Culture Magazine Monday  31/03/2008 G Issue 241
فضاءات
الأثنين 23 ,ربيع الاول 1429   العدد  241
 

عالم نضحك منه وعليه
شراء التاريخ
سعد البواردي

 

 

تذكرت على وقع هذا العنوان ذلك الساعي الخرافي الذي يتحرك بين قبور الموتى رافعاً عقيرته ولوحته.. وهو ينادي بصوته المتهدج الساخر:

(من يشتري التاريخ مني؟)..

وهو يدرك أن الموتى لا يشترون التاريخ.. وإنما يصنعه الأحياء للأحياء دون سواهم.. تذكرت هذا العنوان.. بعد أن قرأته حياً من جديد لأتحدث عن التاريخ كنبض ومعطيات، وإنما عن إسبال ما خلفه التاريخ من بنطلونات كل ميزتها أنها الأقدم..

نعم لكل بصمة من الماضي ما تستحقه.. وما تستحق عليه الاهتمام والاقتناء.. الأشياء القديمة ربما لقيمتها.. وجودتها.. ولأنها تمثل أدوات لمرحلة زمنية غابرة.. وربما أيضا لندرتها يتسابق الموسرون على شرائها.. ودفع أغلى الأثمان للحصول عليها كهواية.. أو كتحفة تتضاعف أثمانها مع مرور الزمن..

وفي معظم عواصم العالم الكبرى مزادات لما تركه التاريخ من تحف.. ومقتنيات تعبر عن عصر من العصور يدفع ثمناً لها مبالغ باهظة تعادل عشرات، بل مئات أضعاف مثيلاتها من الموجودات المستجدات.

إلا أن أغرب ما قرأت عنه ذلك الذي دفعت شركة ليفي ستروس الأمريكية ثمناً له، هو خمسون ألف دولار.. ترى عن ماذا تتحدث الصفقة التاريخية المشتراة؟..

إنها قيمة أقدم بنطالين انتجتها الشركة في الثمانينيات من القرن التاسع عشر..

متحدث باسم الشركة ذكر أنه تمَّ اكتشاف مزاد بشأنهما على الإنترنت.. فدخلته الشركة ودفعت مبلغ خمسة وعشرين ألف دولار للبنطلون الواحد.

لم يشر الخبر هل أنها مستعملة أكل الدهر والعرق والزيت عليها وشرب.. أم أنها جديدة لم يمسها التاريخ بسوء.. أياً كانت الحال فإنها دخلت التاريخ الذي يُباع فيه ويُباع باسمه كل شيء حتى البناطلين؟!

****

لإبداء الرأي حول هذه المراجعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «5621» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة