Culture Magazine Thursday  02/07/2009 G Issue 290
الملف
الخميس 09 ,رجب 1430   العدد  290
فاتح ملفات (العصرنة) الكتابية وأجمل (الغرامشيين) في السعودية
محمود تراوري

 

في عام 1979م وهو يفتح بوابة الأربعين في راق حياته الصاخبة هما وإبداعا ورؤية، ظهرت أولى كتاباته التي كانت نقطة البداية لكاتب ما لبث أن أدار الأعناق الى حرفه المختلف واطروحاته المتميزة بالموسوعية خاصة فيما يتصل بالشق غير العربي من الثقافة.ثقافة أسهم في تشييدها واقع كان مكتنزا بالثراء المعرفي والعلمي والجمالي نشأ فيه في مدينة عرفت المدنية منذ أماد سحيقة.

عندما استكتب الراحل عبد الله الجفري رحمه الله عابد خزندار، كان يعرف ما ينطوي عليه قلمه من جدة تحتاجها بشدة الساحة الثقافية السعودية، وكأني به - اي الجفري - قد لاحظ افتقاد الساحة لقلم استوعب المنتج الغربي ابداعيا ونقديا وتنظيريا وهضمه بروح متطلعة للمعرفة غير جانحة للاستعراضية أو التعالي.

ولم تأت سنوات الصخب الثقافي في الثمانينيات حتى استوى عابد خزندار علما من اعلام الكتابة الجديدة في السعودية، الكتابة التي تحيل الى جماليات ومعرفة وعمالقة وافذاذ في حقول الأدب والمعرفة العالمية.

كانت أفكار ( نثار) تختمر في ذهنه وتحت حلم اشاعة المعرفة والجمال انطلق خزندار مجردا من هيمنة الذاتي - الاستعراضي ويمضي محققا اشراقا كتابيا لاحد له.

وإذا كانت تاريخ الصحافة والثقافة السعودية لا يمكن أن يتجاهل كل الذين مروا مختلفين بعمق طروحاتهم وقدرة رؤاهم على التجدد باستمرار، فانه لايمكن الخوض في تفاصيله دون التوقف عند واحد من أهم رموز هذا الاختلاف الذين لا تثنيهم اختلافاتهم أو تحفظاتهم عن إيراد الحقائق التاريخية، وللتاريخ فقط الذي لا يسقط صانعي تحولاته مهما كانت أدوارهم.

فاذا كان بعض المثقفين لايروق لهم الخزندار ككاتب مبدع، وهو ما قاله لي بعضهم شفهيا، فان طبيعة الاناص تقتضي تتويج الخزندار واحدا من أهم الكتاب الذين خاضوا في تحولات الكتابة النقدية محليا منذ أكثر من ثلاثين عاما، منذ تقاعده عن العمل حيث اتخذ الكتابة حرفة وعشقا محمولا على الاهتمام بالشأن العام، حيث (نثار) تتدفق فيه الأشياء مازجة الحب بالفكر بالمعلومة بالتاريخ بالرؤية الطليعية البهية.

في السنوات الأخيرة، وهن جسده، وقلبه، صار يفر كثيرا من رطوبة جدة، ومما يعتبره مواتا ثقافيا فيها، صوب باريس حيث يتفرغ لقراءاته بالعربية والفرنسية والانجليزية، وهج ر الألمانية التي يقول أنها نسيها لطول البعد عنها.

في الانجليزية يجب شكسبير، وجيمس جويس، وبالفرنسية يحب بودلير، وفي الأدب الالماني الذي يصفه بالغني جدا كان قد أحب ريلكة.

ترجم عن الفرنسية كتابا يتعلق بالف ليلة وليلة، ويصف الليالي بأنها الفت في التاريخ العربي على مدى اربعة قرون، وعندما مات الوعي توقفت الحكاية.

يؤمن خزندار بأن وعي الانسان يتشكل عندما يبدأ يحس بالجمال، فالاحساس بالجمال هو الذي يولد الوعي، وعدم الاحساس بالجمال ينتج عنه وعي متبلد.

لحظة أي أمة تبدأ من لحظة احساسها بالجمال، فعصر النهضة في أوروبا بدأ بالفنانين أمثال مايكل انجلو وروفائيل وغيرهما.

خزندار يرى في الرياضة حاجة اساسية واحساسا بالجمال، ووعي جماعي، فتقدم الرياضة في بلد من البلدان دليل على تقدمها في باقي المجالات.

فالتقدم حلقات متصلة تكمل بعضها، والنظرة الدونية للرياضة فيها شئ من التبلد.

من هنا يتابع خزندار الرياضة، ويتذكر دوما مساهمته في تأسيس نادي الوحدة العريق بمكة المكرمة، حتى حمله لعضوية شرفه فترة من الزمن في العصر الحديث قبل ن أن ينعزل وينطوي على نفسه الا من رؤية اصدقاء محدودين.

عابدخزندار أحد المثقفين الذين ينطبق عليه وصف غرامشي في تمييز ماهية المثقف.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة