الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 20th June,2005 العدد : 111

الأثنين 13 ,جمادى الاولى 1426

البيت.. والحراك الثقافي البصري
في الوقت الذي مازلنا نحن التشكيليين نبحث فيه عمن يحفظ ماء الوجه ويؤمن غذاء العقل ويوفر نسمة صحية، ويهادينا راحة البال ويجنبنا شر الحال، من خلال تسهيل التحركات الانسيابية المتوافقة مع التطلعات، ويمنحنا حرية فكرية منتجة، ورضاه لنا بطيب العيش، نجد أن هنالك من يريد أن يسلب منا.. تلك الإرادة.
بيت الفنانين التشكيليين ذلك الحلم والهاجس، الذي كثيراً ما ظل يداعب مخيلتنا، قد غدا حقيقة ملموسة على أرض الواقع، ولكن.. انعدام الوعي والثقة بقدرات الآخرين.. أديا إلى إحداث تحولات عكسية زادت من حدة معاناة التشكيليين، حيث غدت إدارة البيت معضلة عصية الحل والمعالجة ونحن على أعتاب القرن الحادي والشعرين، مما فرض علينا قسراً معاناة مستحدثة دامت أكثر من عقد من الزمان، في الوقت الذي مازلنا نبحث فيه عن المفتاح في بقعة الضوء.
فالبيت من وجهة نظري ونظر الكثيرين وجد ليشكل صرحاً ثقافياً وفكرياً وفنياً بالدرجة الأولى، يسهم في تعبيد الطرقات وتقريب المسافات من خلال الارتقاء بمستوى الخبرات الإبداعية وتحفيز القدرات والطاقات الكامنة، مما يساعد على تقبل المتغيرات والبدائل بحثاً عن الخصوصية الفكرية والثقافية والفنية، وفقاً لتصورات الفنانين وتفاعلهم مع المعطيات البيئية والرتم الإيقاعي السريع للعصر.
فمن المعلوم لدينا أن البيت هبة للفنانين من عاشق عروس البحر الأحمر، د. محمد سعيد فارسي، ولم يقتصر الأمر إلى هذا الحد بل قام بدعمه مادياً ومعنوياً، مع نخبة من المثقفين والمهتمين بالفن التشكيلي باعتباره نوعاً من أنواع الثقافة الراقية التي تسهم في إحداث التغيرات في المجتمع، وتعتبر الرئاسة العامة لرعاية الشباب الممثلة بمكتب المنطقة الغربية، هي الجهة المشرفة بشكل رسمي على خطط وبرامج إدارة البيت، أما إدارته.. فتتسم باستقلالية تامة ملزمة من قبل الفنانين أنفسهم فهم المعنيون بإدارة دفته وفقاً للوائح والأنظمة المتبعة، فأهل مكة أدرى بشعابها لذا غدت إدارته.. حق من حقوق الفنانين لوضع خطط برامجه الثافية والفنية والتوعوية والتدريبية لورش العمل، مما يكسبها حيزاً أكبر من المرونة والطواعية حسب ما يقتضيه الاحتياج والمتطلبات المتزايدة، بعيداً عن سلطوية الروتين الرسمي المعطل للعملية الإبداعية، كإجازة الأعمال وتقييمها وعمل أدلة المعارض، وإعداد خطط وبرامج تدريبية وثقافية وفنية بتوقيت زمني محدد، بعد إجازة كل ما سبق من قبل الجهة المخولة بذلك.
لذا أطالب المسؤولين والمهتمين بالثقافة البصرية فك القيود وإطلاق سراح إدارة البيت.. ومنحها للفنانين وفقاً للبرامج الانتخابية، ويترك الخيار للناخبين ترشيح من يرونه أهلاً لرئاسته..، فالبيت كما يعلم الجميع وإن كان تحت مظلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلا أنه لا يعد ضمن ممتلكات أي جهة حكومية، ومن يعتقد ذلك فإنه قد ابتعد عن جادة الصواب، وإن كنت في طرح سابق قد طالبت بضم البيت إلى وزارة الثقافة والإعلام لإيماني بحاجة إدارته إلى جهة تعنى بالهم الثقافي بشكل أكثر وعياً وجدية، ليشكل قناة ثقافية متعاضدة.
وعلى الرغم من كل الانتكاسات التي مرت على إدارته.. إلا أن جميع تلك الانتكاسات لا تعني بالضرورة نهاية المطاف، فالقادم دائماً ما يكون أجمل خاصة عندما لا نعترف بالفشل كمصطلح، ليكون النجاح والتوفيق حليفنا في المستقبل، فالفنانون مازالوا حديثي عهد بالإدارة ومن الطبيعي بمكان تعثرهم من حين لآخر.
ومن الملاحظ أن الغالبية العظمى تعتقد بأن أهم المشكلات التي تعترض سبل نجاح إي إدارة للبيت يكون سببه الافتقار للدعم المادي، إلا أني أرى غير ذلك.. وفي نفس الوقت لا أنكره، فالإشكالية تكمن أولاً: في انعدام الوعي والثقة بالآخر.. ثانياً: هناك عامل لا يقل أهمية يتمحور في اعتقاد بعض الأعضاء بضرورة الاستفادة شخصياً وبشكل مباشر وقبل الآخرين من قيمة العضوية، ولكن بقليل من التفكير نجد أن الاستفادة قد تمت بمجرد دفع العضو للقيمة.. وعلى الفنانين أن يدركوا أن البيت يعد جزءاً من كيانهم، وأنهم كيان واحد يلتقون على لحمة الفن، وعليهم العمل بمبدأ الإيثار، فنجاح إي إدارة يقتضي الوعي الفكري والثقافي والفني المتكيء على المصداقية ووضوح الأهداف والثقة المتبادلة وحسن المعاملة والعادلة والمساواة وصيانة الحقوق، لتشكيل حالة من الحراك الثقافي بصور متنامية، فليس من المنطق إسناد عمل قيادي إلى السواد من الناس، حيث أن فاقد الشيء لا يعطيه، فالإدارة فن لعلم القادة، وبالتالي فإن الأمر يتطلب قدرات خاصة واستعداد ودراية، فيجب ألا ننسى المظلة بعد توقف المطر كيلا نركض خلف الريح تحسراً على الذي مضى، فالبيت الذي يبنى حسب أذواق الآخرين يظل دون سقف، كما وأن العين التي لا تريد النظر لا ينفعها النظارات ولا الضوء، فالناس أعداء ما جهلوا.
والله من وراء القصد.


أحمد طيب منشي

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved