Culture Magazine Monday  26/05/2008 G Issue 249
الملف
الأثنين 21 ,جمادى الاولى 1429   العدد  249
 

يماني.. كما عرفته
عبدالمؤمن القين

 

 

كان الطموح يحيط بي وينقلني إلى أجواء الأمل في العمل بوزارة الثقافة والإعلام (الإعلام سابقا) وبالتحديد في أخبار التلفزيون التي تعتمد على النص والفيلم والصور (الشرائح) والخرائط والبيانات الإحصائية في المناسبات مثل صدور الميزانية، والنسب المئوية للموارد الطبيعية.. إلخ، هذا بالنسبة للنشرة الرئيسة، أما النشرة المحلية فقد تم وضع صور الإيضاح والتخصيص للخبر نفسه كالزراعة والصناعة والبترول والتعليم.. إلخ، فمما لا شك فيه أن الأخبار المحلية هي عبارة عن مواكبة للتنمية في المدن والقرى.

ولما لم يكن هناك بد من مواكبة أحدث نظريات الإعداد والإخراج في نشرات الأخبار وبرنامج الأحداث في أسبوع، فقد كانت هناك محاولات - رغم نشرها - لتطبيق هذه النظريات أو بعضها، وأهم استخدام لهذه النظريات جهاز الأوتوكيو Auto - Que الذي يقرأ المذيع من شاشته الأخبار ولا ينظر إلى النص المكتوب أمامه إلا عند الضرورة. وماذا وجدت إدارة الأخبار من معالي الدكتور محمد عبده يماني؟ وجدت التشجيع والتأييد لكل ما هو مبنى على العلم والتدريب، فقد كنت وعدد من زملائي عائدين لتونا من المملكة المتحدة بعد فترة تدريب على الإخراج والإعداد والإنتاج التلفزيوني لمدة عام في كلية تليفزيون طومسون باسكتلندا، وكان الحماس يدفعني إلى عمل المزيد من التطوير والتجديد، مع المحافظة على (لغة الخبر) حيث إن مجرد تغيير حرف وكتابة حرف آخر بدلا منه أو حتى النقطة حينما تهمل أو توضع في غير مكانها، فإن ذلك يغير المعنى إلى معنى آخر كليا. مثال ذلك كلمة: حرص حينما تكتب فيها الصاد ميما فتصبح: حرم، وتكون الجملة حرص فلان، فتصبح: حرم فلان، وكلمة: قباء وهي منطقة في المدينة المنورة بنى فيها النبي صلى الله عليه وسلم أول مسجد أسس على التقوى، تكتب وتذاع بدلا من كلمة (قوباء) وهي أحد أحياء أو مدن عسير، وقد اندلع فيها حريق فأذاعها مذياع البي.بي.سي بأنها (قباء) مما أحدث بلبلة بين سكان المدينة المنورة وأجهزة الدفاع المدني التي لم يصلها من جهة الاختصاص بلاغ ولكنها تأهبت للأمر بدون شك. أما النقطة فمثالها: جبل، فلو كتبت: حبل أو خبل لتغير المعنى كليا، ولو وقف الأمر عند هذا الحد لها، إذ يروي أحد الخلفاء أراد أن يكرم اثني عشر رجلا في المدينة فأرسل إلى واليه كتابا بذلك قائلا له: أحصيهم، وحدث أن ذبابة لوثت الكتاب بنقطة فوق الحاء، فكانت الكارثة. ولابد من الإشارة هنا إلى أجهزة التليبرنتر التي كانت مستخدمة بين وكالة الأنباء السعودية والتلفاز والإذاعة والصحف ساهمت في وقوع أخطاء لغوية جسيمة إلى جانب الأخطاء الطفيفة، ولعل الأمر انتهى الآن!!

إن أبرز ما يميز العمل تحت إدارة الدكتور محمد عبده يماني هو الاستفادة من تشجيعه وتوجيهاته التي لم تكن تخلو من عمق تربوي على اعتبار أنه كان مديرا لجامعة الملك عبدالعزيز قبل أن يصبح وزيرا للإعلام.. كما أن تخصصه في الجيولوجيا لم يقف حائلا دون وضع لمسات إعلامية مهمة كإنشاء الإعلام الداخلي، وإعلام الخارجي وإذاعة القرآن الكريم، وكتاباته الصحفية منذ أن كان أستاذا للجيولوجيا بكلية العلوم بجامعة الملك سعود بالرياض، وتلك المقالات وغيرها يحتاج إلى وقفة لدراستها منهجيا وصحفيا، فهل كان معاليه من كتاب اليوميات بجريدة الرياض؟ لا شك أن كتابة اليوميات والأعمدة الصحفية قد تفسرها نظريات الصحافة والإعلام وتضع الكاتب في مكانة مرموقة، وتعتمد أي صحيفة على كتاب بعينهم لتحقق بذلك انتشارا أوسع. وما يميز شخصية معاليه تواضعه وإجابته على الخطابات والمكالمات الهاتفية وقبوله لدعوة غداء أو عشاء من موظفيه؛ سواء حينما كان على رأس الوزارة أو بعد ذلك، وهذه سجايا إسلامية تتفق مع كونه داعيا إسلاميا.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة