Culture Magazine Monday  05/05/2008 G Issue 246
حوار
الأثنين 29 ,ربيع الثاني 1429   العدد  246
 

عرّاب المسرح السعودي.. عضو جمعية الثقافة والفنون التي لا تعمل.. محمد العثيم:
أطالب بتعليم الموسيقى من الابتدائية حتى الجامعة

 

 

حوار: سعيد الدحية الزهراني - علي محسن مجرشي

وأنت تجلس إلى أحد قامات العمق المهيب ريادة وتجربة.. فأنت أمام ذاكرة جيل ووعي مجال.. وحول هذا تمتد المساحة ما بين تجارب ذاكرة.. وقراءة قائم.. واستشراف قادم.. محمد العثيم.. والاسم.. بطاقة تعريف ليس لشخص.. بل لجيل ومجال وتجربة.. أحد الأسماء الوطنية المهمة ثقافياً ومسرحياً.. تاريخه المسرحي العريض يجعلنا -ثقافة ووطناً- أمام واجب التكريم والتقدير.. الذي يليق به كقيمة وطنية أعطت في زمن لم يكن فيه حتى شكل التفكير مباحاً.

أستاذنا (أبو بدر) وهو النائي بذاته ووعيه ومسرحه.. اختصنا (الثقافية والصديق علي مجرشي وأنا) بهذا الحديث- الوثيقة.. والأمل أن نكون قد لامسنا بعض ما يرتقي إليه.. وما تتوقون له.. فإلى الحوار..

* الأستاذ محمد العثيم.. نستضيفك معنا في هذا اللقاء بوصفك رمزاً مسرحياً ووطنياً.. فأهلاً بك..

- أهلا أخي سعيد.. فقط أود أن أصحح بعض تقديمك.. أنا أحد المجتهدين.. ولست رمزاً.. بل هناك الكثير من الرموز التي يشار لها.

* من الذي يصنع الرمز؟

- العمل هو الذي يصنع الرمز وهو في الأخير مسألة جهد وليس مسألة ذكاء أو غباء أو قوة أو ضعف.. وهناك من يشتهر وآخر لم ينل من الشهرة أدنى درجاتها.

* هل المجتمع يساعد في صناعة الرمز؟

- لا.. بل يساعد في صناعة النجم.. وهناك فرق بين الرمز والنجم.. الرمز غالباً ما يكون غائباً.. لدينا رموز ثقافية كبيرة جداً غائبة عن كلية المجتمع.. ليس لها ذلك الضجيج الإعلامي الذي نعرفه كعاملين بالإعلام.. هناك رموز كبيرة جداً وثقافتهم عالية جداً ويستحقون التقدير ولا أحد ينكر جهودهم.. قد يكون هذا البعد لعملهم ووقتهم الأكاديمي ورغم ذلك يسهمون بشكل كبير أكثر مما يسهم به الضجيج الإعلامي... كالبحث عن النجومية أو البحث عن التواجد، يوجد متنافسون وهم مقدرون لمن يعرفهم وحتى لمن لا يعرفهم وهناك تقدير لإسهاماتهم.

عل أي حال في المجال الثقافي.. لا يضيع شيء.. الصحيح يبقى كما كان.. أما الإنتاج الضعيف فينتهي من حينه..لكن ذاكرة التاريخ لا تنسى أبداً.

* الثقافة الشعبوية.. ماذا تقدم.. هل تقدم ثقافة الشارع؟

- ثقافة الشارع هي الثقافة الحقيقية.. ناهيك عن النخبة.. النخبة هي منظرة في الغالب.. إذا أردنا أن ندرس مجتمعا علينا أن نأخذه من الجانب الشعبوي.. كيف يعطي وكيف يتلقى وكيف يبدع وكيف يبدأ.. بشرط ألا يكون هناك توجيه معين لهذا النوع ورفض لنوع آخر.. مثال: إذا كنت تمول الشعر الشعبي بهذا التمويل الهائل فبالتأكيد أن الشعر الشعبي سيكون الأول ولو مولت الشعر الفصيح الكلاسيكي وليس الحديث نفس التمويل لحصلت علي نفس الضجيح الإعلامي.. من هنا تأتي مشكلة الثقافة المعاصرة وهي أن لها جانباً صناعياً فيها الربح والخسارة.. أصبحت يا صديقي تعمل بشكل استثماري.. لا يكفي أن تكون مفكرا عظيما أو عبقريا أو نجما.. إذا لم يكن وراءك مصنع متكامل يدعمك بالمعطيات. خذ مثالاً: الموسيقار لا يمكن أن يمول كي ينتج موسيقى بالشكل الصحيح ليصورها لتنقل إلى المستمع بأقرب طريقة.. هناك فرق بين من يستعمل النبالة ومن يستعمل المدفع أو الصاروخ.. هي نفس الصناعة.. صناعة تترقى بك إلى الأعلى وصناعة أخرى تهبط بك إلى الأسفل.. وهذا لا يضير لكن إلى أن تستكشف؟

* نرجع إلى آرائك التي تطرحها بشكل صريح وشجاع.. من آرائك الصادمة عن ثقافة النخبة التي تطرقت لها بشكل صريح وقلت بأنها لم تعد ذات جدوى أو جذب أو نفع.. وها نحن نرى الهالة العظيمة التي تنساق خلف ما يسمى بشاعر المليون.. ومزاين الإبل - الغذامي تحديداً له رأي صدم الكثير من الكتاب وربما الأستاذ محمد العثيم، أحد الشخصيات التي تصادمت معه عندما رحب أستاذنا الغذامي بمهرجان مزايين الإبل؟

- مهرجان المزايين مهرجان شعبي له قيم معينة قديمة لفئة من المجتمع قد تكون قيما بدوية اجتماعية معينة تاريخية.. لكن إذا ما أخذنا مزايين الإبل على أنها جاهلية قبائل فهذا نحن نرفضه في المقام الأول.. ونحن ضد أن ندخل العصر من باب القبيلة.. ومهرجان الجنادرية هو النموذج الأمثل لسباقات الهجن والموروث الشعبي لأنها لم تدخل مدخل التنافس القبلي أو العرقي أو العائلي في هذه الأمور.. وأنا أفضل أن تكون الثقافة عامة للمجتمع لأننا كلنا ذائبون في كلية المجتمع.. حتى لا نفرق بين قبيلة وقبيلة ومجتمع ومجتمع.. وهذا ما حصل في مهرجان المزايين. الكل يبحث عن هويته.. والهوية غير مطروحة بالثقافة بحيث أن هويتي سعودي ولست من القبيلة الفلانية أو تلك، لأنها لم تطرح بالشكل الثقافي.. الثقافة التي تطرح الهوية ممنوعة أصلا لأنها هي الثقافة الأدائية ثقافة السينما ثقافة المهرجان الشعبي ثقافة العرض الموسيقي بمعنى كل الرؤى والبصريات هي ثقافة العصر وكل هذا ممنوع..هذه هي الثقافة الحاملة للقيم وهي التي تضع صورتك أمامك وتتيح لك رؤية صورة الآخرين لكي تعطيك هويتك التي تبحث عنها.

* دائما ما تتحدث عن المثقف الكتابي.. والثقافة النمطية والتقليدية، وتقول بأنها لا تصنع شيئاً ولا تقدم ولا تؤخر.. وتنادي دائماً بالاتجاه نحو الرأويات والبصريات.. هل يريد الأستاذ محمد العثيم أن يتحول المشهد الثقافي والأدبي إلى مسرحيين وموسيقيين وسينمائيين؟

- لم أقل هذا.. وأعترض على نسبة رفض التقليدية وأنا أحد التقليديين.. وهنا فرق بين أن أتمسك بالتقليدية وأن أضعها كعمل في الحياة.. التقليدية هي مرتكز لبواقي تاريخنا وتوارثاته ويجب أن يبقى في الحيز الممكن له وسيجد من يرعاه.. هنا نحن لا نتكلم عن المتحف بان يهدم المتحف لكي تخلق حياة ملهى جديدة.. بل نحن نتحدث عن الرجوع إليه لكي نستفيد منه نستوحيه بحيث لا يكون هذا نبراسنا، ونحن الآن نعاني من رجعة ماضوية في الثقافة حتى أن هناك من يحدد الثقافة.. ونحن ثقافتنا بنيت من قبل الإسلام بسنين حتى جاء الإسلام ووضع لنا مسارات معينة وإضافية كثقافتنا القديمة وكانت أكبر ثورة في العصور القديمة التي غيرت أوروبا وغيرت أمريكا.. وبعد ذلك جاء المجتهدون وضيقوا هذه الحركة التي قدم الإسلام فيها نموذجاً رائعاً.. عندما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسر الأصنام وكسر الرموز الأساسية والأوتاد التي تقيد الانطلاق لعبادة الله سبحانه وتعالى. لكن خلطت الأمور فيما بعد بالاجتهادات حتى تضيق الأمور عن كل شيء.. ولكن نحن يجب أن نوسع الأمور فالإنسان النامي هو حي..

ما أعنيه هنا هو أن الثقافة نفسها متغيرة.. ويجب أن نؤمن بأن ما كان قبل ثلاثين سنة وما رأيته بعيني ليس موجوداً الآن سواء أراد المجتمع أم لم يرد.

* ما رأيك في المثقف النخبوي النمطي.. هل عليه الآن أن يعي جيداً أن الاتجاه الآن هو نحو الثقافة الرؤية والبصرية.. وما هو الشيء الذي تفهمه من ذلك.. وأنت تطرح هذا دائماً؟.

- نحن نحث الشباب على أن توجد مدرسة حديثة في العرض والثقافة والأدب.. والمثقف النمطي لا يمكن أن تزحزحه من مكانه أبداً وسيظل مثقفا نمطيا.. في السابق زحفت مجلة الشعر الشعبي التي كانت مصورة وجميلة وتبرز جماليات الشخص مع شعره في نفس الوقت حتى تروج ل(لسالفة) الآن زحفت مجلة الشعر الشعبي لتصبح محطة فضاء.. لكن الأمر لم يختلف كثيرا فالأداة ذاتها خلف هذا الدعم والتحول.. مثلاِ إذا كنت تملك رصاصة لابد أن تمتلك البندقية لتطلق بها الرصاصة.. وأداة الفضاء أتت قريباً لتساعد على ترويج ذلك.. (الرديات) موجودة منذ ثلاثين سنة لكنها لم تقدم بطريقة جماهيرية.. أما اليوم فكل منا يرى هذا الكم الهائل.. عموماً قد تكون موجة عاتية وقد تختفي. وقد تأتي أيضاً موجة أخرى وهي موجة السينما التي هي ممنوعة في وقتنا الحاضر.. وهذا الموضوع الأخير طرح في مجلس الشورى وطرح وزير الثقافة والإعلام وسيظل يطرح بشيء من التحسس.. لكن أنت الآن أمام بنية أساسية معدومة في الثقافة الرأوية لا مسارح لا دور للسينما لا شيء يدعمك في العرض، التمويل معدوم صناعة السينما معدومة تقنياً.. ومع هذا من الممكن جلب هذه الأشياء وليس شرطا أن نبدأ من الصفر.. طال ما أن الثقافة والقيم موجودة.. ولكن كيف نصنعها وهذه الصناعة تحتاج لأشخاص محترفين.. أنت الآن لا تكتب السيناريو بالطرق المهنية كما تكتب مقالا بالجريدة.. إنها مهنية مختلفة ولها مهني مختلف مع أنها نفس الفكرة.

* إقرار جمعية المسرحيين.. يأتي كأحد أشكال مؤسسات المجتمع المدني.. هناك من يحارب مثل هذه المؤسسات.. ربما شكل ثقافي له صفاته وأدواته وأجندته؟

- أنت لن تعدم من يعارض.. في الماضي لم تكن هناك مشروعية للعرض المسرحي.. أما اليوم فهناك مشروعية نظامية مؤسسة على شكل جمعية المسرحيين السعوديين وعندما توجد هذه الجمعية وتأتي أي جهة ولا أريد هنا أن أسمي وتمنع هذا العمل فحينها يكون لديك الحجة المشروعية على أن يتقيد بأخلاق الوطن.

* لماذا لا تسمي؟

- مثلاً المجتهدون عند ما يأتي أحد من هؤلاء ويوقف العرض مثل ما حصل من شغب في الأسبوع الثقافي بكلية اليمامة.. فلا بد أن تكون هنالك حماية لمشروعية هذا العرض. وقد لا تحميه من الأهوج أو المتعصب لكن قد تحميه أمام النظام لمشروعية العرض. لكي لا يفرض عليك أحد وصاية.. لأنك قد تكون استثمرت مبلغ ثلاثمائة أو أربعمائة ألف لعرض فردي في ليلة واحدة ويأتي من يوقفه لعدم مشروعيته، وهذا حصل كثيراً لأنه لم يكن هناك مشروعية لهذا العرض، ولكن عندما تكون هنالك مشروعية على شكل جمعية أو وزارة. وزارة الثقافة لم تكن ضمن المشروعية إلا من سنوات قليلة حتى أصبح هناك وزير للثقافة. وضمت للإعلام.. بمعنى أنها لم يكن لها في مجلس الوزراء مقعد.

* هل يعني أن الثقافة أصبحت مفردة من مفردات الحكومة لتدخل في قانونية التسييس؟

- قانونية المشروعية والنظام غير التسييس.. لا نخلط الأمور كما يريد بعض المثقفين.. ويقول بما أن الثقافة جزء من الإعلام فهي مسيسة لأنها تتبع للدولة.. التنظيم والنظام والمرجعية النظامية والمشروعية هذا شيء، والحرية الثقافية شيء آخر.. فإذا أعطيتني حريتي الثقافية أن أتحدث كما أُريد ضمن ضوابط اجتماعية أتفهمها أنا بنفسي، دون أن يأتي وزير الإعلام يقول لي أكتب أو لا تكتب لأن وزير الأعلام ينظم العمل لي ولغيري.

* عندما تأتي وزارة الثقافة وتقترح وتنتخب وتعيين رؤساء الأندية الأدبية.. ما الذي يفهم المثقف من مثل هذا الإجراء؟ هل نفهم أنه هذا توجيه للسياق الثقافي العام؟

- كفترة مرحلية فقط يا سعيد.. ونحن لسنا في المرحلة الديمقراطية كلنا نعرف تجربة المجالس البلدية ونتائجها.. نحن في مرحلة بدء الديمقراطية الكاملة نحن في مرحلة مؤسسات المجتمع التي تفتت القرار والسلطة الداخلية للمجتمع.. والمجتمع التقليدي ليس بالسهل تفكيكه، ولو لم تقم الجهات الرسمية بذلك لكانت هنالك مشكلة كبيرة جداً. وذلك حتى في المجال الثقافي، وقد لاحظنا عندما يجلس الرجل المثقف على كرسي ينقلب ضدك كأنك تقود عليه حربا.. لماذا لأنه لا يدعمك وهذه القاعدة حدثت في مصر عندما عين مثقفون كبار في المراكز الثقافية بدأوا جزء من السلطة ضد المثقف ولربما أنهم أقصوا المثقف الزميل، صراع الثقافة مثل أي صراع آخر.

* نريد مثلاً من واقع ثقافتنا المحلية؟

- لو أن الأمة نامية فكرياً إلى درجة أنها تقبل الآخر لما وجدت هذه الأشياء.. العمر الحضاري في مجتمعاتنا العربية، متأخر خمسمائة وخمسين سنة عن المجتمع الأوروبي الذي عاصر كل هذه المشاكل التي نعيشها الآن. لو قرأت تاريخ النهضة التي نعيشها والحوارات الفكرية هم عايشوها قبل خمسمائة سنة، وتجاوزوها واجمعوا على أنه لا أحد يعيش دون الآخر.. لو وصلنا إلى إلى هذه الحلقة.. فالأرض يا صديقي متسعة ونستطيع كلنا الإبداع فيها ونحن في غنى عن هذه المشاكل.

* جميل..إذاً هذا الشرح يأتي على خلفية قرار جمعية المسرحيين؟

- جمعية المسرحيين هي خطوة جيدة قد لا تكون هي الذي نأمله أو نطمح إليه..كما قيل:

ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له

إياك إياك أن تبتل بالماء..

فهي ألقيت في اليم أو البحر دون دعم ولا بنية أساسية وبدون مقر أو تجهيزات أولية فهذه الجمعية شكلت من عدد من الأشخاص المتحمسين الذين حضروا.. وبعض الزملاء وهم كفاءات انصرفوا عنها.

* أفهم أن الأعضاء ليسوا كفاءات وهذا من كلامك (أن الكفاءات انصرفت)؟

- لا.. هم كفاءات جيدة في الوسط المسرحي.. ولهم اجتهاداتهم.. المأخذ الوحيد ان كثيرا منهم لم يكن من الوسط الثقافي أو الوسط المهني أو العملي، بمعنى الوسط المثقف النخبوي قل منهم من يستطيع أن ينظم ويرسم استراتيجيات، هذا مأخذ عليها.. على أي حال الفترة هي سنتان، آمل أن تكون الجمعية استقرت في هذه الفترة، وتأتي نخبة جديدة.. ولن نكون يائسين.. المسألة ليست على أعمار الأفراد، بل إذا حدث شيء جيد فهو للأجيال القادمة.

* وأنت تطرح هذا الانتقادات عن الجمعية وإقرارها مؤخراً وأعضاء مجلس الإدارة لماذا لم يحضر محمد العثيم ويقول كلمته ويوضح رؤيته؟

- كان من المفروض أن أحضر هذه الانتخابات لكني اعتذرت لاصابتي بوعكة صحية شديدة منعتني من الحضور.. أما قراري بعدم ترشيح نفسي فهذا قرار خاص بي.. وأنا بصراحة لا أستطيع أن أقدم شيئاً لارتباطاتي بأعمال أخرى منها عضويتي في جمعية الثقافة والفنون (التي لا تعمل).

* هل هذا يضيرك في شيء؟!

- لا.. بالعكس.. لأننا أصلاً لم نفعل شيئاً علماً بأننا اجتمعنا اجتماعا واحدا فقط.. فعدم ترشيحي لعضوية الجمعية حضر إلي أحد الزملاء وهو صحفي يقول إنه سمع بأنك تدعو المسرحيين وطلاب ورشة التدريب الذين هم في حدود الثلاثين طالباً بدعمك والتصويت لك عند الترشيح.. هؤلاء الشباب الذين يعملون معي في ورشة المسرح وجدت فيهم الإصرار والطموح مما جعلني أقف إلى جانبهم. لكن البعض قال إن محمد العثيم يجند الناس لدعمه وترشيحه لعضوية المسرح. وهذا ما جعلني اتخذ قرار عدم ترشيحي حتى اثبت أنني لست في حاجة لهذا. والأهم من هذا كله هو أن تعمل أو لا تعمل.

* وأنا في طريقي إليك التقيت أحدى الشخصيات المسرحية المهمة.. قال لي أنك ستذهب لمقابلة اسم مسرحي عربي وليس محليا.. هل ترى أنك تستحق هذه المكانة بأمانة؟؟

- أنا لست فخورا بنفسي.. إذا أنجزت شيئاً عندها أكون فخورا بنفسي.. انجازي محدود حسب قدرتي المالية والإدارية المحدودة التي تحكمني.. في السنين الأخيرة لدي ورشة تدريب تعمل ونخرج بمسرحية كل سنة تقريباً والأهم أننا نخرج من هذه الورشة مسرحيين حقيقيين.. وكنت أتمنى أن يكون مشرف التدريب والمخرج زميلي معي.. نحن فخورون بما أنجزنا. وحاولنا أن ندخل هذا العام المهرجان السعودي فاعتذروا لأن القائمة كاملة.. لكن هذا ليس نهاية المطاف سنعرض في أي مكان آخر.

* عذراً أستاذ محمد.. لم تصل الفكرة بشكل واضح حول غيابك عن مجلس إدارة جمعية المسرحيين..لماذا لم تحضر بشكل فاعل فعلاً؟

- صدقني ما منعي هو إصابتي بوعكة صحية شديدة منعتني من الحضور.. وبخصوص الترشيح أنا لا أريد أن أرشح نفسي.. لأنني أكثر الناس قدماً في هذا الوسط.. وإذا حضرت فقد احجب الفرصة عمن هو أفضل مني عملاً وأكثر مني نشاطا وأكثر مني حماسا.. يجب على كل إنسان أن يعرف قدر نفسه. والآن أنا في وضع متقاعد، أصلح كاستشاري للجمعية بخبرتي لكني لا أصلح عضو عاملا ومنتجا.

* دعني أرد عليك من هذه النقطة الأخيرة.. لديك ورشة في الجمعية وتنجز مسرحية كل عام.. هذا يدل على أنك تنتج مسرحيات.. ما هو الشيء الذي يمنعك من أن تنتج في الجمعية؟! وهل يمثل هذا العمل الوحيد الذي ينتجه محمد العثيم مرة في السنة.. محمد العثيم صاحب هذا الاسم العملاق؟

- الإنتاج بالإمكانات ونحن لم نجد من يرعى المسرح إلى الآن.. في العام الماضي تكرم سعادة الدكتور عبدالعزيز السبيل برعاية مسرحية (الحقيقة العارية) وهذا العام لدينا (غبار بن بجعة ومعاصروه) تحكي شيئاً من أحداث اليمامة بطريقة مختلفة.. وأيضاً لم نجد من يرعى هذه المسرحية.. بمعنى انه لم نجد من يرعى صراع الثقافة.. صراع المثقف مع المثقف إقصاء المثقف من المثقف أبعاد المثقف من المثقف.. أيضاً الماضاوية تطرحها بشكل آخر والتقليدية والتعلق بما هو ماضوي بصفته الجميلة.. لكني ضد الفكرة لان هناك بيوتا أجمل جوالات أجمل اتصالات أجمل كمبيوتر أجمل.. طريقة بحث أجمل.. ومع ذلك نعتقد أن الماضي كان أجمل (أحلى)... وهذه كارثة.. أنا عشت الماضي أكثر من ستين عاما لكني لم أجد فيه ما وجدته الآن من جمال.. رومانسية الاكتئاب تجعلك تعيش منفرداً في عالم مختلف وحب مختلف وهذا غير صحيح.. الطفولة في السابق والطفولة الآن تختلف كثيراً. فطفولتنا كانت اشد قسوة في الحياة المعيشية.. بيوت متهالكة شوارع غير معبدة أما الآن فهم يعيشون حياة مرفهة بمعنى أنهم وجدوا كل شيء تحت أقدامهم.. فالثقافة لا يمكن أن تفتت.. بأن تقول ثقافة الحرب وثقافة الرؤية وثقافة المجتمع وثقافة السياسة، فالمجتمع كلية واحدة.. وكل شيء فيه يحمل تفاصيله في اتجاهاته الفكرية.

* نرجع إلى الورشة وإنتاجها.. هل هذه الورشة بعملها المتواضع. تأخذ منا محمد العثيم المفكر والمنظر المسرحي؟

- الفكرة غياب معهد تدريب يجعل الورشة رمزا مهما، لنفكر فيها من جانب بلوتكس سياسي حتى تكون لها قيمة معينة، تأسست الورشة عام 1999م، بجهد مني ومجموعة من الزملاء كان الهدف هو ان نلغي غياب التدريب أو المعهد المسرحي ودفعنا عليها الكثير حتى تنتج، بمعنى ملء الفراغ لكن وجدنا الوسط الثقافي المسرحي يعادي هذه الورشة بفكرة أن هذه الورشة تخترق التكوينات الشللية.. فحاولنا احتواء الجميع، والمسرح ما هو إلا احتواءات شللية بما فيه أنا وجمعية الثقافة والفنون.. احتواءات شخصية عبارة عن شلل وأصدقاء.. أما إذا تعامل معك فهي للضرورة لذلك ورشة التدريب حسبت كشلة مع أنها ترفض هذا الاتهام.. وهدفنا يستجيب لهدف الوزير وهدف وكيل الوزارة وهدف جمعية الثقافة والفنون والوطن، هدف الاعتناء بالمواهب الشابة ورعايتهم وإعطائهم فرصة تثقيفية وفرصة عن المسرح وماهية المسرح.. لذلك نحن ندرس علم الجمال والحركة المسرحية في الورشة وندرس الثقافة والأدب والتذوق الأدبي حتى يكون الدارس لديه نوع من الحس الفني.. هنا نكون قد قدمنا وجبة كاملة ثقافية.. إضافة إلى تحريك الجسم هو أيضاً جزء من هذا العمل.. كذلك التذوق الموسيقي حتى يكون له إحساس بالإيقاع الموسيقي والنغم

* نتجه إلى ما تطرقت إليه وهو إقفال شعبة المسرح.. لماذا؟ من وقف وراء ذلك؟!

- الموضوع موجود تاريخياً في تصاريح الزملاء.. وهي لم تلغ ولكن أوقفت لغرض أيدلوجي وهذا هو الجميل.. هناك فرق بين الإلغاء والإقرار وهذه الشعبة أقرت بقرار من مجلس الوزراء لذلك لا يستطيع مجلس القسم إلغاءها.

حتى أكون صريحاً معك هنالك وحدة تاريخية في الصيف غالباً ما يسند مجلس القسم كله إلى رئيس القسم وقرارات مجلس القسم إلى رئيس قسم الإعلام كما هي العادة.. لان في الصيف يتغيب الأساتذة في العطلة فلا يمكن تعطيل العمل. وتخول الصلاحيات لرئيس القسم لاتخاذ القرارات.. فاستغل البعض هذه الفرصة واجتمعوا لتمرير القرارات خلال هذه الفترة، فمرروا قرارا بالعطلة الصيفية (طبخت)

طبعاً كان هناك اعتراض كبير من أساتذة القسم.. وكانت تقوم حروب مختلفة حيث ينصح الطلاب بالابتعاد عنها(شعبة المسرح).. ويرهبون إذا كانت لديك مادة لدى أحد الأساتذة يهدد بالترسيب.. وهو من التيار الأيدلوجي بلا جدال.. أذكر أحد الشباب كان حاضراً معي بالدروس الأولى وهو من أميز الطلاب وأحرصهم على الحضور، فحضر بعد انقطاع طويل.. فسألته عن سبب انقطاعه.. فقال نصحوني بعدم الحضور إليك لكي لا تؤثر في أفكاري.. فقلت له إن وظيفتي بالجامعة هي أن أؤثر على أفكارك وليس العكس ومن ثم علمت بمن نصحه فأعلمته بأنني موظف براتب لتغيير أفكار هؤلاء الشباب وإذا لم تؤثر فيهم أفكاري إذن أنا لا أفعل شيئاً ولا أصلح.

* هو قد يقصد في حديثه أنك تغير أفكاره إلى اتجاهات أخرى؟!

- نعم هذا هو القصد.. لكن.. تلك أمة قد خلت.. وهذه الأمور قد انتهت

* يبدو أنك تتحدث بنظرة المتأمل طالما أنك تصر على أنها لم تلغ ولكنها أوقفت؟!

- ليس أنا الذي أقول فقط.. حتى القرار الإداري يقول ذلك.

* هل هذا يوحي بأنها ستعود؟

- ستعود.. وفي هذا الأمر تحدث معي أحد المسؤولين بالجامعة.. فكان ردي ليس هناك ما يمنع عودتي لهذا الهدف.. ولو أحببت الاستعانة بتجربتي فلا مانع من ذلك.. حسب خبرتي في هذا المجال التي تقارب الأربع سنوات..

* ما موقفكم ثقافياً لإعادة هذه الشعبة؟

- لا يصح إلا الصحيح.. إن كان هناك من يدعم تلك الفترة فلن يدعم إلى الأبد.. ثبت أن الآراء المغلقة لا تؤدي إلا إلى الأسوأ.. لا إلى الأحسن.. سواء رغبنا أو أبينا..

نحن في طريق الانفتاح وعندما تغلق شعبة المسرح فكأنما تكسر الأنوار.. وهذه كانت مرحلة مظلمة في فكرنا السعودي.. والآن نحن ننفتح ونعلم الجمال.. ولا يمكن أن نلغي تاريخ ثلاثين سنة في يوم أو يومين.. خلال خمس سنوات ستكون الأمور مختلفة.. وأنت ترى المجتمع ينفتح.. نحن الآن نأمل بقيادة المرأة للسيارة وتوظيف المرأة ودور السينما ودور المسرح. فالكل بدأ يطالب ولسنا وحدنا. نحن كنا رأس الحربة وواجهنا هذه الأمور وكان فينا من يطالب.. في عام 85 عندما بدأت الجنادرية لم يكن هناك فهم للمسرح.. عندما طرحنا عروضنا للمسرحية الأولى مثال: (سوق قبة رشيد) فنحن كنا نظهر لهم في هذا العمل الثقافة الاجتماعية أي ما يسمى العرض القيمي.. بمعنى خلط الثقافة بما يعرفه الفرد.

* هل نفهم من ذلك أن ثقافتنا إذا بذرت الحب والجمال والتسامح في الحياة الاجتماعية العامة.. من خلال جماليات المسرح والثقافة الفنية بشكل عام.. فإننا سنتخلص من التكفير والخراب والقبورية والإرهاب؟

- لو مجدت الجمال في حد ذاته.. كنا في سنوات قليلة نمجد الكآبة والقبورية والموت وفي العروض المدرسية كانت تعرض الجنائز أمامنا.. للتعريف.. يعني الاحتفال بالموت.. وهذا يأتي ردة فعل بالانفجار تجاه الآخر.

* ما هو النص المطبوع لدى الأستاذ العثيم؟

- حتى أكون صادقاً معك لفترة أربع سنوات أو خمس لم أكن أطيق التكلفة المادية.. واعلم بأن هذه الأعمال لا يمكن أن تسوق ولدي 42 عملاً قابلة للطباعة ولدي عمل مطبوع وجاهز مثل البطيخ الأزرق وعدد من الأعمال القديمة ومازالت عند ما يقرؤها الآخرون يجدون فيها قيما جميلة.. وعندما انشغلت لمدة خمس سنوات بمكتبي متقاعداً.. أصبحت بخيلاً (بزنس مان) وانصرفت عن طباعة أعمالي.. وان كان لي بعض من المال والعمر فهما قصيران جداً.. ولا يمكن أن أبددهما في طباعة كتب وأنا أعلم أنها غير مجدية.. وهذه الأعمال موزعة في الكويت وفي المغرب وفي الإمارات والكل يعرفوها.. وهي منشورة في المكتبات كمخطوطات.. أذكر قبل فترة اتصل بي زميل من عمان يستأذني عن مسرحية يريد تنفيذها.. أما الوسط الفقير الذي لا يسأل عنها فهو الوسط السعودي.. قلة فقط من الباحثين بالجامعة سألوا عنها لدراستها وأصدروا كتباً حولها.. كما اهتم رجل مصري هو حسن سلام عميد كلية الإسكندرية حيث أخذ العمل ودرسه جيداً وعمل عليه بحثا أو بحثين تحت اسم المسرح السعودي وأصدر كتابا بالقاهرة..أيضاً صدرت عدة كتب منها كتاب الدكتور العظمى وهناك كتب كثيرة صدرت عن هذه الأعمال والمخطوطات .

لكن حتى تخرج هذه الأعمال إلى النور ويطلع عليها القارئ.. لا بد من وجود تمويل وهذه مشكلتي الأساسية.. عدم قدرتي المادية.

* ما علاقتك بالموروث الشعبي؟!

- الموضوع ربما يختلف من رأي إلى رأي آخر البعض يقول لابد أن تعمل كما لو أنك ترسم عملا فنيا بمعنى أن تضع قطعة قماش أو حرير..( اللصق غير المتوازي لخلق جماليات)... الذين اخذ الموروث الشعبي في ذهنه عندما يبدأ يأتي بالنسيج الشعبي ويقصوه.. مثل لصق حجر مع خشب مع صوف هذا لا يجدي طبعاً.. تجد أن أوبريتات الجنادرية تعاني من هذه المشكلة المؤلف بدوي وشعره بدوي والثيمة المطروحة هي ثيمة موسيقية راقية فتجد أن هناك حلقة مفقودة.. كل العروض الأوبريتية التي تصدر من المملكة.. لأنه ليس أمام الموسيقي إلا أن يلحن ما هو أمامه.. فتجد أن هذا العمل غير متناغم مع النسيج الرأوي البصري وتجد الناس في حيرة الاستماع بين الاستماع والرؤية.. كأنك تسمع من ثلاثة مصادر مختلفة.. مثلاً لو أتيت بأغنية جيزانية وغنيت مع العرضة أو أغنية عرضة وتغنى على أي إيقاع من إيقاعات جازان الراقصة السريعة لا تجد التوافق بينهما.. فهناك قيم فنية وهي الإيقاع والنغم.. فنسيج الكلام ليس له قيمة إذا لم يرتب.. لابد أن تكون الكلمة والموسيقى متناغمتين.. غالباً الجملة الموسيقية هي كافية لإيصال أي شيء والعرضة النجدية أو السامرية أو حتى الإيقاعات أو الأعمال الجنوبية أو غيرها أو الشمالية.. ما هي إلا أنسجة موسيقية ايقاعية معينة متجانسة.. والكلام الذي وضع لها رتب عبر العصور وغير وبدل وكل يأخذه بشكل كلاسيكي.. حتى نرسم النسيج بشكل صحيح نقول لماذا لو ألف مثقف مثل الدكتور غازي القصيبي أوبريت الجنادرية على العرضات ووضع الكلمات المثقفة على الموسيقى المثقفة ووضعت التقليدية لعرضة مقفلة تماماً كقطعة من الفلكلور لا تغير.. لا أن تجلس وتألف العرضة لكلمات نريدها نحن حتى تأتي مع الإيقاع.. فهذا يضر إعلامياً أكثر من نفعها.. الدليل على أن الاستشارة الإعلامية في هذا المجال غير صحيحة نحتاج إلى الاستشارة الفنية.. أحياناً يأتون بأشخاص ليس لهم ثقافة وهو مخرج جيد أو شاعر جيد وعظيم في وضعه لكن ليس له الثقافة الكلية للعمل المسرحي حتى يوصل ما هو أجمل وأصح.. كونك تأتي بكلمات وتلحنها هذا خطأ.. فالموسيقى هي الشيء الأساس للعمل الموسيقى أكبر من اللغة... فالموسيقى لدينا لا تفهم إلا باللغة.. وهذه مشكلة معرفية لأن الشباب لدينا منذ الصغر لا يتعلمون في الابتدائي ما هي النغمة.

* هل نفهم أنك تطالب بتعليم النغم في كل المراحل؟

- أطالب بتعليم الموسيقى في كل المراحل من الابتدائي إلى الجامعة.. لا يمكن أن تبني مجتمعا حضاريا وأنت تغيب الموسيقى.

* كيف تريد الموسيقى؟

- نحن لا نطالب بالموسيقى المتهتكة ولا موسيقى البوب.. حتى في أمريكا من تعلم تعلم الموسيقى الراقية.. موسيقى الذوق الراقي.. والموسيقى الشعبية هي جزء من الموسيقى الجيدة لو وضعت ككلمات لتعليم الطلاب.

* تحدث الدكتور يوسف العثيمين رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون عن أنه سيعمل دورات موسيقية.. ماذا عنها؟

- لا تسألني عن شيء لأنني لم أر الجمعية من أول اجتماع لها.. إلى الآن لم أدعَ لحضور اجتماع آخر أبداً..

* بماذا تفسر ذلك.. هل تعتبره تهميشاً لك؟!

- لا أبداً.. هو إيقاف لكل مجلس الإدارة وليس لشخصي.. كل مجلس الإدارة أخذت صلاحيته.. أخذها الدكتور العثيمين بذريعة انه سينشئ مقراً ونظاماً.. لأن الجمعية بدون مقر وبدون نظام.. فجمعية الثقافة والفنون نظامها تقادم ومقرها غير صالح للاستيعاب.. ومنذ أن عين مجلس الإدارة وحتى الآن لم نجتمع إلا أن هناك اجتماعا مع معالي الوزير واجتماعا آخر لأخذ الصلاحيات.. وعندما أخذت الصلاحيات غيبنا وأرجو أن تنسب هذا الكلام الي كان من المفترض أن تأخذ الصلاحيات لمدة أربعة شهور.. لكن الآن لنا أكثر من السنة لا نعرف ماذا يجري.. علماً بأن من صلاحيات مجلس الإدارة الاشراف على الشئون المالية والإدارية التي تجري في الجمعية.. فغياب مجلس الإدارة عن الجمعية أو تغييبه عنها (كأننا لا رحنا ولا جينا).. ومشكلة الجمعية الأولي في تغييب مجلس الإدارة لأنها تدار بشخص وما حصل سابقاً يحصل الآن.

* ما هو الشيء الذي يقرأه الأستاذ محمد من هذا التغييب.. هل هناك أهداف عليا لا نستطيع رؤيتها؟!

- صدقني لم تكن هناك أهداف عليا وأنا التقيت بالرؤساء وتحدثت معهم بهذا الخصوص بأننا مغيبون.. فقالوا إن الأمر سيناقش مع الدكتور يوسف بشكل أو آخر. وتحدثت مع الدكتور محمد الرصيص.. بأن تغييب مجلس الإدارة ليس بالعمل الصحيح لأنكم تتصرفون في النواحي الإدارية والمالية بشكل غير قانوني.. وإدارياً بشكل غير قانوني. إلا بالرجوع لمجلس الإدارة. لكن قالوا أخذنا الصلاحيات لتنظيم العمل..والسؤال: هل يغيب المجلس لأكثر من سنة؟

- من المفترض أن يقر مجلس الإدارة الميزانية الجديدة لكن أقرت بدونه.

* إذاً ما الذي وراء ذلك؟!

- لا ليس وراء ذلك شيء. لكن هذه تصرفات شخصية لا أكثر!

* عندما تقر جمعية المسرحيين وجمعية التشكيليين وبقية الجمعيات الأخرى في ظل وجود جمعية الثقافة والفنون ماذا نفهم من ذلك؟

- جمعية الثقافة والفنون ليس لها علاقة بإقرار جمعية المسرحيين أو التشكيليين.. وهذه كانت منسوبة لوزارة الثقافة والإعلام.. وكالة الوزارة للشئون الثقافية بنشاطها أدى إلى انبثاق هذه الجمعيات.. أما جمعية الثقافة والفنون فلم ولن تنظم أو تدير ولن تدخل في تأسيس الجمعية.. (خذها مني).

* إقرار هذه الجمعيات إلا يقودنا إلى فكرة تفتيت الجمعية أو إلغائها نهائياً؟!

- لا أبداً.. جمعية الثقافة سيكون لها دور آخر غير دور تلك الجمعيات.. فتلك الجمعيات للمحترفين ومن هم على السياق .. أما الهواة في المدن الصغيرة التي لا يوجد بها جمعيات تشكيلة أو مسرحية أو مصورون.. من الذي يرعى المواهب التي توجد بها.. لا بد أن ترعاها إدارة حكومية مثل جمعية الثقافة والفنون وهذا هو الواقع الذي لا بد أن يحصل.

* سؤال أخير وتخصصي.. الأسطورة والرحلة.. لدى محمد العثيم؟

- لعلك قرأت بالجزيرة عملا طويلا كتبته على خمس حلقات..استوحيت فيه الأساطير لكتاب الأحلام.. تفسير الأحلام والمغيبات.. العالم البعيد هذا هو بعد الفن الذي يعمل فيه هو البعد الخيال.. إذا كنت (متليليست) ولم تكن لديك الحدود الايمانية البعيدة.. لذلك الأسطورة أخذها بنوع أنها هي التي بدأت بداية العالم.. عندما تأخذ همروس عندما يكتب الإلياذا وعن تاريخ اليونان عن ثلاث أو أربع أساطير.. وتأخذ ماذا كتبنا عن عنترة بن شداد والزير سالم وألف ليلة وليلة.. وهذه الأشياء التي من المكن أن تكون أو لا تكون.. وبعدنا الشرقي الذي يستوحي عالم الأرواح وعالم الجن عالم الجمال لفاعليتها في الحياة الاجتماعية ودخول البشر والتزويج منهم.. وهذا شيء أنا لا أؤمن به كمسألة إجرائية.. أؤمن به كامتداد جميل للخيال الفني الذي يعطيك روابط للسينما وللمسرح.. لذلك في مسرحية حلم الهمداني، سميت خطيبة الهمداني جنية وهناك لدي مسرحيات كثيرة حتى البعد الروحي للجن وللأبعاد المثلوجية البعيدة التي لم تكن في الميراليست.. وأعتقد أن هذا لا يزال ثراءً فنياً بصرف النظر عن ما نعتقد أو ما لا نعتقد.. الخيال يحتاج لكتاب تفسير الأحلام والسير وكتاب الأسطورة.

* ماذا عن المسرح الوطني ومستقبله الرؤي والبصري؟

- لا يمكن أن تقف أمام تيارات العصر سواء رفضناها عشر سنوات أو خمس عشرة سنة أو أقل أو أكثر..لم تصمد دول أخرى مثل أمريكا.. كما كنا نقاوم في يوم من الأيام التقليدية. علينا أن نحدد المفاهيم والثوابت الإسلامية الأساسية وليست الاجتهادية الضيقة التي أتت من باب سد الذرائع وعلينا أن نعمل باب المصالح المرسلة إلى اتجاه أكبر.. فلذلك لا بد من فتح الأبواب لأننا لا نستطيع أن نقف .

* نختم بسؤال شخصي جداً.. بعد هذه الرحلة في الثقافة والصحافة والفكر المسرحي والأعمال الفنية إلى ماذا انتهى محمد العثيم؟

- انتهيت إلى أنني لم أنجز شيئاً على أرض الواقع حتى أقول هذا منجز أنهيته.. أنا يا صديقي مكتئب من أجل ذلك.. لست ممن يشتمون الظروف بأن يقول الظروف منعتني من أن أعمل.. والظروف هي جزء مني وهذه ظروفي.. لكنني ما زلت مجتهداً حتى ألملم باقي أوراقي لوضعها في السياق.. لم أتوقف، عملت في هذه السنة عملا أو عملين مسرحيين وفي نفس الوقت بقيت أحث الشباب للاستفادة مني قبل أن اتركهم بعد سنة أو سنتين وقد أكون غير موجود بالسياق.. وإذا كان هناك شيء بسيط قد تركته فهو شعور الشباب نحوي.. شعور الكثير من طلابي الذين عملوا معي بحميمية هؤلاء أنا فخور بهم.. كنت أرى عملا لشباب في بروفات قبل ثلاثين سنة.. موجود لدي بالجهاز.. وطلب مني زميل عمل مسرحيات قديمة لمهرجان المسرح.. فكنت أشاهد البروفات وتصوير المسرحيات التي نفذت منذ عشرين أو خمس وعشرين سنة.. والحمد لله لا يزال الناس يذكرون هذه الأعمال.. عندما بدأنا كنا نعلم بأننا نحفر في صخرة بأظافرنا.. بمعنى أننا لم نبدأ بدون وعي.. ولا مجتهدين وكان سلاحنا الثقافة.. ولم نكن نأخذ الأمور بالاجتهادات كما يفعل الآخرون.. لذلك أقول إن كنت تحفر في صخرة لابد أن تكون لديك الأداة وهي الثقافة.. أشعر أنني وفرت لهم الكثير من الكتب والمعلومات التي تعينهم على ذلك لان هذا البعد هو البعد الأساسي.. لا تستطيع أن تكتب في الصحافة بشكل جميل إلا إذا أخذت روافدك من الفكر العام من الكتاب.. ولا أستطيع أن أعمل بالمسرح إذا لم يكن لدي السلاح النقدي والفكري والاجتماعي.. مشكلة المسرح انه (شغلة عامة) لا يكفي فيها رافد عن رافد.. لذلك يستغرب الكثيرون.. لماذا محمد العثيم لديه خمس مئة أغنية مكتوبة.. وعندما يأتي احد الأشخاص ويقول لي أنت شاعر شعبي أقول له لست شاعرا شعبيا لكني كتبت أغاني لغرض معين وهذه الأغاني موجودة ولا أتنكر لها ولكن ليس بمقدرتي عمل أمسية شعبية.. لكن من الممكن أن قول لك شعرا عن المسرح.. عندما ادخل في مجال النقد وأكتب في مجال النقد المسرحي... في الجزيرة كتبت لسنوات طويلة.. كان للضرورة لأنه لا يوجد صوت مسرحي.. لما وجدت الأصوات المسرحية بعد العشر أو الخمس عشرة سنة توقفت لأنني وجد من يتحدث وأنا تحدثت في الحدود المنطقية.. لا يفترض أن أكتب في المسرح فقط واتجهت للشأن العام وبدأت اكتب في الشأن العام.. مثلا عندما اكتب عن الموسيقى وأتعلم شيئاً من الموسيقى ولدي مبادئ موسيقى.. فليس معنى ذلك أنني احتجت لأكون موسيقياً بل للتعرف على كيفية عمل مؤثر الصوت لدي.. والعمل الموسيقي متعلق بالمسرح.. عندما أحاضر بالجامعة عن تعشيقة تراث في المسرح في هذه الحالة لا بد من عمل محاضرة عن التبني الصحيح عملت محاضرتين في هذا السياق واحدة في الشارقة والأخرى بالرياض.. حتى نخرج من الفكرة العامة الجاهلة لخلق الثيم المسرحي من الأدب الشعبي.

aldihaya2004@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة