Culture Magazine Monday  28/04/2008 G Issue 245
فضاءات
الأثنين 22 ,ربيع الثاني 1429   العدد  245
 
مواجهة شرسة مع الواقع...!
زينب الخضيري

 

 

يقول الروائي البريطانيJohn Gals Worthy : (إنك إذا لم تفكر في المستقبل فلن يكون لك) من هذا المنطلق إن الحاضر والمستقبل والماضي لا يختلفون في مستوى الأهمية، فالتعمق في الماضي للبحث فيه ومعرفة طرق النجاح التي سلكناها وتحليل الفشل الذي مر بنا يجب أن يكون تغذية عكسية راجعة لتعديل مسارنا وهو مطلب من أجل التعامل مع الحاضر ليتّحد الماضي والحاضر لاستشراف المستقبل، والبحث عن النجاح هو شيء مستقبلي يجب الاستعداد له.

وكما يقول (وارين واغر): (إذا وقف الفرد في منتصف النهر ونظر إلى الخلف فإنه يرى الماضي، وفي تطلعه للأمام فإنه يرى المستقبل رغم أنه يقف في نفس النهر). إننا لا نملك أدوات وعصا سحرية لتغيير الماضي ومن المحال تغييره، ولكننا نستطيع إحداث التغيير في المستقبل الذي لم يحدث بعد، في محاولة منا للإمساك بالزمن القادم، والتغيير قد يكون جزئيا أو قد يكون شاملا فهو يعتمد على حسب ما خططنا له وحسب رؤيتنا له، فمن السهولة بمكان التعامل مع المستقبل وتغييره بشرط أن نخرج من صندوق واقع أفكارنا المطوقة بأعاصير الأحكام الجاهزة والأفكار المكررة، وفي مجتمعنا المعاصر نجابه العديد من التحديات التي قد تعوق مسيرتنا نحو رحلة المستقبل عبر قاطرات الزمن، حيث تواجه الجامعات اليوم تحديات كثيرة، تجعل عمل الجامعات يتسم بالصعوبة، تتمثل هذه التحديات في التغيرات في المجتمعات، والتكنولوجيا، والانفجار المعلوماتي والتكتلات الاقتصادية، والكثير من التغيرات التي تحدث في العالم كله وتجبر الجامعات على إيضاح قيمها وتنمية استراتيجيات جديدة، وتعلم طرق أداء جديد، وغالبا ما يكون أصعب جهد يواجه مديري الجامعات هو كيفية تحريك جميع العاملين في الجامعة لإحداث التغيير، وتصبح عملية التغيير مطلوبة عندما تواجه قيمنا الدفينة تحديات لا قبل لنا بها، وعندما تصبح القيم التي ساعدتنا على النجاح غير ذات معنى، وعندما تبزغ رؤى منافسة لنا، والحاجة إلى التغيير واضحة كل يوم في جميع مستويات العمل بالجامعات، عندما تعيد الجامعات تنظيم هياكلها أو إجراءات العمل بها، عند تنمية أو استخدام استراتيجية جديدة، وتحريك الجامعة لتعديل أنواع السلوك السائدة فيها لتستطيع الحياة في البيئة الجديدة، وإقناع الجامعات بالتغيير وتصييرها إليه يعتبر علامة القيادة الناجحة في عالم اليوم المليء بالمنافسة. ولقد ساد اعتقاد قديم أن السبب في عدم تقدم جامعاتنا في الوطن العربي هو النقص في الموارد البشرية والمادية والتكنولوجيا الحديثة، ولكن الواقع يلقي بظلاله على حقائق تجبرنا على التفكير بجدية وحيادية، حيث إن هناك دولاً عربية لديها بُنى تحتية وتُرصد لها ميزانيات ضخمة، ولكنها لم تُقابِل هذا الاستثمار المادي والبشري والتقني بإنتاجية تُذكر، حيث يُحيطها تدن في الإنتاجية واضحَ المعالم، ونقلا عن الخطيب في كتابة (الإدارة الإبداعية للجامعات نماذج حديثة) لم تكتشف الدول النامية وعلى وجه الخصوص الدول العربية أن التخلف والتراجع في مسيرة التعليم الجامعي إنما يعزى إلى تخلف النظم الإدارية القائمة عليها هذه الجامعات حيث إن هذه المؤسسات الجامعية أخذت تبحث عن السبب الذي حال دون تحقيق الأهداف الموكولة لها، فاتضح أن السبب يكمن في الإدارة الجامعية وما تحويه وتتضمنه من عمليات التخطيط والتنظيم والتوجيه والتنسيق والتوظيف والرقابة والمتابعة والتقويم والمسائلة الاجتماعية، فضلا عن ضرورة توافر المهارات القيادية وما يرتبط فيها من عمليات الإبداع والتجديد والابتكار والقدرة على حل المشكلات ومواجهتها، فالعمليات الإدارية والقيادية بما تتضمنه من قدرات وكفايات في صناعة القرارات هي التي تشكل العامل الحاسم في زيادة الكفاءة والفاعلية لمؤسسات التعليم الجامعي وتطويرها وتحديثها. في هذه الحالة نحن كمن يمسك بهودج الحقيقة فمن الواجب علينا أن نلهث بذكاء خلف تطوير وتحديث العمليات الإدارية داخل جامعاتنا، أيضا إن توفير السلوك القيادي وليس الخبرة الإدارية المتسلطة للجامعة يعتبر أمرا صعبا جدا بالنسبة لمعظم المديرين، بسبب إن إحداث التغيير يتطلب كسر وتحطيم نماذج السلوك التي استقرت لدى العاملين في الجامعة حيث إن تبني سياسة التغيير مؤلم لدى العاملين في الجامعة من عمداء ورؤساء أقسام وأعضاء هيئة تدريس وإداريين وحتى طلاب فهم من سينفذ هذا التغيير فعليهم اتباع طرق أداء جديدة، ومداخل جديدة للعمل، وبناء علاقات جديدة، واعتناق قيم جديدة ومن الطبيعي أن يواجه مدير الجامعة حالة من رفض التغيير تسود بيئة الجامعة من مختلف شرائح العاملين في الجامعة، وفي هذه الحالة على مدير الجامعة تقديم وتبني الحلول لعلاج هذا الموقف. وفي عصر تغير القوى، وفي عصر تتحول فيه المعرفة إلى قوة، وفي عصر الثورة الديمقراطية ثورة البحث والمطالبة بالحريات والكرامة الإنسانية والمطالبة بالمشاركة في صنع القرار، تعيش جامعاتنا العربية مرحلة من التشتت والصراع لتأكيد استقلاليتها ووضع الحروف على نقاط الحرية الأكاديمية في الجامعة، فاستقلالية الجامعة هو مطلب يفرضه التغير والحراك الاجتماعي والتغير التقني السريع، وجامعتنا العربية لا زالت تحبو لتحديد مسمى الاستقلالية حيث إنها لا تنفرد بإدارة شؤونها، ولكن من الواجب على مديري الجامعات أن يثيروا موضوع الاستقلالية وأن يٌطالبوا بها فهي حق مشروع للجامعات من أجل الانتقال بها من مرحلة القولبة الفكرية والعيش كوعاء يُصًبُ فيه أفكار جامدة إلى مرحلة الانفتاح والإنتاج الفكري والمعرفي، فضعف الاستقلال في جامعاتنا هو عملية تطويق للعلم، وبهذا تتحول الجامعات إلى تكرارات، وليس وسائل للتطور والتحضر وإنتاج ونقل المعرفة، أيضا الحرية الأكاديمية هي حق مشروع لأستاذ الجامعة فهو يمشي بطريق متلاحق محفوف بالصعوبة لاهثا من أجل اللحاق بركب الفكر، والاستقلالية والحرية الأكاديمية في رأيي تحتاجان لوضع إستراتيجية لتفعيلهما والنهوض بهما من أجل الوفاء لإنسانية العلم، فنحن في هذا العصر أحوج ما نكون إلى الابتكار والتجديد وهذا لا يتأتى إلا من خلال سيفي الاستقلالية والحرية الأكاديمية.

يقول بيتر دراكر: (إن غرض أية مؤسسة هو تمكين الشخص العادي من فعل أشياء غير عادية)

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة