Culture Magazine Monday  17/03/2008 G Issue 239
فضاءات
الأثنين 9 ,ربيع الاول 1429   العدد  239
 
فَرَوحٌ وَرَيحَانٌ
الغربة: مسافة زمنية بينك وبين داخلك..
غادة عبدالله الخضير

 

 

صارت الكلمة حملاً ثقيلاً خاصةً إذا ُقدر لها أن تكون بين دفتي كتاب ليس له مستقر ومستودع.. ينتقل من مكان لآخر كما ينتقل المنفي من وطن إلى موطن.. لكن هذا يُحمل على تساؤل له وجه حق:

تُرى: ما فائدة أن نقرأ كتاباً مرتين..!!!؟

ما أعرفه عن الكتاب إنه (مادة الزمن الحسية) التي تخدمنا للذكرى، للتشكيل، للغوص في آخر ليس نحن, أو الغوص في (نحن) لنرزق مزيداً من الاكتشاف أو مزيداً من الجهل المقنن!!!

ما فائدة أن نقرأ كتاباً مرتين؟ ونحتفظ به العمر؟ وقد خرج من وجداننا ومرحلتنا وذاكرتنا وأدى مشكوراً مهمته؟

نحن الذين نصنع المفاهيم وليست هي التي تشكل عقولنا؛ وإن فعلت فلأننا سمحنا لها أن تتكئ على مقاعدنا وتحتسي من ماء صافٍ نقي... وتضع رحالها.. وتتأسرل كما ينبغي لها, بمراقبة ذاتية عن بعد تحت مسمى: المباح والممكن..!!!!

لن أسمي هذا زهداً.. أو خلاصاً، إذ يحدث للمعنى الثاني الذي يصف المرحلة الآنية أن يرتدي صورة المعنى الأول المكرور والقديم والمستهلك والذي غُيبنا فيه لزمن؛ كي يكون أكثر قبولاً وإيثارية.. وأقل كلفة في الخسائر، لكنه لا يعبر عنه مطلقاً، بل على العكس قد يسيء إليه..!!!

ليس زهداً.. إنه الصعود... يحتاج أن نكون أكثر خفة وأقل حملاً.. وفي الصعود يتساقط المتشابه، والذي لا معنى له، والذي انتهت صلاحيته.. نفكر في المناسب وغير المناسب ونأخذ قرارات حقيقية في حياتنا.. تصعد بنا أكثر بعيداً عن المتحرك والمتحول والمتحلل.

هذا كله لا يتم تلقائياً فالوعي واللاوعي يشرفانِ بنفسيهما على حملة التطهير هذه بعدما اتفقا على المكاشفة والتوقف عن لعبة: أنا أعرف وأفهم أكثر منك...!!!!

بعدما توقف الوعي عن الغرور.. واللاوعي عن التهديد الغير مباشر..!!!!

من يبقى ومن يتساقط بمفرده كثمر المواسم.. الذي يؤدي دوره في الزمن ومن ثم يصبح (مجمداً) أو محفوظاً بشكل أو بآخر؛ لكنه ليس (هو).. وهذا ليس زهداً في الثمرة ولكن لكل شئ أوان قطاف.. لكل شيء مرحلته الخاصة والمميزة.

المعنى الذي قد أسميه تشكيلاً وبلورةً؛ قد لا نصل إليه بمفردنا، فالوصول للمعاني ليس صعباً بقدر ماهو (تجاذبي) و(حواري) وهذه الثنائية أو أكثر لا تضر في أن (الأحادي) قد يصل إلى المعنى من تجليه الخاص.. لأنه ينسج روح المعنى من تجليات حياته الخاصة.. فيهبها بعداً يضيف على حياته ميزة منفردة.

نختزل ما نعرف إلى فلسفة حياة نمارسها كما الأكل والشرب.. لكنها تمنحنا عظمة الاختلاف، واختلاف العظمة معاً في آن واحد، ولا يفسد تواضع المعنى الأول ؛ غرور المعنى الثاني...!!!!!

للمفردة ليلة قدر.. يستجاب فيها المعنى ويتحقق.. فتخرج أكثر تعبيراً عن مقتضى الحال (سحر) (توقيت) (حظ) أو هذا كله في آنه و أوانه..!!!

إعادة القراءة إن لم تكن اكتشافاً فهي مزيد من الجهل المعرفي المقنن.. وأحياناً تكون بحد ذاتها اكتشافاً حقيقياً وواعياً للجهل، والذي قد يأتي في صورة ملل، أو تعود على المكرور والمتاح وهو غير مباح..!!!

كيف يكون هذا جهلاً؟

أحدنا لم يعد يقرأ الآخر جيداً.. ويضبط توقيته على توقيتنا أو العكس...!!!

كيف يكون هذا اكتشافاً..؟

عندما يفتح لنا المعنى الواحد (بوابة علي بابا) من المعاني المشاكسة.. نسرق كما نشاء من الفهم والتناغم دون أن نتماهى أو نفقد ذواتنا.. أو نُسرق بخفة محترفة من جذور أفكارنا...!!!

ترويج الجهل: صار بضاعة المعرفة الحديثة.. بجميع أقنيتها المعروضة.. جهل ملون ومزركش, جهل معبأ في (أكثر الكتب مبيعاً في العالم) نوع مبتكر من برمجة العقل على جهل الاكتشاف..!

القراءة وعي..

القراءة حرية عقل..

القراءة عقل حر... يخرج من دفتي الكتاب إلى................................ سعة الحياة.

ملاحظة: حقوق هذا النص ليست محفوظة.. هو شائع لمن أراد مزيداً من الاكتشاف أو مزيداً من الجهل.

ghadakhodair@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة