Culture Magazine Monday  07/07/2008 G Issue 254
عدد خاص
الأثنين 4 ,رجب 1429   العدد  254
 
الرجل الذي يعيدنا أطفالاً
حسن سلامة*

 

 

كنت مثل غيري، أشاهد مصطفى محمود.. الرجل الصادق، المعبأ بالمعرفة والعلم والتجربة.. حين كنت أراه للوهلة الأولى، يمر في مخيلتي شريط سريع، يبعث التساؤل والدهشة والإعجاب.. كيف كان، وكيف أصبح، وكيف صنع (أناه) المتوافق بكل تلك الدرجة، مع الخالق والمخلوق.. أدركت في ذلك الوقت، أن الإنسان يتغذى جسده من الفكر.. من المعرفة.. وأجزم يا صاحبي أن الإنسان الحقيقي الكوني، لا يجوع، وإن بدت على ملامحه حاجة الجسد إلى شيء ما.. مصطفى محمود -حفظه الله- واحدٌ من هؤلاء.. والشيخ الشعراوي -رحمه الله- كان من هؤلاء أيضاً.. أنطمح أن نصير مثلهم..؟

يجب أن نصير مثلهم، وإن كان في شأن مختلف..!

حتى نصير كذلك، علينا أن نفعل لنصير كذلك..

الدكتور مصطفى محمود، هذا الرجل الذي يعيدنا أطفالاً، رغم عتي العمر، نتلهف للقياه، ونسترق السمع لحديثه البسيط/ الصعب، ثم نتلفت حوالينا دهشة مما نسمع، ثم نقوم وننام، وفي المخيلة صورة هذا الرجل، وما ينطق من علم ومعرفة، فتشعر يقيناً أنه يعمل لوجه الله تعالى، فيكون مشروعه الذي نرى، ورسالته التي أدى..أعجب، ولا أحزن، لما نحن فيه..

أعجب، كيف تكون هناك أمة تصفق للتو، وتدير ظهرها بعد لحظة..

أعجب، حين تتم مسرحة الحال، والتشدق بالقيم والأخلاق، بينما يكاد يموت المحترمون بكلّ صمت.. أعجب، حين تتقاضى راقصة أو عاهرة مئات آلاف الدولارات في ليلة واحدة، بينما تنقصم ظهور عظماء الناس، الذين بالكاد يجدون ما يكفل لهم بقاءهم على قيد الحياة.. في صمت....

أعجب، ولا أحزن.. لأن رجال الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون..

هم يبسطون أكف المعرفة للناس، بلا ثمن.. لا يعرفون سوى العطاء..

أعجب، ولا أحزن، حين تكدس الأموال في بيت مال غير المسلمين.. بينما نجد من أفنوا حياتهم خدمة للإسلام والمسلمين.. أكثر الناس حاجةً، بعد أن كانوا أكثرهم عطاءً.. مصطفى محمود، يستحق منا الدعاء الصادق، والمحبة الصادقة، وأن تقوم ثلة صادقة بالعمل الحقيقي الجاد، من أجل هذا الرجل، وليس مجرد العطف والتعاطف.. مصطفى محمود، بحاجة إلى إخوة وأصدقاء، يحيون الذاكرة إذا اضمحلت، ويفرحون القلب إذا أحاطته الأوجاع والهموم.. مصطفى محمود.. يبدو أنه الآن.. قد خاب ظنه فينا، مع أننا لم يخب ظننا فيه أبداً.. أبداً..

* كاتب فلسطيني مقيم في دبي


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة