Culture Magazine Monday  14/01/2008 G Issue 229
فضاءات
الأثنين 6 ,محرم 1429   العدد  229
 

أعراف
شفا جُرُفٍ هارٍٍ!!
محمد جبر الحربي

 

 

عندما تُنتهك المثل والأخلاق والقيم وتداس وتبصق..

عندما تكون الثقافة وعاء للشر والسموم، ويكون الفكر مسوّغاً لحروب الإبادة، وقلباً للحقائق، وتزويراً للتاريخ، والأدب والفنون تشويهاً للجمال، وانحداراً للقاع، وتتفيهاً لكل قيمة، والمعرفة سلاحاً للتدمير، والعلم أداة للفناء..

عندما تكون الكلمة بوقاً للكذب، والإعلام غسيلاً للأدمغة، ومخدراً للشعوب..

عندما تكون الحرية هي حرية القتل والاغتصاب وانتهاك حريات الآخرين، وتطوير مفهومها الحديث من سجن الأفراد إلى سجن الأوطان بلا حدود..

عندما يكون الرأي الحر هو أن لا يكون لشعوب بعينها رأي في كيفية تسيير حياتها، فيما تؤمن به، أو حتى فيما تتمناه لأجيالها القادمة..

وتكون حرية الإعلام في أن تقتل، وتدعي بأنك أنت الذي قتلت، ويصدق الأغبياء أنك ميت حتى وأنت تحدثهم.

عندما تكون الديمقراطية هي سيادة مصالح شركات النفط والسلاح والساسة المنحرفين لا الشعب.

والليبرالية هي حرية تشويه وتفكيك كل ما يمثل تماسكاً إيمانياً، ووطنياً، وقيماً أخلاقية وجمالية، وتفرداً وثراءً لشعب آخر.

عندما يكون تحسين الصورة أن يتهم الذئب الغزال ودمه يتقاطر من أنيابه.

عندما يستشري الفساد والرشى والكذب والسرقة والتزوير في حكومة، سنتها الحرب على العالم، من رأسها إلى قدميها، وتظل تتشدق بالديمقراطية والحرية والسلام.

عندما تدعي أنك تمثل دولة القانون لتنتهك كل قوانين العالم.

عندما تكون الأسلحة المحرمة حلالاً، والبشر فئران تجارب..

عندما تكون دولة متحضرة حسب وصفها مصْدراً رئيسياً للأسلحة الفتاكة والمحرمة والدمار الشامل وتخريب الطبيعة والمناخ، وحليفتها سرطاناً استيطانياً شرهاً مدمراً يبيد كل ما حوله، ويكون المعنى الوحيد لمفردة الإبادة هو إبادة اليهود المزعومة، وليس بإبادة اليابانيين بالنووي، ولا الهنود الحمر، ولا الفلسطينيين، ولا العراقيين، ولا غيرهم..

عندما تُحتل أوطان وتدمَّر وتُسوى بالأرض، وتسجن شعوبها، و يُهجر بالملايين مواطنوها، ويصادق على ذلك مجلس الأمن، والأمم المتحدة، ويصفق لذلك اليمين واليسار، والإعلام المشترى، والإعلام المباع، وأدعياء الثقافة والإعلام المارقون بحجة الليبرالية والديمقراطية وما لا يفهمون فيما يتخبطون في عماهم وضلالهم.

عندما تُضرَب التحية العسكرية للقتلة بدم بارد، والمغتصبين ويتم تبرئتهم جراء خدمتهم لوطنهم راعي المثل، ويُعاد خاطفو الأطفال وبائعوهم لوطنهم «المتحضر»، ومركز تسويق بضاعتهم.

عندما يغدو المسلم والعربيّ والفلسطيني والعراقيّ والمدافع عن أرضه وعرضه، في نظر الغرب، وحتى بعض باعة الكلام المتحدثين بلغتنا، إرهابياً، والغربي، والإسرائيليّ المسكين ضحية مسالمة.

عندما لا يصبح للصرخة صدى، ولا للاستغاثة استجابة.

عندما لا يكون للدمعة حرقة في صدور الناس، وتُنكَرُ الشمعةُ ضوءها في عالمٍ أعمى.

عندما يكون كل ذلك مشاعاً متاعاً كما هو حاصل الآن، لا يكون المستضعفون والمستعمَرون هم الفانين فقط، بل تكون البشرية كلها على شفا جرفٍ هارٍ.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«5182» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض mjharbi@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة