Culture Magazine Monday  28/04/2008 G Issue 245
نصوص
الأثنين 22 ,ربيع الثاني 1429   العدد  245
 
مطالعات :عبدالحفيظ الشمري
طلال الطويرقي في ديوانه الجديد
(ليس مهماً).. ديوان لا يبارح حزن الواقع

 

 

يطل الشاعر طلال الطويرقي على القارئ في ديوانه الجديد (ليس مهماً) محملاً بوهج العاطفة الشعرية التي تبني وجودها المعبر في الوجدان من خلال قصائد الديوان المتراسلة كمطر هادئ.

الشاعر الطويرقي يذهب نحو الذائقة مباشرة، فهو لا يحلق كثيراً في خيالاته إنما يحاول ما وسعته المحاولة أن يلامس الحياة التي تعاند أهلها فلا يجد الشاعر بداً من أن يقدم بعض الصور الجمالية للتخفيف من مصاب إنسان اليوم الذي تعجز كل القصائد من انتشاله من حفر الحزن، ومهاوي الخيبات التي تمر بها الأمة.

الشاعر الطويرقي يضع في حسبان بوحه انثيالات الزمن الذي بات يتحول نحو مزيد من الأسى على نحو بوجه:

(شعارات هذا الزمان:

الكيان المفتت

لين العظام

ولين المفاصل

نقص الحديد)

(الديوان ص 11)

ليستطرد الشاعر في وصف متناقضات هذا الزمن شعراً خالصاً.. لكن الشعر في مواجهة المأساة يمسي على أحزانه ويبيت على الطوى لفرط متاهة يكابدها الشاعر الطويرقي ليزيد من فواجعنا وليكاشفنا وبمزيد من الشعرية الراعفة والشاكية أن مآل حلمنا إلى حضيض سادر.

القصيدة الأولى في ديوان الطويرقي فاتحة الفاجعة في اثني عشر مذهباً استهلها بحزن وختمها بألم مفرط في وحشته ونجاعة مقصده.

يذهب الديوان إلى رغبة قوية تتمثل في اقتناص الفكرة المكثفة في دلالاتها المقننة في مضامينها.. لكن الشعر يبقى محافظاً على استرساله في تواتر الصور، فكل قصيدة رغم قصرها تعد باباً من أبواب الخطاب الإنساني العام لأن كل ما يطرحه الشاعر لا يعبر عنه شخصياً إنما يشترك فيه مع الجميع أياً كان توجههم وتكوينهم فالحزن لا هوية له في هذا الديوان المشبع بوهج الألم الخالص.

نعرف أن الشاعر طلال الطويرقي مقبل على الحياة لكنه في حضور القصيدة يورق في الحزن، ويوغل في تعداد هزائم وجدانه، وشروخ فأله على جدار الحياة، ليجد أن أقصر السبل لشرح الواقع هو الحزن ولا شيء سواه.

قصائد ديوان (ليس مهماً) لا تنبئ عن فحوى هذا العنوان الذي اختطه الشاعر الطويرقي إنما هو بناء أراد من ورائه تخييل الواقع ومد جسور قوية بين الواقع والحزن.. فلا يمكن أن ينسلخ واقعنا العربي عن الحزن حتى وإن حاول أي شاعر متفائل أن ينشئ معادلة تناوئ الحزن وتحطب في حبل الفرح الذي بات عزيز الحضور في عالمنا.

يبرع الشاعر طلال الطويرقي في رسم معالم الديوان إذ يعين لكل مجموعة من النصوص عنواناً خاصاً فيها، فلكل مجموعة من هذه النصوص صورة قد توحدها في ذهن القارئ الذي يبحث عادة عن نصوص مختلفة، وقراءات خلاقة تحفز الذات على أن تغوص في أبعادها - فلا تخلو أي قصيدة أو نص في هذا الديوان إلا وترمز لفكرة واضحة عن الهاجس الإنساني المفعم بمكايدات بائنة تستحق أن تقرأ من ألفها إلى بائها.

الشاعر طلال الطويرقي يطرق باباً جديداً في شعره يتمثل في (الوصف الواقعي) حيث يصور ومن خلال هذه المقطوعات واقع الحياة على نحو تقييمي لمعنى أن نعيش في كنف الحزن، وتعجز حياتنا عن دفع مكائد الزمن.

الشعر هو آخر سلاح يستخدمه الشاعر في وجه الألم، وهو الحالة الوجدانية التي يتمرس خلفها للدفاع عن ما بقي من حب عذري، وطفولة جميلة، وأيام قديمة، وماضٍ غير ملوث وسماء صافية، وقلب أبيض، وحلم بحجم الغلاة النقية.. لكن الهزيمة الوجدانية هي ما يبين الآن بعد أن أضحى الشاعر الطويرقي رهين شعر يصارع من أجل البقاء في ظل تحولات الزمن الذي بات لا يأبه بأي شيء سوى المادة.

يقع ديوان (ليس مهماً) في نحو (126 صفحة) من القطع المتوسط، صدر بتعاضد طباعي بين دار الانتشار العربي وأدبي الطائف العام 2007م.. هذا الديوان يعد العمل الثاني للشاعر.

إشارة:

* ليس مهماً (شعر)

* طلال الطويرقي

* دار الانتشار - النادي الأدبي الطائف

* (ط1) 2007م

****

لإبداء الرأي حول هذه المطالعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5217» ثم أرسلها إلى الكود 82244

hrbda2000@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة