Culture Magazine Monday  27/10/2008 G Issue 258
فضاءات
الأثنين 28 ,شوال 1429   العدد  258
 

جمل اعتراضية .. زائدة
لميعة عباس عمارة

 

 

وإعرابها: أن لا محل لها من الإعراب.

وتشمل جمل القسم والدعاء والتبجيل والاختصاص والاستثناء وغيرها, وتكتب بين خطين أحياناً.

والمفروض أنها لو حذفت لما أخلت بالمعنى.. لأنها أصلاً زائدة.

والعرب لا تستعمل هذه الجمل في كلامها إلا بقصد , مثل:- حاشاك – و- أطال الله عمرك – ويرحمه الله – و..

بعض الكتب القديمة ملأى بهذه الجمل الزائدة حقاً, ولو حذفناها لما أخلت بالمعنى ولما بقي من الكتاب إلا صفحات أو أسطر لانها تمثل حشواً مكرراً زائداً.

وبعضها لو حذفناها لفقد الكلام روعته كما تجرد الحسناء من حليها أو الدار من تحفها الثمينة.

هذه جملة اعتراضية لايمكن حذفها لأنها من متممات البلاغة ولولاها لفقد البيت روعته؛ يقول الشريف الرضي:

وإني - على شغفي بالوقار-

أحنُّ إلى خطرات الصبا

واضح ما تضيفه جملة (على شغفي بالوقار) من جمال إلى المعنى ولو قال (وإني أحن إلى خطرات الصبا) وهي الجملة الأصلية, لما أعطى الصورة الكاملة لشخصية القائل.

والجملة الاعتراضية في قول المتنبي (وما تدري):

لمن تشخص الأبصار عند ركوبه

ويخرق من زحم على الرجل البرد

وتلقي - وما تدري - البنان سلاحها

لكثرة إيماءٍ إليه إذا يبدو

نحن نعلم أهمية السلاح للفارس، فهو لا يذهل عنه لأنه بمثابة شرفه ورجولته, ولكن عظمة موكب الممدوح أذهلت الفارس فسقط سلاحه من يده دون أن يدري.

ولعل قسم ديك الجن الحمصي الغريب الذي هو جملة اعتراضية مثال على بلاغة هذا النموذج:

- فوحق نعليها - وما وطئ الثرى

شيء أعز علي من نعليها -

ما كان قتليها لأني لم أكن

أبكي إذا سقط الغبار عليها

وفي الشعر العربي أمثلة كثيرة في هذا المجال لمن يريد, وأعني بها الجمل الاعتراضية التي تزيد الكلام جمالاً مثل بيت أبي فراس الحمداني:

تسائلني: من أنت؟ – وهي عليمة -

وهل لفتىً مثلي على حاله نكر

فقلت- كما شاءت وشاء لها الهوى:

قتيلك. قالت: أيهم فهمو كثر

في البيت الأول الجملة الاعتراضية (وهي عليمة) تلميح واضح لعلاقة كانت بينه وبينها وأنها تتغابى دلالاً, وفي البيت الثاني (كما شاءت وشاء لها الهوى) مجاراة لها على قدر عقلها ودلالها.

وقول ابن المعتز وقد لامه بعضهم على ميله لجارية سوداء:

قلبي ميال لهذا وذا

ليس يرى شيئاً فيأباه

يهيم بالحسن - كما ينبغي -

ويرحم القبح فيهواه

وبالمناسبة قال شاعر من الحلة اسمه جمال الدولة العبسي الحلي الملقب بـ(ابن أفلح) وكأنه يفسر جملة - كما ينبغي- السابقة:

وما عشقي له وحشاً لأني

كرهت الحسن واخترت القبيحا

ولكن غرت أن أهوى مليحا

وكل الناس يهوون المليحا

ولعل أظرف جملة اعتراضية جاءت في قول أبي نواس:

يقولون في الشيب الوقار لأهله

وشيبي - بحمد الله - غير وقور

أما أقسى جملة اعتراضية سمعتها فهي ما جاء في وصية رجل له ابنة واحدة، كتبها لينحصر الإرث فيها:

إني أنا م.ع. إذا مت - لا سمح الله - فكل ما أملك لابنتي.

الولايات المتحدة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة