Culture Magazine Tuesday  04/03/2008 G Issue 237
عدد خاص
الثلاثاء 26 ,صفر 1429   العدد  237
 

غسان تويني
سميرة رجب *

 

 

لا أعرف غسان تويني الإنسان.. ولكن أعرف غسان تويني (النهار)..

(النهار) البيروتية، هذه الصحيفة العربية الكبرى التي لا يمكن أن نذكرها منفصلة عن اسم وشخص غسان تويني.. (النهار) البيروتية التي ما زالت، منذ تأسيسها، هي الأولى عربياً، ولم تنافسها حتى اليوم أي صحيفة عربية، حتى لو كان بين هذه الصحف من هي أكثر منها مبيعاً وانتشاراً في المنطقة والعالم، لأن (النهار) لم تعد صحيفة فقط، بل هي مؤسسة إعلامية ترسم خط الإعلام العربي الحديث، وهي مدرسة إعلامية ترفد الإعلام العربي بكوادره وأعلامه.

غسان تويني بنى (النهار) مع والده، وأدارها منذ البدايات.. وما تحقق لهذه الصحيفة من مجد ما كان ليتحقق بدون إدارة قديرة وإرادة فاعلة.. ولئن كانت قيادة آل تويني لهذه الصحيفة بصيرة بأهدافها، لذا كانت إرادة آل تويني حازمة في الوصول لتلك الأهداف.

لربما لا يتعجب المرء من نجاحات كبرى حققتها مؤسسات إعلامية في ذلك العالم المتقدّم في فكرهِ وآلياته وسياساته، وقد تُحتسب تلك النجاحات كمحصلة لنجاح ذلك العالم في جميع الميادين.. ولكن لا بد أن ينحني الإنسان إجلالاً لنجاح (النهار) في بناء مؤسستها الإعلامية العربية الجديرة بالثقة على المستوى الإقليمي والعالمي في ظل ما عاصرته وعايشته هذه الصحيفة، خلال ما يقارب القرن من الزمان، من إرهاصات واقعنا العربي وتلاطماته الفجة وإحباطاته المتصاعدة وصراعاته المدمرة.. فما تحقق لصحيفة (النهار) من نجاحات كبرى في عالمنا العربي الذي ما زال يرزح تحت آثار شتى أنواع الإحباطات والمحبَطات يعد انتصاراً لإرادة الإنسان وكفاحه ونضاله في سبيل استمرار الحياة.. انتصاراً لانفتاح الإنسان على الحياة من خلال أجمل منافذها وأحكم تفاؤلاتها.. وانتصاراً لعقلية الفرد المؤمن بالعمل كأهم أدوات الخلود وديمومة الحياة.. وقد يجوز لنا اختزال كل هذه العبر في قرار رجوع غسان تويني إلى استلام دفة القيادة في (النهار) بعد اغتيال ابنه (جبران غسان تويني) الذي أورثه هذه المؤسسة وإرث لبنان الإعلامي.. فعودة غسان تويني لإدارة (النهار) وهو في هذا العمر المتقدّم، بعد فجيعته في جبران، المغدور بشبابه، لهو عنوان لانتصار الحياة على الموت من جهة، وعنوان لانتصار (النهار) في مواجهة مسلسل التدمير التي استهدفت وتستهدف لبنان قبل أن تستهدف تدمير هذه المؤسسة الإعلامية التي باتت مؤسسة وطنية لبنانية، ومؤسسة عربية في عهدة هذه العائلة التي يديرها ويقودها غسان تويني في لبنان.

غسان تويني ليس بحاجة لقول المزيد عن شخصه، بعد الحديث عن (النهار).. فيكفيه فخراً أنه باني هذا الصرح الإعلامي العربي العملاق.. (النهار).. الذي أعطى للإعلام العربي أنجح كوادره وأسمائه اللامعة.. وأعطى لهذا الإعلام واجهته العالمية، وسماته المهنية والأخلاقية.. ورسم فاصلاً بين الإعلام العربي الحر وذلك الإعلام الذي لا يزال واقعاً تحت الهيمنة، متعددة الأشكال، للنظام العربي الرسمي..

هذا هو غسان تويني الذي أعرفه.

* كاتبة - عضو مجلس الشورى في مملكة البحرين


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة