُ من أضلاعِهِ مُدُني |
قسْراً.. وأنْسُجُ مِن أهدابِهِ عَلَمِي |