Culture Magazine Monday  28/01/2008 G Issue 231
فضاءات
الأثنين 20 ,محرم 1429   العدد  231
 
ليلة الشعر العراقي واليمني في الجزائر
شعراء العراق بكوا وأبكوا 2- 2
عبدالرحمن مجيد الربيعي

 

 

كان العراق واليمن ضيفي الشرف شعرياً لشهر نوفمبر الماضي ضمن برنامج المكتبة الوطنية الجزائرية، نشير إلى أن ضيفي الشرف لشهر أكتوبر كانا الأردن ومصر.

حضر من العراق ثلاثة شعراء أولهم الشاعر الرائد عبدالرزاق عبدالواحد والآخران عبدالرزاق الربيعي المقيم منذ سنوات في سلطنة عمان ومنذر عبدالحر المقيم في دمشق وكلاهما من شعراء سنوات الثمانينيات الذين عايشوا الحرب العراقية الايرانية وما رافقها من اختلاطات ومآس، فوجدت طريقها إلى قصائدهما.

كان التقديم الذي خصّ به الروائي د. أمين الزاوي مدير عام المكتبة الوطنية الشاعر عبدالرزاق عبدالواحد تقديماً مؤثراً يليق بموقعه ومقامه - إذ إن تجربة الشاعر وصيته قد وصلا إلى الجزائر، وقد كانت البداية به حيث قرأ بعض قصائده القصار ليفسح المجال أمام الشعراء الآخرين ليكون الختام به.

قرأ عبدالرزاق عبدالواحد أو أبو خالد كما يناديه محبوه من جديده وقديمه.

قرأ.. (أيها الوطن المتكبر) ومنها:

(بين دفء التوحد بالموت

والأنمل الراجفة

بين صوتك والعاصفة

طلقة خاطفة

ان تجاوزتها

إن فتحتُ لها معبراً في دمي

زمني كله ينتمي

وأنا واقف

كل أزمنتي واقفة!

أيها الوطن المستبدّ بما يهب الحب حتى الشهادة

أألى الموت أم للولادة

هذه اللحظة النازفة؟)

وهي قصيدة طويلة فيها رجوع للذات وأسئلة الشاعر مع نفسه ومع وطنه.

وقرأ من (وحدك الصوت):

(كل قول بلا رضاك نفاقُ

ليس قولاً ما لم تقل يا عراقُ

ليس قولاً ما لم تقف سعفات ال

نخل صفاً وتنهض الأعناق)

كما قرأ من (ثلاث شهقات على العراق):

(متى من طول نزفك تستريح

سلاماً أيها الوطن الجريحُ

تشابكت النصال عليك تهوي

وأنت بكل منعطف تصيحُ

وضجّ الموت في أهليك حتى

كأنْ أشاءهم ورق وريحُ)

كما قرأ قصيدته الفاجعة المليئة بحنينه المدمر الى بغداد حبيبته التي لم يعد قادراً على العيش فيها، القصيدة التي عنونها بصيغة سؤال (من لي ببغداد؟) قرأها وبكى ثم أبكى وإلى عالمه قاد الشاعرين العراقيين الآخرين الربيعي وعبد الحر.

يقول مطلع قصيدته:

(جمع لبغداد، جمع بالملايين

من لي ببغداد أبكيها وتبكيني؟

من لي ببغداد؟ روحي بعدها يبستْ

وصوّحت بعدها أبها بساتيني)

ويقول أيضاً:

(عد بي إلى الكوخ.. أهلي كلهم ذبحوا

فيها، سأزحف مقطوع الشرايين

أصيح: أهلي وأهلي كلهم جثث

مبعثر لحمها بين السكاكين)

لكن الحاضرين لم ينسوا قصيدته (يا صبر أيوب) التي ألقاها في مربد 1992 يوم كان العراق محاصراً لذا طلبوها منه واستجاب فقرأها، هذه القصيدة التي كانت صوت العراق المحاصر التي تداولها محبو العراق من أقصى المغرب إلى أقصى المشرق.

ومنها قوله:

(يا صبر أيوب، لا ثوب فنخعله

إن ضاق عنا، ولا دار فنتقل

لكنه وطن، أدنى مكارمه

يا صبر أيوب، أنا فيه نكتمل

وأنه غرة الأوطان أجمعها

فأين عن غرة الأوطان نرتحلُ؟)

وقرأ الشاعر منذر عبدالحر بعض قصائده عن الوطن وبينها قصيدة يحاور فيها ولده الطفل، ومن المؤسف أنني لم أحمل معي نماذج من قصائد الشاعر لأثبتها هنا رغم أهمية تجربته بين أبناء جيله.

ومن اليمن قرأت الشاعرة الشابة سوسن العريقي نماذج من قصائدها النثرية والشاعرة لها ديوانان مطبوعان هما: مربع الألم (2004) وأكثر من اللازم (2007).

وتتميز قصائد هذه الشاعرة بالقصر وهي أقرب إلى الضربات الخاطفة المركزة، مثل قصيدتها (تبلّد):

(أحببتك كثيراً

أكثر من طاقتك على التصديق

أكثر من قدرتك

على استيعاب هذا الكوكب

النابض بالحب

فاتهمتني بالتمثيل

وارتضيت العيش

على اليابسة!)

أو قصيدتها (تهذيب) وهذا نصها الكامل:

(سأعيد ترتيب الصور

كي أهذب شوقاً

خفياً

حتى لا يصبح فضفاضاً

فتسكنه الريح

وتسلبني القيادة)

كما قرأ من اليمن الشاعر محيي الدين جرمة وهو أحد الشعراء الشباب المعروفين بعض قصائده، واعتذر عن تثبيت نص شعري له في هذا التقديم لأنني لم أحمل معي أياً من أعماله الشعرية شأنه شأن زميله منذر عبدالحر.

وقد كان الشاعر عبدالرزاق الربيعي مميزاً هو الآخر بقصائده عن الوطن، وقرأ بين ما قرأ بتأثر واضح قصيدته (يا عراق) التي يقول فيها:

(ما الذي يبكيك يا شمس العراق؟

مسحت دمعتها الحرى

وقالت لي: العراق

***

ما الذي سهدك الليلة

أضناك؟

ما ألقاك في الجب

وأدهى نورك الطلق؟

أجابتني: العراق

***

يا عراق

يا عراق

يا عراق

أيها الجرح السماوي المراق

أيها المزروع في خاصرة الريح

على ظهر البراق

***

يا عراق

كلما نهرب من أوجاعك الخضر

نرى ريح المنى

تجري بنا

صوب العراق

***

يا نهاراً أخضر الوجه

لماذا حينما شبّ المدى

هم غرسوا الخنجر في قلب العراق

***

يا عراق

من لنا

لو زحف الموت

على أقمارنا

غير العراق؟)

الشعر العراقي الأصيل اليوم شعر محنة وشعر قضية، شعر وطن مذبوح، ولذا ينفذ إلى الضمائر قبل الآذان مادام يسمو إلى مرتبة الوثيقة الوجدانية والشهادة الراسخة عن دمار بلد عربي كريم.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7902»ثم أرسلها إلى الكود 82244

- تونس


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة