لعله أول رئيس للقسم الثقافي في هذه الصحيفة، وإن شئتم الدقة فهو أول محرر للصفحة الأدبية في (الجزيرة) خلال عامي 89-1390هـ في عهد أستاذنا القدير عبدالرحمن المعمر، وهو -بالتأكيد- أول سعودي متخصص يحمل درجة جامعية عليا من إيران في الأدب الفارسي عن رسالته: (دور الشعر الفارسي في الدعاية المذهبية في إيران من القرن الخامس إلى القرن السابع الهجري).

ترجم - قبل أربعين عاماً- كتاباً لعلي أصغر شميم عن (إيران في العهد القاجاري) ونشره في مجلة المنهل 88-1389هـ، مثلما ترجم (البومة العمياء) لصادق هدايت، ورحلة ناصر خسرو القادياني، ودرس ترجمات الخيام إلى العربية، ورأس قسمي الإعلام واللغة العربية بكلية الآداب، وتولى وكالتها، وأدار معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها وأشرف على النشاط الرياضي بالجامعة. ولو رصد القريبون منه طرفه لخرجنا منها بشخصيّة نادرة قد تفتح صفحة جديدة تضاف لكتاب الثعالبي (350 -429هـ لطائف الظرفاء من طبقات الفضلاء).

أصدرت الثقافية ملفاً عنه حين تقاعده من الجامعة (3-5-2004م)، وحاز وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى، وكُرِّم في اثنينية خوجة.

كتبت الثقافية في افتتاحية الملف ما نجتزئ منه:

(للدكتور أحمد البدلي حقٌّ على الوسط الثقافي كبير، فقد عمل في التحرير والإشراف الثقافي، وكتب في الصحف والمجلات الثقافية، وأسهم في الفعل الثقافي، وأخلص لمحاضراته وبحوثه الأكاديمية الثقافية، وبقي لنا أن نتذكره في يوم ترجله من التدريس الجامعي، رمزاً تقدم في تخصصه، وعاملاً امتاز بصمته، وأستاذاً بقي في أدواره -بعد التفرغ- أن ينشر كُتبه وأبحاثه)

وها نحن -بعد أكثر من أربع سنوات- نذكِّر (أبا مالك) بحقنا عليه، ونذكر أن له حقوقاً علينا؛ فلا يجوز أن ينتهي مشوار هذا الكبير بالصمت، وإن كنا نعرف أنه يعاني المرض لكن غيره من الباحثين يعانون، ويعيش الشيخوخة وفي الوسط مجايلون وشيوخ ما يزالون يُعطون، ونتذكر أوراقه الفارسية التي كان ينشرها في (الجزيرة) (2000م)، ونتمنى أن يساعده تلاميذه الأوفياء في إخراج بقية مخطوطاته وأوراقه؛ فركام النسيان لا يجوز أن يخلِّف وراءه رجلاً يُجمع على تقديره من عرفه أو تتلمذ عليه

النسيان جحود.