Culture Magazine Monday  05/05/2008 G Issue 246
فضاءات
الأثنين 29 ,ربيع الثاني 1429   العدد  246
 

كلمات
ولد القرية!
محمد بن أحمد الشدي

 

 

مضى اليوم الأول في وظيفتي الأولى كصبي في الدكان في النهار، وكحارس أنام في المخزن في الليل على فراش بارد خشن!

وفي اليوم الثاني: عند الضحى كنت واقفاً أمام المتجر فإذا هو. هو أبي فقفزت من مكاني كالمجنون واندفعت إليه وارتميت على صدره وفي أحضانه وأنا أبكي وأنشج. فضمني وهو ينشج.. كأنه لم يصدق أنه سيجدني في يوم من الأيام وبهذه السهولة.

كدت أعتذر وأطلب الصفح.. ولكنه وضع يده على فمي وسمعته يهمس بحزن كبير.

- الله لا يبارك فيك يا حشر.. الله يجازيك!!

وراح أبي يسألني كيف جئت إلى الرياض، ومع من، وأين نمت، وما أفعل؟!

ورأيته قد اطمأن وهو يمسح دموعه قائلاً:

- لماذا فعلت ذلك، وهل تظن أنني سأتركك لحشر بهذه السهولة؟!

- لقد خفت يا أبي فالرجل قاسي القلب وأنت تعلم ماذا فعل لكل من السلمي والعبيدي؟!

- لا عليك.. ولا تخف.. سنعود إلى الديرة في الحال.

- لا يا أبي دعني هنا أشتغل عند هذا الرجل الطيب ثم إنني قد أنهيت الدراسة، وقدمت امتحان الشهادة الابتدائية، وعندما تظهر النتيجة فسوف أدرس في الرياض كما وعدتني.

- ولكن أمك وأخاك يا ولدي.. يريدانك في قريتنا يريدان الاطمئنان عليك!

- أنت تطمئنهما.. هيا نذهب إلى الرجل الذي شغلني وآواني.

وما كاد الرجل يبصر أبي حتى أخذه بالأحضان فهو يعرفه منذ زمن كان والدي يشتري منه السكر والأرز والسمن واعتذر الرجل، وحلف لأبي أنه لا يعلم أني ابنه وإلا لكنت ضيفاً عليه لا صبياً في البقالة!!

وروى له والدي ما حدث كما كنت رويت له.. فقال الرجل:

- دعه عندي وسيكون مع أولادي حتى تهدأ الأمور في الديرة وهو لن يشتغل في الدكان أو البقالة وإنما سيكون مع الأولاد في البيت.

واطمأن أبي علي بعد أن أقنعه الرجل وعاد إلى القرية.. بعد أن زودني ببعض المال. وذهب بي إلى سوق الخياطين وألبسني ثياباً جديدة ونعالاً جلدية من سوق الخرايز ثم أطلقني في دنيا الله الواسعة!!

لإبداء الرأي حول هذا المقال،أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة