Culture Magazine Thursday  07/05/2009 G Issue 282
أقواس
الخميس 12 ,جمادى الاولى 1430   العدد  282
«نجدية» بعد «المر والأمر»
من جنيف إلى خريص

 

صدر ديوان الشاعر عبدالعزيز المسلم (المر والأمر) بعد وفاته رحمه الله بأكثر من ربع قرن وتم تكريمه في مهرجان عنيزة الثقافي الثاني، وبقيت نصوص لم يشملها الديوان، ومنها هذا النص الذي كتبه من (جنيف) يتذكر فيه أرضه وناسه، وعنوانه (نجدية)

نجدية

تعثَّر موكب السواح في تلّ من الأزهار..!

فليسَ هناكَ في تِلك الجبالِ الشُّمِّ أحجارٌ.. سوى الأنهار...!!

ولم يتجرَّحوا..!!

عجباً..! أوردٌ دونَ أشواكٍ...؟!

وكنتُ.. أنا وحدي.. لقد ساروا..

وقفْتُ لغيرِ ما وقفوا..

عجبتُ لغيرِ ما عجبوا..

صدى صوتٍ فزعْتُ به إلى حُلْمِي وعُدْتُ به لأحلامي..

أهذا الصوتُ في (زِرْمات)...؟!!

وكنتُ تركتُهُ في ركْبِ أعوامي..؟!

هناك.. على جَنَبَات ذي الرُّمَّة..

مع المِعْمَالِ.. والمِحْجَانِ.. والمِشْرَاقِ.. والخَيْمَة..!

يُظلِّلُها هجيرُ الشمسِ.. حُلْمٌ أنْ ترى غَيْمَهْ..!

تلفتَ خافقي رَجْفاً.. يدقُّ بعنفِ مَنْ يخشى على الأشواق أنْ تنهار..

أحقاً قد سمعْتُ (خْرِيْصْ)..؟؟ حقاً.. فالرَّنينُ العذْبُ

للحرفِ العُرُوبيِّ المنابعِ يخطفُ الأسماع..

وأوقفني صدًى للصَّادِ تضغطها

صفيراً يحرقُ المُلتاع..!

تأمَّلْتُ الصدى.. والصوتَ.. والعينين.. والصورة..!

وردَّتْ كلُّ أسئلتي.. جدائلها كحبلِ الوصلِ مضفورة..

أأنتِ هُنا..؟!

أجابَتْ.. غيرَ أنِّي.. لستُ مبهورة..!!

فحبَّاتُ الرِّمالِ الحُمْرِ في (الجادُولِ) في (دْلِيمَا).

و(هدَّاجٌ) بعيدُ الما.. هَمَاجُ الطعمِ.. في (تِيمَا)

(وَصُمَّانِي) و(دَهْنَائِي).. ووادٍ مجدبٌ هِيمَا

أحبُّ إليَّ من (زِرْمَات).. أو (لُوزَانَ).. أو (مُونْتُرُو)

وتلٌّ من رمالِ (الغْزيز).. أو صحراءَ مَمْحُولَة..

وتَغْرِيزٌ وبطناج وأرضٌ غيرُ مأهولة..

أعزُّ على خُطَى شوقي من (الهايْ ويْ) و(الأوتْرُو)

وأرضٌ ماؤُها نَزْرُ..

وتهجرُها السما .. زمناً.. ويحرقُ قلبَها الهَجَرُ..

أحبُّ إليَّ من أرضٍ يُجفِّفُ دمعَها المطرُ..

وتغسِلُها بُحيراتٌ.. بها تَعْرَى وتَتَّزِرُ..

وماذا بعدُ.. يُبْهِرُنِي: ..؟؟؟!

بشبرٍ من غبارٍ في صحارى (رُبْعِي الخالي)..

أبيعُ الكونَ يزرع كلَّ شِبْرٍ ألفُ شلاَّلِ..

وعُدْتُ أقولُ...: معذرةً...

تَبَادَلْنَا عتابَ الشوقِ للتُّرْبَة..

كِلانا غارَ.. يخشى أن تميلَ عواطفٌ في مِحْنَةِ الغُرْبَة

ولمْ نتبادلِ الأشواقَ للُّقْيَا.. كأنَّا ما تَفَارَقْنَا...؟!..

كأنَّ الموكبَ العشرينَ.. من سنواتِ بُعْدٍ لم يَكُنْ بَيْنَا..

(هلا).. عذراً لقد أوشَكْتُ أقلبه غناءً يفقدُ اللَّحْنَا..

ذكرْتُ لياليَ الأسمارِ في (الوادي) وفي (الخَنْدَق)

وصوتَ الطَّبْلِ في (كِحْلانَةٍ) يَدْوِي يُمَزِّقُ ليلَها المُطْبِقْ

ذكرْتُ خُطاكِ من (بابِ الخَلا) تَجْرِي إلى (مُصَبِّحْ)

ذكرْتُ حديثَنا تحتَ النخيلِ العُوجِ إذْ نُمسي وإذْ نُصبح

ذكرْتُ (الغَرْبَ) و(المِنْحَاةَ) و(الزِّرْنوقَ) و(الْجُوبَةْ)

ذكرْتُ خُطاكِ ما زَالَتْ تسيرُ إلى (مُصلَّى العيدِ) مَكْتُوبَةْ..

يميناً ما انبهرْتُ بكلِّ ما شاهدْتُ.. حَبُّوبَةْ

يميناً.. لم يَغِبْ عن خاطري وَطَنِي ولستُ أعيشُ غَيبوبَةْ..

ولكنِّي.. أعيشُ الشَّوْقَ والتَّبْرِيحَ.. والمِحْنَةْ..

أعيشُ الشوقَ أن يَفْتَرَّ ثَغْرُ الفَقْرِ عَنْ جَنَّةْ..

أعيشُ مع الْتِيَاعِ الوَجْدِ.. أنْ تتوَحَّمَ الصحراءُ بالجَنَّاتِ.. أن تَحْبَلْ..

وأنْ تتمخَّضَ الكُثْبَانُ في (الدَّهْنَاءِ) عن جَدْوَلْ..

وأنْ أَستبدِلَ.. (المِسْحاةَ).. و(الفَارُوعَ).. و(المِنْجَلْ)

وأنَّ سَوَاعِدَ الفلاَّحِ تبني الحقلَ والمعمَلْ

وأنَّ الشاطئَ الشرقيَّ من بَلَدِي لِخَيْرِ الشاطئِ الغربيِّ يَسْتَقْبِلْ

وأنَّ موانِئِي تستقبلُ الأفلاكَ فارغةً وتُرجِعُها تَنُوءُ بِثُقْلِ ما تَحْمِلْ..

أعيشُ مع الْتِيَاعِ الشَّوْقِ أنْ تُحْصَى فَيافِي البِيدِ بالبَرْجَلْ

وأنْ تعلُو على الراياتِ راياتِي وكلُّ مَوَاقِعِي تعمَلْ..

وأنْ ألقاكِ فوقَ (إِبانَ) لا (زِرْمَاتْ).. بَلْ أَجْمَلْ..


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة