Culture Magazine Monday  13/10/2008 G Issue 256
فضاءات
الأثنين 14 ,شوال 1429   العدد  256
 

مداخلات لغوية
تأصيل الرفع
أبو أوس إبراهيم الشمسان

 

 

مسألتان من أغرب مسائل النحو العربي هما تعليل رفع المبتدأ وخبره، ورفع الفعل المضارع. أما في الأمر الأول فقد ذهب النحويون مذاهب مختلفة يلخصها لنا ابن عقيل في قوله (1:200 -201): مذهب سيبويه وجمهور البصريين أن المبتدأ مرفوع بالابتداء، وأن الخبر مرفوع بالمبتدأ. فالعامل في المبتدأ معنوي - وهو كون الاسم مجرداً عن العوامل اللفظية غير الزائدة، وما أشبهها... والعامل في الخبر لفظي، وهو المبتدأ، وهذا هو مذهب سيبويه رحمه الله. وذهب قوم إلى أن العامل في المبتدأ والخبر الابتداء، فالعامل فيهما معنويّ.

وقيل: المبتدأ مرفوع بالابتداء والخبر مرفوع بالابتداء والمبتدأ. وقيل ترافعا، ومعناه أن الخبر رفع المبتدأ، وأن المبتدأ رفع الخبر. وأعدل هذه المذاهب مذهب سيبويه وكل هذه الأقوال تظهر الحيرة في التفسير، وواضح أن ابن عقيل لم يصف مذهباً منها بالصحة أو الخطأ ولكنه اكتفى بوصفها بالاعتدال وأن قول سيبويه أعدلها؛ لأنه قول سيبويه ليس إلا، ولأمر ما عقب بقوله: (وهذا الخلاف مما لا طائل فيه). وأما الاحتجاج لكل مذهب فقد بسطه من قبل أبوالبركات الأنباري في كتابه (الإنصاف في مسائل الخلاف).

وأما رفع الفعل المضارع فقد أشغل المتقدمين والمتأخرين إذ وجدنا غير واحد من اللغويين المحدثين يكتب بحثاً مطولاً يحاول فيه تفسير رفع الفعل المضارع. أما القدماء فلخص لنا مذاهبهم ابن عقيل (4: 3) في قوله: (إذا تجرد (الفعل) المضارع عن عامل النصب وعامل الجزم رفع، واختلف في رافعه؛ فذهب قوم إلى أنه ارتفع لوقوعه موقع الاسم، فـ(يَضربُ) في قولك: (زيد يضرب) واقع موقع (ضارب) فارتفع لذلك، وقيل: ارتفع لتجرُّده من الناصب والجازم).

وكان بالإمكان الخروج من الإشكال كله في المسألتين بتأصيل الرفع والتأصيل من طرائق تقعيدهم، ولست أدري لِمَ فات عليهم أن يقولوا الأصل في المعرب من الأسماء والأفعال الرفع، وأما النصب والجر والجزم ففروع. والقول بأصالة الرفع تغنينا عن تفسير علة رفع المبتدأ والخبر وعلة رفع المضارع؛ لأن من قواعدهم الأصولية (من جاء بالأصل لم يطالب بالدليل). ولذلك لسنا بحاجة إلى تعليل بناء الحرف لأن الأصل فيه البناء.

وبناء على ما اقترح من مسألة تأصيل حالة الرفع نخلص إلى أن المبتدأ والخبر مرفوعان حسب الأصل، والفعل المضارع مرفوع حسب الأصل، ويضم إليهما الفاعل فهو مرفوع أيضاً حسب الأصل، ومثله نائبه حين يبنى الفعل للمجهول.

أما المنصوبات فمنها ما يكون نصبه لفرعيته كالمفعولات، ومنها ما يكون نصبه لفظياً بدخول حرف عليه، وأما المجرورات فلدخول حرف الجر عليها أو ما الحرف مقدر معه وهو المضاف، ومن الحروف ما يكون عمله لفظي وهي الأحرف الزائدة.

* * *

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب«7987» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة