Culture Magazine Monday  05/01/2009 G Issue 265
حوار
الأثنين 8 ,محرم 1430   العدد  265
الناقدة والقاصة أمل التميمي لـ(الثقافية):
سعيد يقطين (هامور كبير)..والغذامي أفضل مثال

 

الثقافية - محمد عطيف:

* حوارنا مع الأستاذة أمل التميمي عضوة هيئة تدريس في كلية الآداب بالدمام جامعة الملك فيصل، وباحثة دكتوراه جامعة الملك سعود. والتي كان لها حضورها النقدي والثقافي مؤخراً في عدد من الملتقيات الأدبية في المملكة، خصوصا اهتمامها بدراسة السيرة الذاتية في السرد. ولها دراسة بعنوان السيرة الذاتية النسائية في الأدب العربي المعاصر صدرت عن دار المركز الثقافي العربي (2005م)، وتعكف حاليا على الاهتمام الحالي بالثقافة البصرية المعاصرة والتركيز في السيرة الذاتية التلفزيونية ضمن دائرة الاهتمام الكبيرة، وهو التأصيل لمفهوم الأدب المرئي وسماته وأنواعه الأدبية، ولها عدة مقالات نشرت في تأصيل هذه المفاهيم النقدية الجديدة، وتسعى إلى إيجاد آليات نقدية جديدة لمعالجة هذا الأدب الجديد محاولة فتح الباب لتنظير جديد في الأدب يتواكب والحياة التكنولوجية المعاصرة.

في البداية سألناها عن ملتقى الباحة الروائي وحضورها فيه: بداية كيف ترون الملتقى في هذا العام.. وهل يسير نحو تحقيق التراكمية الإيجابية لموضوعه الأساسي حول الرواية؟

- ملتقى الباحة كما عشت فعالياته هو كرنفال يحمل هوية الأرض وأهلها بماضيها الأصيل وحاضرها الراقي، والأيام قصيرة في واقعها الحقيقي ولكنها تحفر في أيام العمر ذكرى غالية وعبارات الشكر تعجز عن الشكر والامتنان لأهل الباحة الكرام،أما عن تخصص ملتقى الباحة عن الرواية نعم أنا مع التخصص على الأقل في السنوات القلائل القادمة، فالرواية الحديثة وبمواضيعها وتقنياتها الفنية في بعض المجتمعات كالمتجمع السعودي ما تزال شابة وفي مقتبل العمر وتحتاج من يقوي عودها بالنقد الهادف، ومن خلال تكثيف الدراسة حول معنى الرواية كنوع أدبي يحتاج دراية وتدريب للكتاب حتى يتعلم الجيل الجديد ماهيّة الرواية كصناعة وفن، فمن واقع إيماني العميق بأهمية التخصص فقد حقق ملتقى الباحة تراكمية إيجابية لموضوع الرواية بدليل مشاركة أستاذنا الكبير هامور الرواية سعيد يقطين.

* (المقاربة في الشكل).. عنوان الملتقى.. هل زحمة الأوراق أخرجت الموضوع عن ظاهره.. وهل تفرع المواضيع قد يشير بشكل أو بآخر لإثراء الموضوع بقد ما يلمح إلى (تزحيم الأسماء..! 6-7 أسماء في كل جلسة..!!!!)

- إن تزحيم الأسماء في الأندية ظاهرة مألوفة وصحية، على مستويين المستوى الأول الوقت الزمني المخصص لكل باحث كافٍ لطرح فكرته، وعلى مستوى اختلاف الخلفيات الثقافية لكل باحث. هذا جانب إيجابي وصحي؛ لأن الحضور المكثف والمختلف والمتفرع يعمل بطريقة أو بأخرى على إثراء الموضوع من رؤى مختلفة ومتناقضة.

بالإضافة إلى الرؤى الجديدة التي تفتح لك أفاقاً أرحب للتفكير، فتستطيع مسائلة صاحب الفكرة وتداخله وتستوضحه في الجلسات الجانبية،

* الانهمار النسائي في السعودية على الرواية.. هل له ما يبرره؟ : تنفيسا عن وضع المرأة نفسها؟ أو اكتشافها لمجال أكثر رحابة (وسهولة) بعيدا عن معايير فنية قاسية..! وهل وجدت فيها فرصة للنيل من الرجل؟

- قد تكون كل هذه المبررات السابقة لا أدري بالضبط، والجواب الصحيح لمثل هذا السؤال يكون من واقع التقصي والبحث والدراسة في النصوص. ولكن رغم ما يراه البعض من الانهمار النسائي نحو كتابة الرواية إلا أنني أرى الواقع يخالف هذا الرأي وما نُشر من روايات هو أقل بكثير مما هو متوقع في عصر منحت فيه المرأة كل الفرص للتعبير عن أحلامها وقضاياها بكتابة روائية. أو حتى سيرة ذاتية مقنعة كما يحلو للبعض تسمية الرواية النسائية.

ولكنني أخشي بعد هذا الانهمار النقدي نحو دراسة الروايات النسائية للكاتبات السعوديات أن يعقبه تجنٍّ على الرواية النسائية للكاتبة السعودية، والسبب في ذلك أن يكون هناك خلط بين الرواية والسيرة الذاتية للكاتبات السعوديات كما حصل ذلك في تاريخ الرواية النسائية في الوطن العربي ككل. وبوصفي باحثة مهتمة بالسيرة الذاتية النسائية فالمرأة كتبت في مهارات كتابية مختلفة في مقتبل العمر ومنها الرواية، وبعد أن تدربت على عدة مهارات كتابية كتبت سيرتها الذاتية في عمر متأخر نسبياً.

فحتى الآن لا توجد سيرة ذاتية نسائية لامرأة سعودية في بناء متكامل يشبه الشكل الروائي بغض النظر عن التجربة المقالية لسلطانة السديري وفوزية أبو خالد، أنا لا أتخوف من محاولة المرأة السعودية كتابة سيرتها الذاتية والخوض في هذه التجربة وهذا سيحدث ومن المؤكد خلال الخمس السنوات القادمة، ولكن ما أخشاه أن تتحول جميع الروايات إلى سير ذاتية، كيف هذا؟ سيكون من خلال الموقف النقدي المصاحب لكتابة المرأة. وفي طليعة تلك الأسباب إشكالية النقاد المقربين من الكاتبات، فمن واقع التجربة فبخصوص النصوص الروائية، التدرج الكتابي للمرأة يبدأ بالخواطر ثم المقالات الصحفية، ثم يتردد ما بين المذكرات والخواطر، ثم يتبلور في شكل قصص أو رواية، ثم يعقبه كتابة السيرة الذاتية. والكاتبات السعوديات على وجه الخصوص ما تزال أقلامهن شابة في كتابة الرواية، وكل هذا التصفيق والاهتمام من قبل النقاد مخيف وينبأ بحدث خطير بعد فترة على مستقبل الرواية النسائية على وجه الخصوص، فإما سيكون خلط عجيب بين جنس الرواية وأجناس أخرى والسيرة الذاتية في مقدمة هذا الخلط. وإما في بعض الحالات سيكون هناك نصوص مترهلة وهذا خطير على مستقبل الرواية.

* في سلسلة المصطلحات التي تحاولين التأصيل لها في الساحة النقدية في ملتقى الباحة ورقتك تطرح مصطلح إشكالية النقاد الأصدقاء ودورهم في الخلط والتداخل بين السيرة الذاتية والرواية وهي رؤية تنظير جديدة كما نعتها الدكتور صالح معيض الغامدي ألم يكن هناك مخاوف من طرحه مباشرة أمام النقاد وخصوصاً أن المصطلح من اشتقاقك ويضرب في الصميم.

- صحيح أن ورقة العمل التي قدمتها تضرب في الصميم وتدق على وتر حساس، ولكن كان لابد من طرح هذه الإشكالية التي يتسبب فيها الناقد الصديق أو الناقد القريب من المبدع وهذه الإشكالية لها علاقة بالشكل الخارجي، وأول ما ظهرت في الدراسات النقدية التي اهتمت بالرواية النسائية العربية في فترة الستينيات. والرواية النسائية للكاتبات السعوديات في حقبة جديدة وتفادياً من وقوع هذه الإشكالية في المرحلة المقبلة كان لابد من طرح هذه الإشكالية أمام أصحاب الإشكالية، باعتبار أن النقاد أنواع ودرجات، والتنبيه إلى الموقف النقدي المتسبب في إشكالية التداخل بين الرواية والسيرة الذاتية النسائية مهم جداً، وهي إشكالية تعكس توجه نقدي يقيس كتابات المرأة بوضعها الاجتماعي والثقافي وحياتها الخاصة، غافلين أن الرواية فن وصناعة تحتاج إلى حرفية ومواصفات خارجية وشكلية تؤهل هذا العمل لانتمائه إلى دائرة العمل الروائي، وهذا الشكل المتعارف عليه أدبياً لكتابة الرواية يمكن أن يمارس بوصفها مهارة كتابية مشروعة في كتابة الرواية الذاتية، وحينما يلجأ الناقد إلى الوثائق الخارجية ليربط بين الروائية وبطلتها ليؤكد على تلاحم الشخصي بالمكتوب فهذا تجنِّ ليس على الإبداع النسائي فحسب بل على مستقبل الأجناس الأدبية. فمن المؤكد في الأعم الأغلب أن النقاد والناقدات طالما أنهم معاصرون ومن أهل بيئة واحدة يعرفون بعضهم أو على اتصال شخصي ومهني وكتابي بالكتاب الروائيين والروائيات، فكان لزاما طرح هذا الموقف النقدي المتسبب في هذه الإشكالية، والذي يستلزم منا أن نضع حدوداً تنظم الشكل الأدبي وترتبه، ولهذه الحدود فوائد كبيرة مع كتابة الرواية، ولكن صرامة الحدود مع السيرة الذاتية له عواقب خطيرة لأن الكاتب سيصبح مشغولا بالضوابط والحدود عن الاعترافات والأسرار والحقائق، وهي الأهم لقارئ السيرة والتقنية الإبداعية هي الأهم لقارئ الرواية، وهناك قرينة تظهر هذه الإشكالية الشكلية فلماذا يطرح هذا التداخل في نطاق الرواية ولم يطرح في نطاق القصة القصيرة على سبيل المثال. وورقة زميلتي العزيزة نورة القحطاني تطرح فكرة الخوف وتتقاطع كثيراً مع الفكرة التي أطرحها وخصوصاً المخاوف الخارجية التي يتسبب في خلقها بعض النقاد، فالناقد يمارس سلطه في خلق هذه المخاوف بالربط بين حياة المؤلف والبطل. وإشكالية الخوف الخارجي هي ظاهرة ألصق ما تكون في كون جنس الكاتب امرأة. والتي يتسبب في خلقها في زعمي النقاد الأصدقاء أو النقاد المقربين.

* ينحى نادي الباحة الأدبي للتخصص – إن صح التعبير – في ملتقاه السنوي نحو الرواية.. هل تؤيدون ذلك في ظل رواج السوق لها حاليا.. وهل قيام بعض الأندية الأدبية بتثبيت الملتقيات هو مسارعة (لصرعة حضور في غياب المتلقي بوهج فيه مخاطرة واضحة؟!

- نعم أؤيد وبشدة نحو تخصص ملتقى الباحة عن الرواية في هذه السنوات على الأقل فللغد فجر جديد يخصص له نوع أدبي يكون هو محل التخصص. ولكن ما أخشاه إصباغ الرواية بهوية سياسية وإعطائها الجنسية السعودية، فكلي فخر أن أكون جنسيتي سعودية، وكلي قهر حينما ينسب للأدب هوية سياسية فالأدب لا جنسية له، ولن يكون سفير للجنسية ولكن سفير الأرض والبيئة والأشخاص وإضافة سعودي إلى الأدب ممكن يحملنا خسارة عظيمة في المستقبل لهوية هذا الأدب، فلن يهتم بهذا الأدب إلا المتخصص بهوية الأدب السعودي فقد ولن يكون لأدبنا عملية تسويقية إلا لمن تهمه السلعة، فأطروحات الدكتور الغذامي اخترقت العالم العربي لا بوصفه صاحب نظرية سعودية ولكن بوصفه سعودي صاحب نظرية نقدية. ومستقبل الأدب تتحكم فيه الوحدة العربية وصبغة الأرض هي التي تميزه بهوية جغرافية. فأدب أرض الجزيرة العربية هوية للأدب تعني الكثير والكثير من المهتمين بالأدب على اختلاف بيئاته وهي أنسب من سعودي.

* مشكلة التحديث والتغريب لدينا.. متى ستنتهي؟ كيف تؤثر علينا كهوية وحضور؟ لماذا ينساق ورائها الكثير من كتابنا وكاتباتنا؟..

- عفوا إن كنت تقصد التحديث بمعنى التجديد فهي ليست مشكلة ولكن إشكالية قديمة وستستمر ما بقينا على الأرض الصراع بين الجديد والقديم وكلاهما وجهان لعملة واحدة، أما إذا قصدت التغريب الاستفادة من حضارة الغرب أي يعني الصراع بين الشرق والغرب وهذا أيضاً طبيعي، ففي ظل أمركة العالم أصبح العربي حياته كلها مبرمجة ومحاصرة بالكترونيات لم يألفها منذ عهد قريب يعني فقط منذ عشر سنوات تقريباً تغيرت مفاهيم كثيرة في المجتمعات العربية وأدت التقنيات الغربية دوراً أساسياً في تغيير هذه المفاهيم بغض النظر كونها إيجابية أو سلبية، فمن الطبيعي في موجة الاجتياح هذه أن يطرح الكاتب أمواج الصراع، والجوانب السلبية هي محط الأنظار دوماً، وفي طور هذا التغير أصبح الإنسان المعاصر يلهث في تشكيل هوية ذات حضور جماهيري، والشعور بالتميز يكون بطرح الأفكار ومعالجة القضايا.

* الأعمال الأدبية النسائية: أين ما يجب أن يتناوله النقد الأدبي الصارم، بلا مجاملة،.. هل نحمل تساهل النقد أو مجاملته أسباب تدني فنية الأعمال أو وضاعة بعضها ؟ كيف ترون الأعمال الروائية النسائية المطروحة حاليا فنياً.. وعلى أي مسافة تضعون الذوق العام منها؟

- في الأعم الأغلب الروايات في الوقت الحالي هي محل التجريب وفي طور التشكل ولا يمكن لأي نوع أدبي أن يوجد ناضج متكامل ولكن لا بد أن يمر بأطوار ثم ينضج ويتشكل.

* ماذا يعني لك حضور هذا الملتقي؟؟ ما أبرز ما لاحظته فيه؟

- من المؤكد أنه أضاف إلى أجندة حياتي الكثير والكثير، وبعيداً عن الجلسات الرسمية، هناك الجلسات الجانبية التي أسعدت قلبي كثيراً ومنها الجلسة الثقافية النسائية –النسائية والتي أظهرت لي جوانب رائعة ومواهب شخصية قد لا يعرفها الكثيرون عن المثقفات السعوديات وجوانبهم الإنسانية الأخرى المميزة.. فمثلا فوجئت بالكثير من الجمال الذي تمتلكه الدكتورة فاطمة الوهيبي مثلا.. ولا أستطيع أن أصف لك كم مواقف مؤثر عرفته معها واكتشفت كم هي صاحبة حضور يبعث الأمل والدفء، فمن خلف غمام الدموع التي كانت تملأ عيني كنت أرى صورة أبي – رحمة الله- في عيني الدكتورة فاطمة، لتجرفني لذكريات رائعة معه.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة