Culture Magazine Monday  05/01/2009 G Issue 265
مداخلات
الأثنين 8 ,محرم 1430   العدد  265
لماذا غابت القصيدة.(....)..؟.
د. زهير محمد جميل كتبي

 

قرأت مقال الأستاذة أميمة الخميس والمنشور بجريدة (الجزيرة) بعددها (13228)، وتحت عنوان - القصيدة، تقول في مقطع من مقالها.

(فالقصيدة متوهجة ومحملة بالمعاني الجميلة لكن أتوقع أن موقعها هو المنبر الذي ننتظرها من خلاله كل عام (مهرجان الجنادرية) للأدب الشعبي وبين محبيها وجمهورها ولا أعتقد أن قصائد الشاعر العتيبي تمتلك أجنحة قادرة على التحليق خارج أسوار الجنادرية.

كم كنا ننتظر في هذه المواقف المهيب الجليل بين يدي خادم الحرمين الشريفين وضيوفه من وجوه العالم الإسلامي الذين تجمعهم الفصحى وتنتظم صفوفهم وتظللهم أن يكون واجهتنا للعالم هو أي من شعرائنا المفلقين الذين ينظمون القصائد الفصحى الجزلة الرصينة ليعلقوها قلائد على جيد الوطن.

وكم كنا نتوقع أن نستمع لقصيدة من قصائد الفصحى القادرة على مقاربة الشعر بأدوات متينة رصينة ومتمكنة، فالجزيرة العربية ينظر لها العالم دوماً وعبر التاريخ، كنبع للشعر وأرض للشعراء) انتهى.

إنني أتفق تماماً مع ما ذهبت إليه أميمة الخميس بضرورة وجود.. (القصيدة العربية الفصحى)..، في كل مناسبات الدولة الرسمية، فلقد جرى العرف السياسي منذ عهد الملك المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - أن تلقى..(قصيدة شعرية باللغة العربية الفصحى).. في موسم الحج، وأمام جمع غفير من قادة وزعماء العالم ورؤساء البعثات الرسمية، وكان يلقيها الشاعر المكي الكبير الشيخ أحمد إبراهيم غزاوي، - رحمه الله - والذي أطلق عليه.. (شاعر البلاط الملكي).. واستمر هذا العرف السياسي حتى عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - وعندما توفي الشاعر الغزاوي خلفه في هذا المكان الرفيع الشاعر السوري المشهور عمر أبو ريشة - رحمه الله -.

حتى لا يفهمني بعضهم خطأ أنني ضد.. (القصيدة النبطية).. حتى أكون صريحا أقول: إنني لا أستطيع أن أفهم الكثير من الكلمات والمعاني والصور والخيالات التي تحملها تلك القصيدة، وهذا عدم الفهم أكدته أميمة الخميس.. وربما غيرنا كثيراً.

فكنت أتمنى على المسؤولين أروقة ودهاليز الديوان الملكي أن تكون فقرة.. (القصيدة).. مناصفة بين القصيدة باللغة العربية، والقصيدة باللهجة النبطية، وخاصة في الحفل الخاص بالقيادات العسكرية.

وأتمنى من المسؤولين أيضا إعادة فقرة.. (القصيدة).. في الحفل الرسمي الذي يقيمه خادم الحرمين الشريفين سنوياً لزعماء وقادة ورؤساء الدول ورؤساء البعثات الرسمية في الحج، وأن تكون باللغة العربية، وفي بلادنا العشرات بل المئات من الشعراء السعوديين الفحول الذين يستطيعون أداء هذا الدور الكبير وبكل اقتدار وكفاءة وذيوع، ومنهم الشاعر الكبير الوزير معالي الدكتور غازي القصيبي، باعتباره من الشعراء القريبين والمعروفين في الدولة.

إن الإنسان يريد أن يسمع ما يمتعه والشعر العربي الفصيح هو أحد أهم أدوات الإمتاع واستمتاع الأذن بجميل الكلمات والمعاني.

كما أن الشعر هو.. (وعاء الأمة).. الذي حفظ تاريخها في كل الحقب التاريخية والمراحل الحضارية، والشعر يقود السياسة في مرحلة من مراحل تاريخنا العربي، ومن أراد أن يستمتع بهذا النوع من الشعر فعليه بالعودة إلى قراءة المجموعة الكاملة لأعمال الشاعر الكبير أحمد إبراهيم غزاوي.

فالشعر العربي الفصيح هو الفاعل والمكون للنشاط الذهبي العربي الذي مارسه الآباء والأجداد، لذلك مارس الشعر العربي الفصيح سلطته ونشاطه، وبرز كفاءة الحاكم العربي في كثير من المواقف والأحداث، والشعر حكى الواقع العربي وتحدث عن مبادئه ومثله وقيمه، ومستوى تفكيره وسلوكه مع إبراز لكثير من المعطيات ظروفها.

وكم هو جميل هذا الشعر العربي حين جسد نماذج من المباهاة، والانتماء، والشجاعة، والمواقف الرجولية، ولا أبالغ حين أقول: إن الشعر العربي أوجد قواعد لكثير من مبادئ التفكير، والمستوى العقلي، والأمثال والحكم، وهو من فرض سيادة التعبير الشفهي لافتقاد التدوين حينذاك.

ولعل عظمة وقيمة ومكانة الشعر العربي الفصيح تلك.. (المعلقات الشعرية السبع).. التي علقت على جوار الكعبة المعظمة.

فهل تعيد مناسباتنا الرسمية والحكومية قيمة ومكانة وأهمية الشعر العربي الفصيح.

والله يسترنا فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض وساعة العرض، وأثناء العرض.

أديب وكاتب سعودي faranbakka@yahoo.co.uk

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة