Culture Magazine Thursday  05/03/2009 G Issue 273
عدد خاص
الخميس 8 ,ربيع الاول 1430   العدد  273
الشاعر الفارس..
سليمان العيسى

 

زرَعَ الرملَ

أقحواناً ووَرْدا

ومَشَى في الهجيرِ.. ظِلاً وبَرْداَ

شاعِرٌ من عَرَارِ نجدٍ..

سقَتْهُ

نَفَحاتُ العَرَارِ.. عِطْراً ونَدَّا

ذاتَ يومٍ قرأْتُهُ.. فَرَماني

في تُخُومٍ من نشوةٍ.. تَتَحدَّى

كانَ في صوتهِ امْرُؤُ القيسِ والأعْشَى

ونجدٌ حُلْوٌ..

يُغازِلُ نجدَ

هكَذَا تُنْبِتُ الرمالُ قَوَافيها

فَتَخْضَوضِرُ القِفارُ.. وتَنْدَى

...

شَرَرٌ من قصيدةٍ صَهَر البُعْدَ بَيْنَنا

هاجسٌ.. أَوْجَزَ الزمانَ.. وَهَبناهُ عُمْرَنا

...

نعم.. هذا الهاجس الذي يُوجز الزمن..

ويَصهر الأَبعاد..

هو الذي جعلني أخفق نغماً في ريشته

وهو فتىً.. في مطلع ارتياد هذا العالمَ الغريب

الذي سميناه: الشعر -كما حدثني ذات يوم-

وهو الذي حمَله إليًّ..

على جناح أبياتٍ من الشعر

لا أرقُّ ولا أحلى..

فاجأتني بها صحيفةٌ من الجزيرة العربية

تعودت أن تنشر لهذا الشاعر الشاب،

القادم من عرار نجد، غازي القصيبي، أولى ما يسيلُ

على شبَّابته العربية من ألحان.

غازي.. إنسانٌ قد تَشْغَله السياسة،

ويَشغله المنصب، ويحبسه ألفُ شيء عنا،

ولكنه يظل -في رأيي- الفارس العربي الشاعر

الذي لا يستطيعُ شيء أن يحولَ بينه وبين النّغَم الذي

يترقرق على عوده، وهو يمتطي في الوقتِ نفسهِ

صهوةَ جواده العربي الأصيل، ويلتقينا ونلتقيه،

عند كل منعطف في حياتنا الزاخرة بالهموم.

لقد كلَّفته أبياتٌ في شهداء الأرض المحتلّة يوماً

أن يغادر منصبه الرفيع في إحدى عواصم الغرب،

فلم يتردد في الوقوف إلى جانب الأبيات.. ونبذ كل ما عداها،

فهي صوته العميق، ووجوده الحقيقي. هي معناه.

ميدان آخر.. من ميادين الإبداع

الذي تجلَّت فيه موهبةُ هذا الشاعر العربي

هو ميدان الرواية..

كانت روايته الأولى (شقة الحرية)

مفاجأةَ لي، ولقرّاء العربية جميعاً.

أذكر أني لم أَملك أن أكتبَ، إِثْرَ قراءتها،

رسالةً مطولةً للشاعر الصديق غازي القصيبي،

رسالةً حاولت أن أسجل فيها كل ما تملّكني من

دهشة وإعجاب وفرح، وأنا اقرأ هذه الرواية

الفريدة التي كانت سجلاً لمرحلة من أهم المراحل

التي مرّ بها تاريخنا المعاصر، وأكثرها وهجاً وتأنقاً

لن أترك الحديث عن هذه الرواية يمر،

دون أن أشير إلى عنصر فيها ضاعف متعتي بقراءتها،

ألا وهو روح المرح، والنكتة، والدعابة،

التي غمرت أجواء الرواية كلها..

أيةُ روحٍ حلوة وشفّافة يملكها هذا الكاتب الشاعر

وهو يعرضُ عليكَ حياته، وحياة نفر من رفاقه، في عهد الدراسة، في الشقة التي أسموها: شقة الحرية، والتي

دارت فيها أحداثُ مرحلةٍ كاملة من تاريخنا العربي الحديث، كما ذكرت قبل قليل.

لا أكتم القارئ أني كنت أضحك، وأنا اقرأ بعض

المقاطع، حتى تطفر الدموع من عيني.

تلك في قناعتي ميزةٌ لا يملكها إلا ندرةٌ من الموهوبين

الذين يعرضون علينا ما يبدعون. وقد أشرتُ إلى هذا

في رسالتي المطوّلة التي بعثتُ بها إلى الصديق العزيز.

لقد عودتنا( الجزيرة) ألاّ تبخل علينا بعطائها المفاجئ..

كلما أمحلَ الزمن.. وقلَّ العطاء.

تحيةً للشاعر الكاتب الصديق

الجدير بأكثر من لمحة خاطفة، يرشح بها قلمٌ مُحِب.

سورية

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة