Culture Magazine Monday  11/02/2008 G Issue 233
تشكيل
الأثنين 4 ,صفر 1429   العدد  233
 

من الحقيبة التشكيلية
المعارض الجماعية
أراحت النشط وأخفت العيوب ومنحت الشهرة لمن لا يستحق

 

 

إعداد : محمد المنيف

تتنوع أنشطة المعارض التشكيلية وتتعدد مسمياتها من معرض جماعي وآخر ثنائي ورباعي امتداداً إلى بقية الأرقام، كما أصبحت تحمل مسميات وعناوين لا تقل تلوناً وتشكلاً من الأعمال المشاركة بها أحيانا ترتبط بمناسبة وأحيانا أخرى تحمل اسماً أدبياً أو فترة زمنية، منها معرض السلام أو معرض المحبة ومعرض الربيع والخريف وصولاً إلى بقية الفصول. هذه المعارض مهما تعددت وتشكلت تعتبر ظاهرة صحية تخدم الساحة وتتيح الفرص لكل عشاق الفن من أصحاب الخبرات أو المواهب أو الهواة ويبقى الحكم أو التقييم للجمهور وللساحة وللنقاد، مثل هذه المعارض البعض منها يستمر ويتطور والبعض ينتهي بنهاية المناسبة التي أقيم من أجلها.

انطلاقة المعارض الجماعية

ولو عدنا إلى بدايات إقامة المعارض الجماعية لوجدنا أنها انطلقت عند إدراج مادة التربية الفنية بالتعليم عام 1377هـ - 1957م وكان أكثرها بروزاً وجذباً للجمهور المعارض التي تقيمها معاهد المعلمين نتيجة وجود معلمين متخصصين في هذه المادة مع ما كان يمتلكه طلبة المعاهد في تلك الفترة من قدرات على استيعاب ما يطلب منهم تنفيذه لإعدادهم لتدريس هذه المادة، حيث كان الرعيل الأول من مدرسي التربية الفنية من خريجي تلك المعاهد مع ما تبع ذلك من نشاط لهذا الجانب من المعارض بعد تأسيس معهد التربية الفنية عام 1985م وتخريج أعداد من المعلمين الذين أثروا المدارس بمعارض طلبتهم.

نعود للإشارة إلى المعارض الجماعية في تلك الفترة وما تشتمل عليه من أعمال تطبيقية تعتمد على الصنعة والحرفة في تشكيل الخامات وكيفية إنتاج أعمال نفعية مع ما تبع ذلك من تطور في المفهوم لتنتقل تلك المعارض إلى آفاق أكثر رحابة في تنوع الأعمال وانفتاح المعلمين والطلبة على سبل ومفاهيم حديثة في مجال العمل الفني نتيجة الاحتكاك بمعلمين عرب فنانين ساهموا في تأسيس الحركة التشكيلية من خلال خبراتهم وبإقامتهم معارض فردية وجماعية لفتت أنظار التشكيليين المحليين لهذا الأسلوب من التعامل مع العمل الفني وتقريبه للجمهور.

المعارض الجماعية وثقافة المجتمع

تواصل التعامل مع تلك المعارض في معاهد المعلمين التي قصد منها إبراز نشاط الطلبة خلال العام في مجال التربية الفنية ودعوة الجمهور لزيارتها في كل مدينة كبيرة أو صغيرة يوجد بها معهد من هذه المعاهد ( يتم الالتحاق به بعد المرحلة الابتدائية)، ومنها مدينتي الصغيرة حوطة سدير التي لا يتعدى سكانها الألف نسمة عام 1382هـ 1962م وكنت وقتها في الصف الخامس الابتدائي وكانت مدرستي تقع في مبنى واحد مع معهد المعلمين، مما أتاح لي مشاهدة القاعة الكبرى بالمدرسة التي كانت ورشة عمل خلال السنة ومعرضاً عاماً في نهايتها، مع ما كنت أشاهده من أساليب الإعلان للمعرض في أزقة المدينة الصغيرة من قبل معلم التربية الفنية بالمعهد (من مصر الشقيقة) وكتابته بخط جميل عبارة (معرض التربية الفنية يرحب بكم) وما يحظى به المعرض من حضور الأهالي والطلبة ومسئولي التربية الفنية بإدارة التعليم والمعلمين. هذه المرحلة أدت دورها الحقيقي في وقته وأشعرت الناس بهذا الإبداع وبقدرات المعلمين وأشعلت التنافس.

معهد التربية الفنية حداثة المفهوم

المرحلة الثانية يمثلها معارض معهد التربية الفنية عام 1390هـ التي برز فيها مستوى مفهوم العمل الفني وأهمية إقامة المعرض العام الذي تعده إدارة المعهد من خلال ما يقدم فيه من مختلف تخصصات الفنون التشكيلية من تصوير زيتي ورسم وخزف وتشكيل خامات (فنون تطبقية) مع بقية التخصصات على أعلى مستوى من التقنيات لا تقل عن أي معرض في كلية من كليات الفنون الجميلة في مختلف الدول الشقيقة في الوطن العربي، هذه المرحلة التي لم تدم وأغلق المعهد فيها بقرار لم يكن صائبا، أثناء ذلك كانت أقسام التربية الفنية (بنين وبنات) في بعض الجامعات قد فتحت مع ما فتح من تخصصات في كليات المعلمين والمعلمات لتستمر مراحل تطور إقامة المعارض الجماعية في حدود إنتاجية الطلبة الدارسين أبرزت الكثير من الفنانين وأكسبت البقية الخبرات وتعرف الجمهور على ما يدور في تلك الأقسام من ممارسة للتجارب الفنية.

المرحلة الأبرز في المعارض الجماعية

تلك المعارض الجماعية كما أشرنا لا تتعدى حدود الجهات المنظمة لها ولا تقبل مشاركة من خارجها ولهذا فالهدف منها واضح، إلى أن أقيم أول معرض تشكيلي يعنى بالساحة بشكل عام وذلك في عام 1396هـ بعد أن استحدثت الرئاسة العامة لرعاية الشباب قسما للفنون التشكيلية أخذ على عاتقه تشجيع ودعم الفنانين على الساحة فكان المعرض الجماعي الأول النافذة أو المجهر الذي كشف مستوى ما تضمه الساحة من مبدعين، حيث جاءت المشاركة بحماس واندفاع منقطع النظير من مختلف مناطق المملكة، هذا المعرض فتح للأعين هذا التوجه في مجال المعارض بعد وجود عدد من المعارض الفردية لمجموعة من الفنانين خريجي معهد التربية الفنية أو ممن عاد من دراسته خارج المملكة لم يكن لها تأثير أو أثر كما كان لهذا المعرض خصوصا بين التشكيليين.

من هنا ومن خلال عدد من الجهات الرسمية والفنانين بدأ تفعيل هذه الآلية وهذا الأسلوب في تنظيم معارض جماعية، منها ما يندرج تحت مسمى مسابقات أو تقام لدعم إنساني أو لتشجيع الساحة وتحريكها أو من خلال مجموعات تتشكل نتيجة وجود قواسم مشتركة بينهم.

السلبيات

حينما نستبعد المعارض الجماعية المتعلقة بمؤسسات أو جهات تعنى بتعليم الفن مثل معارض أقسام التربية الفنية أو إدارات التعليم فسوف نبقى على المعارض التي تقيمها الجهات المعنية بالفنون التشكيلية، وكانت بالفعل ذات جدوى لا يمكن إنكارها، إلا أن في عدم تصنيفها ما أحدث الكثير من السلبيات منها عدم استيعاب كل من تقدم للمعرض عند الإعلان عنه لعدم تحديد المستوى أو حجم الخبرات أو مساحة حضور الفنان في الساحة، إضافة إلى تقييم مستويات الأعمال، ولهذا يتقدم للمعرض العديد من الأسماء ويرفض غالبيتهم فيشعر من رفض بالصدمة نتيجة استبعاد عمله مع وجود أعمال أخرى لا تزيد عنها بشيء إضافة إلى الخلط بين تجارب وأخرى وبين مراحل متقدمة وتجارب بدائية مما يربك ويحدث ردود فعل عند المشاهد لعدم فهمه ماهية المعرض ونوعية الأعمال المعروضة به ومستوى المشاركين، عكس ما يمكن أن يحدث لو تم تصنيف المعارض والأعمال ووضع لكل فئة معرض خاص يتيح الفرصة لأكبر عدد من المشاركين ممن لا تتجاوز أعمالهم بقية الأعمال لفنانين كبار ذات مستوى عال، فيضيع كل منهم في الآخر ويختل توازن المعرض.

أما المعارض الجماعية التي يمكن وصفها بالنشاز فهي التي لا هي مع هؤلاء ولا أولئك، تقام بناء على الطلب ويجمع لها الغث والسمين من قبل من كلف بتنفيذها وتقام في أماكن ومرافق تسيء لها أكثر مما تخدمها وتنتهي كما بدأت لا قيمة لها ولا عائد منها.

الخلاصة

إن ما يمكن ذكره من النتائج التي تمخضت عن هذا التوجه في مجال المعارض الجماعية أنها قد أراحت النشطين عامة وكبار الفنانين بشكل خاص خلال العام بأن يدفعوا بعمل أو عملين في تلك المعارض للحفاظ على وجودهم في الساحة كما أنها أخفت عيوب الكثير ممن لا يستطيعون الاستمرار بتقديم الجيد، ووجدوا في هذه المعارض مساحة لعمل واحد أو عملين هي الأفضل من بين كل أعمالهم، كما أن هذه المعارض منحت الكثير شهرة لا يستحقونها لمجرد ذكر مشاركتهم و نشرها في إصدار المعرض مذيلة بعبارة الفنان فلان، فأصبحنا نجد في المعارض الجماعية المحلية والخارجية أسماء لم يكن لها حضور ولم تكن أعمالها الفنية بمستوى عال يؤهلها للمشاركة في هذه المعارض.

لهذا نعود للقول إننا في مرحلة تحتاج إلى التصنيف وتحديد المستوى وتسميت المعارض بأسماء تشير لمحتواها وحجم تجربة المشاركين فيها ولنا في تجارب دول عربية شقيقة الكثير مما يمكن الاستفادة منه.

monif@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة