Culture Magazine Thursday  09/04/2009 G Issue 278
فضاءات
الخميس 13 ,ربيع الثاني 1430   العدد  278
مداخلات لغوية
سعي للجودة أم سعي للتغريب؟
أبو أوس إبراهيم الشمسان

 

إنّ سعي جامعة الملك سعود في سبيل الجودة أمر محمود يشكر عليه معالي مدير الجامعة عبدالله العثمان وكل القائمين على تنفيذ مقتضيات الجودة، ولكن الأمر المحير أن تتخذ الجامعة من الإجراءات التي لا يظنها المراقب الحصيف من الجودة؛ لأن الجودة لا تعني أن تحارب أهم رموز الهويته الوطنية وهي اللغة القومية. أن تكون واجهة موقع الجامعة باللغة الإنجليزية وتكون النسخة العربية مجرد خيار في تلك الصفحة هو لون من التغريب لا شك فيه، وأن تحول الجامعة مقرر (101عرب، المهارات اللغوية) ومقرر (103 عرب، التحرير العربي) من مقررين إلزاميين لطلاب الجامعة إلى مقررين اختياريين هو تنحية للعربية وتحييد لها وبتر لآخر صلة لطلاب الجامعة بلغتهم في حين أنها تلزمهم بدراسة ثمانية ساعات للغة الإنجليزية، أليس هذا سعيًا حثيثًا نحو التغريب؟ وأن تصر الجامعة على تعليم الطلاب في الكليات العلمية باللغة الإنجليزية هو إصرار على التغريب. قد يقول قائل: إن لغة العمل في البلاد هي اللغة الإنجليزية، وهذا هو واقع الحال الأليم، نعم هذا ضد السياسة اللغوية التي تسعى الدول إلى انتهاجها، فكل أمة لها سياسة لغوية تسعى فيها إلى تعزيز مكان لغتها وتحسن تعليمها وتمكنها من ميادين العمل ولا تقصيها لتغزوها لغة أخرى في قعر دارها.

كانت اللغة العبرية في عداد اللغات الميتة في سنوات مضت، ولكنها اليوم لغة العلم والعمل في إسرائيل. ونحن اليوم نحيد لغتنا ونعطل إمكاناتها بحجج واهية لا تثبت عند التمحيص، عقدت مؤتمرات كثيرة ودارت ندوات كثيرة وألقيت محاضرات كثيرة كلها تلتقي في أهمية أن توضع العربية موضعها من حياة الناس في العمل والتعليم والإعلام.

وإن يكن القطاع الخاص يستسهل استعمال اللغة الأجنبية لكثرة الأجانب العاملين فيه ولكثرة تعامله مع الاقتصاد العالمي فإن الأجهزة الحكومية وعلى رأسها الجامعات غير معذورة في تخليها عن اللغة القومية.

يشهد العالم اليوم إقبالاً شديدًا على تعلم العربية في أوروبا وآسيا وأفريقيا والأمريكتين، ولكنا في المقابل نجد من أهل هذه اللغة ازورارًا عنها وارتماء في حضن اللغات الأجنبية مضحين بما تمثله هذه اللغة من تراثهم وما تمثله من هوية تخصهم.

وإني لأرجو أن يتدخل مدير الجامعة فيعيد الأمور إلى نصابها، وأن يضع العربية في موضعها الذي يليق بلغة القرآن وبلغة أمة تريد أن يكون لها منزلة بين أمم هذه الأرض وألا تذوب في غيرها فتكون تاريخًا عفا عليه الزمن.

وإني لأرجو من هذا المدير الجريء الطموح أن ينقل الجامعة نقلة نوعية بتعريب تعليمها، وهذا أحسبه أول طريق الجودة، قد يكون الأمر شاقًّا محفوفًا بالعقبات ولكني أحسبه قادرًا على تجاوز ذلك لما تنطوي عليه نفسه الكريمة من رغبة قوية صادقة في الخير.

* * *

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7987» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة