لو نُظّم استفتاء بين أفضل الخبراء في الشرق لتسمية الرجل الأقدر الآن على تمثيل المجموعة العربية والاهتمام بها والدفاع عنها، وعلى الدفاع عن حقوق العالم العربي لدى جيرانه المنافسين ولدى أعدائه، لاعتقدت أن غسان تويني سيحتل المرتبة الأولى.

إنه مدير مؤسسة النهار العريقة الذي عاد ببسالة مديراً لها بعد اغتيال نجله، وهو الذي مثَّل لبنان في الأمم المتحدة طوال سنوات كثيرة. وشغل عدة حقائب وزارية في بلاده، والذي ترحب به وسائل الإعلام العالمية جميعاً كخبير رفيع الشأن، ولئن لم يصل إلى سدة الرئاسة في بلاده فما ذلك إلا بسبب القواعد التي تنظم العلاقات بين الطوائف فهو ليس مارونياً وإنما أرثوذوكسياً.

حظيت من جهتي بفرصة كبرى للتعرف إليه، فكنت معه ومع صديقنا المشترك جيرار خوري مؤلّفي كتاب عن المحن التي عاشها العالم منذ عصر النهضة عنوان الكتاب: (قَرن بلا جدوى).

انطلاقاً من هذا العمل استطعت أن ألمس تمكن غسان تويني من هذا التاريخ ومعرفته الاستثنائية به، وهو الذي حاور كبار زعماء العالم العربي في النصف الثاني من القرن العشرين.

ألَن يُقَدَّر لهذا العلم كله وهذه الخبرة وهذا الحذق السياسي، أن توضع أخيراً في خدمة المصالح المباشرة لأشقائه في الشرق، ناهيك عن خدمة الصحافة والأدب؟