Culture Magazine Monday  28/04/2008 G Issue 245
تشكيل
الأثنين 22 ,ربيع الثاني 1429   العدد  245
 

وميض
التبرع بالفن
عبد الرحمن السليمان

 

 

وصلتني رسالة بالجوال تقول عن مشاركة أو مزاد فني لصالح سجناء أو ذويهم للفنان نسبة منه، وأخرى لصالح جمعية زهرة لسرطان الثدي وإن هذا التبرع العيني بالأعمال الفنية يعيد عشرين في المائة للفنان من قيمة العمل المباع وفق شرط أن يكون العمل الفني مرسوماً لهذه المناسبة، ودعوة من جهة توقع ب(سيد ولد آدم) والفكرة تتمحور في أن المجموعة - كما تقول - تقوم بتنظيم معرض مختص بحياة الرسول - محمد صلى الله عليه وسلم - وسيرته وجوانب من حياته الإنسانية والمعرض كما تضيف الدعوة واجهة فنية عظيمة لبلادنا وسيكون نوعاً جديداً من الفن وفرصة تسويقية ضخمة للفنانين!!

وفي هذا الإعداد أرى نوعاً من تسهيل مسألة الفن ودوره في الثقافة والتوعية، فالهدف غالباً كما أشارت (سيد ولد آدم) (فرصة تسويقية ضخمة للفنانين).

لا أرى مانعاً - بل من الواجب - أن يعاضد الفنان مجتمعه وأمته وأن يمثل موقفاً وأن يكون متبرعاً سخياً وكريماً مع الكل وأن يكون مقداماً يسهم في الأعمال الخيرية والتوعوية والتوجيهية.

أما هو - بالمقابل- فليس ضرورياً أن يعود بشيء غير الشكر وشهاداته والثناء والتقدير والدروع والكلام الجميل الذي لا يؤكل عيشاً أو يطعم خبزاً فهو تأتيه الألوان والأقمشة ومستلزمات اللوحة بالمجان ولا تكلفه إلا الشيء اليسير جداً بل إن شركات تصنيعها أو وكلاء توزيعها تتسابق على إهدائه منتجها أما إذا أقام معرضاً أو شارك في نشاط جماعي فإن أعماله - في لمح البصر - تباع أو لنقل يتم الإقبال على اقتنائها، فرجال الأعمال والمقتنون وداعمو الفن في وطننا وما أكثرهم سيقبلون على لوحته حتى لو تطلب الأمر مزايدة.

كانت الأعوام السابقة تشهد معارض مماثلة وكنوع آخر فإن الفنانين كانوا يرسمون لصالح قضايا قومية كما كانوا يشاركون في معارض لصالح جمعيات خيرية.

الواقع لا نختلف على أن للمجتمع حقوق كبيرة، وللأمة حقوق أيضاً وللإنسانية حقوق كذلك وإن الفنان كانسان عليه دور كما على أي إنسان في العالم لكن كثيراً من هذه الأفكار التي تتجه للفن لا تتلاءم والأنشطة المقامة لصالحها وأعتقد أنها زادت أكثر مما ينبغي وغير ذلك أن بعض هذه المناسبات تريد الفنان يرسم لها ولمناسبتها أرى أن هناك استسهالاً وركضاً خلف الفن لا من أجل دور الفن بل من أجل الكسب وربما بعض الجهات ولا أقول كلها تستغل الحدث أو المناسبة لتكسب فقط والشماعة هي الحدث ولأن معظمنا عاطفي فقد تجد المناسبة أو الحدث استجابة ولكن أي استجابة؟ حضرت الكثير من المعارض التي أشرت إليها في الرياض وجدة والدمام ولم أجد فيها المستوى الفني الذي نتأمله من أي معرض لأن معارض المناسبات وما أكثرها هي معارض غالباً للمبتدئين لأن عزوف العدد المنتظر يجعل المنظمين يلجئون إلى البدائل وليس أمامهم إلا الأكثر بحثاً عن الإعلام والفرص وسيجدونهم في الهواة والمبتدئين.

لست ممن يحبطون مثل هذه الأفكار أو يقفون ضدها لأنها تحتاج حقيقة إلى تنظيم من نوع آخر والمعارض ليست كفيلة بتحقيق أهدافها فهناك ما يمكن أن يحقق هدفاً بأن تجد هذه الجهات من يدعم من الأكثر قدرة على الدعم وأعني رجال الأموال والمليونيرية وما أكثرهم في بلادنا، لأن الفنانين وربما معظمهم لا يمتلك بيتاً وإذا امتلكه، فإنه لا يزال يدفع إيجاراً أو أقساطاً مستحقة عليه.

أتمنى أن تدرك هذه الجهات والقنوات والشركات والأفراد وغيرها ما تقوم به وتعرف من هم الذين يمكن أن يكون دعم واحد منهم يتجاوز ما يتبرع به كل الفنانين في أكثر من معرض وأعتقد أن إنسانية الفنان لا تعني أن يشارك في أي دعوة تتجه إلى قضية اجتماعية أو قومية أو إنسانية، لأن الفنان لدينا لم يزل ينتج ويعطي أكثر مما يأخذ.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الدمام aalsoliman@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة