Culture Magazine Monday  05/05/2008 G Issue 246
أقواس
الأثنين 29 ,ربيع الثاني 1429   العدد  246
 
معادلة أدبية
رواية الصحراء بين (منيف) و(الكوني)
عبدالحفيظ الشمري

 

 

بين قطبي المعادلة (بما أن) و(إذن) تدور رحى الأسئلة في أعماق الفكر والأدب والإبداع.. ها نحن في (المعادلة) تقارب المقولة بين كيانين روائيين هما عبدالرحمن المنيف - رحمه الله- وإبراهيم الكوني في معادلة الصحراء.. أو (رواية الرمل).. ففي الأولى توقف (المنيف) فيما لا يزال قطبها الآخر (الكوني) فاعلاً في بناء عالمه الروائي المنثال من أخبية الرمل.

وبما أن الصحراء عالم كثيف من دلالات الحكاية، وتراسلات الخطاب الوجداني فإن طرفها الأول الراحل عبدالرحمن منيف عني كثيراً بميراث الصحراء من الحكايات المتواثبة كوعل. بل رأيناه وقد ربع في استدراج عالم الصحراء، وفضاء الريف كشاهد مهم في قضية جدلية استفحلت إرهاصاتها إلى درجة لم يعد ممكن معرفة أين يقع الخلل.. ومن المتسبب في أزمة الهوية الإنسانية في ظل هذا الامتزاج حتى حدود الامحاء بين الصحراء وما جاورها.

وبما أن الروائي إبراهيم الكوني سلط الضوء على واقع الصحراء باعتباره كشفا هائلا يتجاوز الواقع إلى ما سواه من قيم قد تتأسطر، لتتحول مع الزمن إلى ملحمة إنسانية تتجذر فيها مفاهيم الفكر المغيب على نحو رواية (نزيف الحجر) و(بر الخيتصور) وأعمال أخرى.

فالكوني وتجربته الروائية في عوامل الصحراء ينائي ما ترمي إليه انثيالات الشخوص المشبعين في هوس الصحراء على نحو (الأشجار واغتيال مرزوق) و(المنبت) وروايات أخرى لدى عبدالرحمن المنيف الذي عني بتسجيل شهادات تاريخية تؤطر رحلة البطل في منافي الرمل، فيما تذهب تجربة (الكوني) إلى سبر عوالم الغلاة في بناء أسطوري يروم من وراءه صنع أمثولة غابرة أو خرافية تحطب في حبل الموروث الذي يتواتر.. بل نراه وقد غاص في جذور تلك الحكايات لاسيما ما لها علاقة بالطوارق وتحديد جغرافية رحلاتهم الشيقة بحثاً عن الحياة أو هروباً من عائلة رياح (القبلي) الحارقة حينما تهب بجنون حاملة سياط العذاب لأهل الرمل.

ذن في المعادلة حضور لحكاية الصحراء إلا أن جذورها تختلف في العمق وفي المتانة.. فالجذور الحكائية لدى الراحل عبدالرحمن منيف تنشغل في التاريخ وتحدد وجوده - كما أسلفنا- كشاهد حي وهام على ما آلت إليه حياة الريف.. فيما يظل إبراهيم الكوني معنياً بأسطرة الخطاب باحثاً في كل أعماله عن رؤية ملحمية متكاملة تنبني على الموروث القديم للقصص والحوادث والحكايات عن البدو الرحل في أعماق المفاوز.

من هنا يتضح أن هذين الكيانين الروائيين (المنيف) و(الكوني) قد عمدا إلى الوقوف على طرفي معادلة الصحراء.. حيث ظل كل واحد منهما يبني عوامل سرده من خلال هذا الفضاء المتخيل أو الواقعي الذي تجود به أحقاف الفلاة.. فلم يغادر كل واحد منهما عوالمه الخاصة، بل حتى خرجت لنا من بين أيديهما هذه التجارب الروائية الجديدة بالتأمل والاطلاع.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة