Culture Magazine Thursday  05/03/2009 G Issue 273
عدد خاص
الخميس 8 ,ربيع الاول 1430   العدد  273
جمالية الموهبة
علاء الأسواني

 

لم يسبق لي أن التقيت القصيبي على المستوى الشخصي ولكني التقيت به على صفحات إبداعه وأعتز به كمثقف عربي بارز قرأت له أعماله الروائية والشعرية وهو بلا شك موهبة عالية المستوى كان لها دورها التنويري داخل المجتمع العربي عموماً والسعودي خصوصاً وعرف عنه مساندته للكتاب الشبان أمثال الروائية الزميلة رجاء الصانع وأقول الزميلة لأنها طبيبة أسنان وتدرس بنفس الكلية التي درست فيها في الولايات المتحدة. حيث أكدت لي رجاء دور الأديب القصيبي في مساندتها وهذا هو الدور الطبيعي والمأمول لمثقف كبير من وزن القصيبي الذي يدافع بشكل ملحوظ عن القيم والفنية والإنسانية وحرية الرأي والإبداع.

واللافت أيضاً في تجربة القصيبي أنه استفاد من اطلاعه على الآداب الغربية ومن معرفة وطيدة بالتراث العربي واستطاع أن يوفق بين هذين التراثين عن طريق موهبته الخاصة فجاءت نصوصه مستفيدة من الاتجاهات الحداثية في السرد وهو مالك حقيقي لناصية السرد في اللغة العربية لأنه من أكثر المطلعين على تراثنا العربي العظيم.

وتنوع الأعمال الإبداعية للقصيبي أثرى المكتبة العربية لاسيما في عمله الكبير شقة الحرية لما يحتويه هذا العمل من تجربة إنسانية حقيقية استطاع بنفسه أن يوظف هذه التجربة ليبدع النص الأجمل (شقة الحرية).

يستفيد الروائي من حياته ومن كل تجربة إنسانية يمر بها والمثبت في علم النفس أن الروائي شخصيتان.. الأولى يعيش بها العالم اليومي والثانية هي شخصية الفنان الروائي الذي يحمل كاميرا دقيقة حساسة يلتقط بها كل التفاصيل اليومية التي يراها حتى يستطيع أن ينسج منها فيما بعد عملاً أدبياً.. وأعتقد أن القصيبي ليس استثناءً من الروائيين لكن عمله الديبلوماسي فتح له نوافذ للإطلاع على الثقافات والآداب العالمية والانفتاح على المجتمعات الديمقراطية وهذه دورة حميدة مر بها كل مثقف تنويري أمثال رفاعة الطهطاوي في القرن التاسع عشر.

البعض يقول أن القصيبي لم يدرس الأدب ونظرياته الدراسة الأكاديمية المطلوبة وفي رأيي هذا الأمر غير ضروري من الناحية الإبداعية لأن معظم الأدباء الكبار لم يدرسوا الأدب دراسة منهجية بدءاً من أهم روائي في تاريخ الأدب الكاتب الروسي الشهير تيودور دستييفسكي وإميل زولا الفرنسي كان طبيباً والطيب صالح درس العلوم لذا أقول إن الدراسة الأخرى تفتح آفاقاً كبيرة للمبدع كما أن تحصيل الأدب عن طريق القراءة المستمرة بالنسبة للمبدعين لا يقول المبدع في إطار النظريات الأدبية.

وكثيراً ما قرأت قصائد القصيبي لاسيما التي تنشرها صحيفة الحياة اللندنية على صفحتها الأولى اهتماماً فيها بالإبداع الاستثناء وهذا التقليد كان موجوداً في مصر في العشرينات حين كان أمير الشعراء أحمد شوقي يكتب قصيدة جديدة كانت جريدة الأهرام تنشرها على الصفحة الأولى.

وأمنيتي في الختام أن يكون في عالمنا العربي ألف مبدع من نموذج غازي القصيبي لأنه يقود نضالاً نخوضه جميعاً.. نضال التحديث والديمقراطية والتنوير أمام القوى الرجعية في العالم العربي.

مصر

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة