Culture Magazine Monday  14/04/2008 G Issue 243
عدد خاص
الأثنين 8 ,ربيع الثاني 1429   العدد  243
 

رائد الشعر اليمني الحديث
عبدالله عبدالرحمن الجفري

 

 

كيف (نُكرّم) هذا الشاعر اليمني المجدد في حياته، وهو: الرائد، الناقد، المثقف، معلم الأجيال.. الصامت اليوم في صومعته متأملا، مترفعا عن كل لغطنا ومجاعاتنا الثقافية، وسغبنا الروحي؟!

كيف نكرم الأديب، والمفكر الذي انتزع من قناعاتنا واحترامنا له ما صرنا ننادي به، وهو نداء: (الأستاذ)... لأنه - بحق وبتاريخه الأدبي الطويل والحافل - قد انتصب في واقعنا الثقافي: استاذاً، نتمنى أن يكون له امتداد في هذا الجيل المزدحم بالأكاديميين، وبمن اعتقدوا أنهم بلغوا أوج ومكانة (المفكرين)!

إنه الأستاذ د. عبدالعزيز المقالح الذي تعلمنا من عبارته أبعاد معنى عبارته هذه:

* (إن الحرية والبراءة هما ورقة الاعتماد التي يتقدم بها المبدع الى مدينة الكتابة للسماح بدخول عالمها المدهش، والعزلة والنقاء هما جواز الإقامة).

* هذه هي (بطولات) هذا العصر، أو هذا الجيل.. وكأننا قد استبدلنا بطولات العقل، وابداع الوجدان.. ببطولات السيقان الطائشة!

فأين يمكن (لبطل) فكر وثقافة ووعي مثل (الأستاذ) د. المقالح ان يجد إنصافاً من الإعلام (المتكأكئ) على تحصيل مثل هذا؟!

أول كلمات هذا الشاعر: ابتسامة، وأول بيت شعر يسكنه ويسكننا معه: حب له ذراعان ممدودتان، وعطر معنى يتجانس مع لغته.. ويمتد مع المدى والرؤى.. ويتصاعد بشعره إلى أبعاد المجرات حيث الامتزاج بين الوهج والانضواء، وتكبر المعرفة حين تستقطب الروح.

***

* عبدالعزيز المقالح: شاعر عصر يفتتح الريح.. فماذا يقول هذا الشاعر في تأمله:

* (هل يستطيع الشاعر ان يغير شيئا من الواقع، واقع غربة الإنسان، حيرته وقلقه؟! أبداً.. الشعر في أحسن حالاته وفي اسوئها مرآة عاكسة أمينة للواقع).

* وفي إضاءات النقاد المعاصرين مبادرات تكريم لتاريخ الشاعر والناثر الكبير د. عبدالعزيز المقالح.

***

* أما (الجهات) الأخرى، المعنية - رسمياً فيما نعرف - برعاية الأنشطة الأدبية والثقافية، وتجميع تراث الرواد مما تناثر في الصحف القديمة.. فيبدو ان هذه الجهات في واد، ورسالتها ودورها في واد آخر، ونقصد المؤسسات الثقافية التي تكرم المبدعين، ووزارات الثقافة والإعلام، وما تسمى المؤسسات الثقافية بشتى فروعها!!

أما (الأستاذ) د. عبدالعزيز المقالح.. فهو هذا العاشق للثقافة، وللكلمة الحرة الصادقة يحتاج منا الى (تعبير) مسجل من عقولنا ووعينا ووجداننا، عرفانا بنوافذ نور المعرفة التي أشرعها في رؤوسنا، وسقى بها صدورنا!!

ويشير النقاد الى ما قدمه (المقالح) لحركة الإصلاح.. وكانت رعايته لطلاب الجامعة كرجل تربية ومدير جامعة أخرج أجيالا خدم بها اليمن.

* وفي حوار بين د. عبدالله مناع، ود. عبدالعزيز الدخيل، وكأنه يعكس بعض أفكار د. المقالح فقال: باعتبار ما انتهى إليه من أن مجتمعنا ليس في حالة فكرية واجتماعية ليبرالية، لكننا في حالة حراك فكري واجتماعي وإصلاحي، ولذلك فهناك برنامج تلفازي اسماهم بالليبراليين سلوكا اجتماعيا يوجد بين شرائح مختلفة، فيهم رجل الشارع ورجل الأعمال، فيهم المثقف والجاهل، فيهم من يدعي انه ليبرالي ومن يدعي أنه محافظ، وفيهم من هم لا إلى هؤلاء ولا الى هؤلاء.. وهو ما أوقعهم في (سقطة) ظلموا بها أنفسهم وظلموا معهم الليبرالية... ذلك الفكر الإنساني المتقدم القائم على احترام حرية الفرد وكرامته، فكر لا يتعارض مع معتقد الإنسان الديني والاجتماعي، بل انه يكرس ويقدس حق الانسان في اختيار ما يراه صالحا لدينه ودنياه.

***

المقالح: صديق صدوقك

* صحيح هو الذي ابتعد عن دائرة الضوء، فصار العزوف عن ضجيجنا وكرنفالاتنا وبالوناتنا الملونة.

لكن واجبه علينا: السعي إليه، وملاحقته، او حتى: الحوار عنه من خلال ندوات وأمسيات. ويبدو أننا (نخضع) لطبيعة وسلوكيات عصر انشغل بالفلاشات، وبالترفيه الذي لا يملأ العقل والوجدان، بل يساعد هذا الجيل على إهدار الوقت والانشغال بالرغبات والمتع المؤقتة!

وفي كتبه ودواوينه: أشار الناقد المصري/ رجاء النقاش - رحمه الله - الى سمات هذا الجيل الذي وصفه بأنه: يتصور الثقافة شيء ثقيل الظل، مرهق للعقل والنفس، وان الثقافة الخفيفة - إن استحقت صفة الثقافة! - هي في الأفلام الترفيهية والغناء والرقص، والمسرح الضاحك.

ونسي (رجاء) أن يذكر: كرة القدم، وما يسمى ب(الأدب) الشعبي، والفيديو كليب!! وفي كل مناسبة، ومع أية إصدارات مطبوعة.. يهرع تجارها / ناشروها أو القائمون على إصدارها (بتدبيج) صفحات ملونة عن الحنش، والكبش، وخيشه.. إلى آخر هذه الأسماء (الساطعة) في ملاعب كرة القدم، لتسود عنهم صفحات بالصور الملونة، وكتابة تاريخ حياتهم منذ صرخة الولادة الأولى وحتى آخر ركلة قدم لكرة (طائشة) لم تسكن الشباك غالباً!!

***

انطلاق إلى حرية التعبير

* (المؤلف ليس وحده الإملاء الذي يؤثر على الشاعر والمبدع، كما كان يسخر فاليري).

الكلمة في وجدان المبدع: قدر ينطلق به إلى حرية التعبير.

ويكتب الأديب اللبناني/ أنسي الحاج:

* حين أقرأ بودلير، رمبو، لوتريامون، حين اقرأ دو ساد، بلزاك، دوستوفيسكي، حين اسمع صوت فيروز حسناء نائمة في الغابة، حين اسمع موزار، بيتهوفن، حين اتغلغل في الجو الدادائي السوريالي واستحم في سديم انبلاجاته وطهارة ظلماته الشفافة، ما الذي احتاج الى قوله وكتابته بعد ذلك؟!

* وعن شعره كتب النقاد:

اضاءات نقدية د. عز الدين اسماعيل ود. أحمد عبدالمعطي حجازي وآخرون.

النص المفتوح دراسات في شعر د. عبدالعزيز المقالح: مجموعة من النقاد.

بنية الخطاب الشعري: د. عبدالملك مرتاض.

شعرية القصيدة: د. عبدالملك مرتاض.

الحداثة المتوازنة (عبدالعزيز المقالح: الحرف، الذات، والحياة) د. إبراهيم الجرادي.

المضامين السيكولوجية في شعر د. عبدالعزيز المقالح: جاسم كريم حبيب.

ثلاثة شعراء معاصرين من اليمن (باللغة الانجليزية): بهجت رياض صليب.

عبدالعزيز المقالح، الشاعر المعاصر: د. محمد النهاري، الهيئة العامة للكتاب.

الدكتور عبدالعزيز المقالح ناقداً: د. ثابت بداري.

* أما إصداراته فقد طبع العديد من الدواوين والمؤلفات الأدبية والشعرية التي من بينها:

- (لابد من صنعاء 1971م) (عودة وضاح اليمن 1976)، الكتابة بسيف الثائر علي بن الفضل 1978، أوراق الجسد العائد من الموت 1986م، الأبعاد الموضوعية والفنية لحركة الشعر المعاصر في اليمن، شعر العامية في اليمن، قراءة في أدب اليمن المعاصر، أصوات من الزمن الجديد، الزبيري ضمير اليمن الوطني والثقافي، يوميات يمانية في الأدب، الفن قراءات في الأدب، الفن أزمة القصيدة الجديدة، قراءة في كتب الزيدية والمعتزلة، عبدالناصر واليمن، تلاقي الأطراف، عمالقة عند مطلع القرن، الوجه الضائع، دراسات عن الأدب والطفل العربي، شعراء من اليمن، مأرب يتكلم، رسالة الى سيف بن ذي يزن، هوامش يمانية، على تغريبة ابن زريق البغدادي، الخروج من دوائر الساعة السليمانية.

ومنذ اختفت الظاهرتان الأهم، ازداد وهج الشعراء المعاصرين في تصوير أحاسيسهم النفسية والعاطفية، مضيفيها الى التجربة بعمقها وتأثيرها في النفس.

ولم يكن شاعرنا الكبير المقالح يعاني من الذاتية أو الأنانية، بل كانت قضايا وطنه العربي تشغله وجهاده بالشعر، فلا مجال له لعشق ذات الشاعر، بل عشق هموم الأمة والانشغال بالشعر الذي جسدّه حربا ضد التلوث الفكري الذي أخذ يستشري في واقع المثقف العربي وقدرته على التعبير!!

- جدة a_aljifri@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة