Culture Magazine Thursday  02/07/2009 G Issue 290
الملف
الخميس 09 ,رجب 1430   العدد  290
القلم الذي يزيد
د. يوسف العارف

 

قبل ما يقرب من ربع قرن ظهرت علينا ثقافيا طروحات الحداثة والتجديد الأدبي وكان يقود لواءها د. عبد الله الغذامي وسعيد السريحي ومجايلوهما ثم أتت فترة وجدنا فيها قلما واعيا وفكرا مستنيرا وطروحات تجديدية تتماهى مع الفكر الحداثي وتتعاطى الثقافة السعودية ومعطياتها نقدا وتحليلا ويشارك في فعالياتها تنظيرا وتأطيرا إنه قلم المبدع عابد خزندار - سئل ذات لقاء صحفي أينك منذ ثلاثين عاما ؟ وفي هذا التساؤل يكمن زمن عاشه الخزندار مفقودا فكانت الإجابة : كنت اقرأ. أعجبتني هذه الإجابة -المفاجأة وأعجبتني تلك الفكرة الطازجة - البكر غير المسبوقة ورحت أحلل فضاءاتها وأستقري مضامينها وأولد من فكرتها أفكارا.

ثلاثون عاما كان الرجل يقرأ يحضّر نفسه للكتابة النقدية ، ثلاثون عاما كان يهيء ذاته الكاتبة للكتابة وليس من تهيئة أكبر من القراءة ، ثلاثون عاما وذاكرة التخزين والجمع والاستقصاء والغربلة والإحاطة تعتمل في ذات الرجل - المبدع بعدها خرج لفضاء الكتابة قلما منجزا - منتجا مبدعا يتعاطى مع الفكر الحديث ويتماهى مع المنجز المعاصر في جدلية تضيف ولا تقنع بالراهن المستهلك. استكتبته الملاحق الثقافية ودعته النوادي الادبية لإلقاء المحاضرات واحتفى به الجمع المثقف في كل أنحاء بلادنا ومحيطنا الإقليمي - الخليجي وعالمنا العربي. أذكر أنني احتفيت بكتابه (حديث الحداثة) الذي صدر عام 1990م عن المكتب المصري الحديث احتفاء يليق بمعرفة جديدة يقدمها وطروحات نقدية يقربها للمتلقي ومصطلحات فلسفية حداثية يعرف بها فأصبح لي المرجع والمصدر الذي أستفيد من علمه ومعارفه وأوظفها في طروحاتي النقدية إن كتاب (حديث الحداثة) ليس كتابا متميزا لأي مدرسة أو منهج أو مذهب وليس كتابا مدرسيا يلقن المعرفة ويمنهجها أنه سفر حداثي عالمي الفكر إنساني الرؤية موسوعي لا يقدم الحداثة بمعناها الزماني بل باعتبارها تمردا على القديم الجامد وتطلعا إلى الآفاق الرحبة في عالم الفكر و الإبداع وتوجهها إلى الأعمق باعتبار (أن أصالة الفكر هي حداثته وحداثة الفكر هي أصالته) كما يقول أحمد يحيى تعريفا بالكتاب. وأخيرا فإن عابد خزندار قلم الوعي وفكر المعرفة ونضج التجربة وللأجيال المثقفة أن تحتفي به وتبتهج لأنه قدم الحداثة بوعي وصدق وفاعلية ولنا عليه أن يستمر في الكتابة النقدية المعرفية التي تؤسس وعيا وتستجلب إبداعا.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة